استؤنف تصدير الحبوب الأوكرانية، الخميس، بعد عودة روسيا سريعا إلى اتفاق دولي لضمان مرورها الآمن عبر البحر الأسود في أعقاب ضغوط دولية.
لكن الكرملين قال إن روسيا لم تقرر بعد ما إذا كانت ستمدد مشاركتها في الاتفاق بعد 19 تشرين الثاني، وهو موعد انقضائه الوارد في نصّ الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا لتجنّب أزمة غذاء عالمية.
كما اتهمت موسكو بريطانيا بتدريب القوات الأوكرانية على تنفيذ "عمليات تخريب" ومساعدتها في تنفيذ هجوم نهاية الأسبوع الفائت على أسطولها في البحر الأسود أعلنت اثره تعليق التزامها باتفاق تصدير الحبوب.
وقالت الخارجية الروسية في بيان "هذه الأعمال العدائية من جانب المملكة المتحدة تنطوي على خطر تصعيد الوضع وقد تؤدي إلى عواقب غير متوقعة وخطيرة".
ونفت كل من بريطانيا وأوكرانيا الاتهامات ووصفتها بأنها "كاذبة"، فيما أدى تعليق موسكو لاتفاق الحبوب إلى إدانة عالمية بسبب تأثيره خصوصا على الدول النامية.
بعد إعلان عودة روسيا إلى الاتفاق الأربعاء، أعلنت الأمم المتحدة الخميس أن سبع سفن تعبر ممر الشحن في البحر الأسود.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في تصريح للصحافيين الخميس على إن "مبادرة البحر الأسود لصادرات الحبوب (الأوكرانية) تحدث فرقا"، مضيفا "يسعدني أن أعلن أن المبادرة وصلت اليوم إلى مرحلة جديدة... تم تصدير 10 ملايين طن من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى عبر ممر البحر الأسود".
وأوكرانيا من أكبر منتجي الحبوب في العالم وعلق إثر بدء الغزو الروسي 20 مليون طن من الحبوب في موانئها إلى أن أبرم الاتفاق حول إنشاء ممر التصدير الآمن في تموز.
- مجموعة السبع تعد بمساعدات في الشتاء -
تكبدت روسيا سلسلة هزائم في ساحة المعركة في الشهرين الماضيين، ويبدو أن أوكرانيا تقف وراء سلسلة هجمات جريئة داخل حدود روسيا.
وردت موسكو بشن سلسلة ضربات صاروخية استهدفت البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا وتسببت في انقطاع واسع للتيار الكهربائي، ما أثار مخاوف بشأن التدفئة وإمدادات الطاقة والمياه هذا الشتاء.
وقبيل اجتماع مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى الخميس، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن المجموعة لن تسمح لروسيا "بتجويع" الأوكرانيين.
وأضافت بيربوك "لن نسمح بوحشية هذه الحرب أن تؤدي إلى موت جموع من كبار السن والأطفال والشباب والعائلات في أشهر الشتاء المقبلة".
- "كلمات فهمها بوتين" -
اعتبرت كييف أن طلب موسكو الحصول على ضمانات يظهر ضعفها، ونفت الخارجية الأوكرانية تقديم ضمانات أمنية بخلاف تلك الموجودة في الاتفاق الأصلي.
وقالت عبر فايسبوك "لم تعرّض أوكرانيا ممر الحبوب للخطر بتاتا" مضيفة أن موسكو عادت إلى الاتفاق بفضل "المساعي الديبلوماسية النشطة" للأمم المتحدة وتركيا.
وتابعت "بالتنسيق مع أوكرانيا، وجدتا كلمات فهمها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء إن استئناف الاتفاق "نتيجة ديبلوماسية مهمة لبلادنا وللعالم بأسره".
في الأثناء، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن مفتشيها لم يعثروا على دلائل على أي "أنشطة نووية غير معلنة" في ثلاثة مواقع قاموا بتفتيشها مؤخرا في أوكرانيا.
وبدأ المفتشون البحث في المواقع الاثنين بناء على طلب كييف لدحض اتهامات موسكو بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام "قنابل قذرة" ضد القوات الروسية.
وأعربت كييف عن مخاوف من أن موسكو نفسها قد تلجأ إلى استخدام "قنبلة قذرة" في هجوم "تنسبه لها زيفا".
- "أشعر بوحدة أقل" -
وتعود بعض مظاهر الحياة الطبيعية تدريجا إلى مناطق جنوب أوكرانيا وشرقها التي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها مؤخرا، رغم أن الوضع الإنساني لا يزال هشًا.
في مستشفى في إيزيوم بشرق أوكرانيا، قال المدير يوري كوزنتسوف إنه تمت إضافة مولد كهربائي مؤخرا ويجري العمل على استبدال النوافذ المحطمة.
وصرح الجراح البالغ 52 عاما لوكالة فرانس برس "لدينا حوالي 200 مريض اليوم مقارنة بخمسين في حزيران".
أما على الجبهة، فبقيت الخطوط الأمامية في شرق أوكرانيا وجنوبها جامدة إلى حد كبير في الأيام الأخيرة، لكن الضربات الصاروخية الروسية على منشآت طاقة في كل أنحاء البلاد، أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع فيما يقترب الشتاء.
وفي أجزاء من الجنوب استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها أخيرا، قال متطوعون إنهم قلقون بشأن أعداد السكان العائدين رغم الأخطار.
أما في بلدة ليماني، فأعربت المتطوعة يوليا بوغريبنا البالغة 32 عاما عن قلقها مع عودة كثير من السكان رغم الأخطار.
وقالت وهي توزع صناديق أغذية "سيكون الأمر أسهل بكثير لو لم يكن هؤلاء الأشخاص هنا".
من جهتها قالت ناتاليا باناشيي البالغة 54 عاما، وهي من السكان المحليين، "بالطبع من السابق لأوانه أن يعودوا. لكنني سعيدة لأنهم يعودون لأنني الآن أصبحت أشعر بوحدة أقل".
وعلى صعيد متصل، أعلنت القوات الانفصالية الموالية لروسيا الخميس تحرير 107 جنود في عملية تبادل أسرى مع كييف.
وأكدت كييف التبادل، وقال مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريتش يرماك عبر تلغرام "أفرج عن 107 عسكريين: ستة ضباط و 101 جندي ورقيب"، موضحا أن "كثرا منهم أصيبوا في آذار" أثناء القتال.