النهار

روسيا "جارة قويّة"... العلاقة بين أنقرة وموسكو ستبقى طيّبة أياً تكن نتيجة الانتخابات التركيّة
المصدر: رويترز
روسيا "جارة قويّة"... العلاقة بين أنقرة وموسكو ستبقى طيّبة أياً تكن نتيجة الانتخابات التركيّة
صورة ارشيفية- لقطة من بث مباشر لقناة CNN Turk، يظهر فيه إردوغان (الى اليسار) وبوتين يتكلمان خلال افتتاح محطة اكويو للطاقة النووية في مرسين (27 نيسان 2023، أ ف ب).
A+   A-
بغض النظر عمن سيفوز بالانتخابات التركية هذا الشهر، يُتوقع أن تحافظ الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي على علاقات طيبة بروسيا، بعدما صمدت هذه العلاقات على مدى سنوات طويلة شهدت تغيرات مثيرة في سياسة أنقرة الخارجية.

وقال محللون إن الدافع وراء هذا التغيير هو الأزمة الاقتصادية الشديدة في تركيا مما أجبر الرئيس رجب طيب إردوغان على إصلاح العلاقات المتوترة بدول، مثل الإمارات والسعودية وإسرائيل، بعدما انتقدها بشدة في السابق.

وجعلت حرب روسيا ضد أوكرانيا، وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، الداخل التركي يدرك أن الوقت غير مناسب لأنقرة للدخول في معارك دولية كانت من سمات حكم إردوغان الذي دام عقدين.

ويجري التقارب مع مصر بل إن هناك محاولة لاستئناف العلاقات مع سوريا بعد 12 عاما من بدء الحرب السورية.

وقال فاتح جيلان، رئيس مركز أنقرة للسياسات ومقره في أنقرة "كانت التحولات التامة بدافع الضرورة، وليست خيارا متعمدا".

لكنه أضاف أن روسيا رغم ذلك جارة يتعين على تركيا العمل معها.

وأجرت تركيا عملية توازن ديبلوماسي منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط 2022. وتعارض أنقرة العقوبات الغربية على روسيا ولها علاقات وثيقة بكل من موسكو وكييف. كما انتقدت الغزو الروسي وأرسلت طائرات مسيرة مسلحة إلى أوكرانيا.

وأضاف جيلان "لا تستطيع تركيا تنحية روسيا جانبا، فهي جارة قوية ولدينا بعض العلاقات الاقتصادية والتجارية القوية التي ترتبط مباشرة بمصالحنا الوطنية".

وشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإردوغان الشهر الماضي في افتتاح أول محطة للطاقة النووية في تركيا أقامتها شركة روساتوم الروسية للطاقة النووية.

وقال بوتين إنه مشروع رائد يساعد في "تعزيز الشراكة متعددة الأوجه بين دولتينا".

وتجري تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية في 14 أيار ربما تعتبر الأكثر أهمية في تاريخ البلاد الحديث.

وأدت أزمة ارتفاع كلفة المعيشة الناجمة عن التضخم إلى تقلص التأييد الذي يتمتع به إردوغان في السنوات القليلة الماضية، وتظهر استطلاعات الرأي أنه يأتي في مرتبة تالية لخصمه الرئيسي كمال قليجدار أوغلو.

وقالت بيرغول دمرداش، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة التركية الألمانية في اسطنبول، إن "أي أزمة سياسية خارجية ممتدة قد تلحق مزيدا من الضرر بالاقتصاد التركي".

موقف جديد؟
وقال أحمد كامل إروزان، نائب رئيس الحزب الصالح، وهو واحد من أحزاب ستة يتألف منها تحالف المعارضة، إن موسكو قلقة من أن أي تغيير في الحكومة قد يؤدي إلى موقف أكثر ولاء للغرب من جانب تركيا.

وقال إروزان الذي يُنظر إليه باعتباره أحد المنافسين على منصب وزير الخارجية إذا فازت المعارضة "يتعين علينا إعادة تقييم علاقاتنا بروسيا والولايات المتحدة في اليوم الأول من العمل لأن سياسة إردوغان كانت قائمة على أساس العلاقات الشخصية".

وأضاف إروزان، وهو ديبلوماسي سابق، أن تركيا ستسعى لتقليص اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا من 50 إلى 30 بالمئة، إذا فازت المعارضة في الانتخابات.

وحافظت تركيا على علاقات ودية بروسيا على الرغم من الحرب في أوكرانيا. وفي العام الماضي، توسطت أنقرة والأمم المتحدة في اتفاق سمح باستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود.

وقال جيلان الذي شغل أيضا منصب مبعوث تركيا في حلف شمال الأطلسي إن نهج تركيا المتوازن تجاه روسيا لن يتغير إذا حل قليجدار أوغلو محل إردوغان.

وتتمتع تركيا بعلاقات اقتصادية وثيقة مع روسيا، بما في ذلك السياحة وإمدادات الغاز والحبوب وتجارة المنتجات الزراعية الأخرى.

وتعهد قليجدار أوغلو نفسه "بمواصلة العلاقات التركية الروسية من دون انتقاص وبصورة جديرة بالثقة" إذا انتُخب رئيسا.

وقال تحالف المعارضة الذي تعهد بالتراجع عن كثير من سياسات إردوغان، إنه سيعطي الأولوية للديبلوماسية ويتخلى عن أسلوب المواجهة الذي اتسمت به السياسة الخارجية التركية في العقد الماضي.

ويريد التحالف عودة وزارة الخارجية لتولي زمام الأمور ويتعهد ببناء علاقات بالولايات المتحدة وروسيا على أساس الثقة المتبادلة.

ورحب المنافسون الإقليميون بالتغييرات في سياسة أنقرة الخارجية لكن علاقتها مع الاتحاد الأوروبي ما زالت معقدة.

وقال إروزان إن تحالف المعارضة يرى في الانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي هدفا راسخا، مضيفا أن قيم الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان والديموقراطية وسيادة القانون تتماشى مع رؤيته.

وقالت دمرداش إن المعارضة تعتزم العودة إلى المعايير التقليدية للسياسة الخارجية التركية الراسخة في التوجه نحو الغرب.

وأضافت "لكن يجب ملاحظة تأكيدهم على المساواة في العلاقات الدولية لتركيا بجميع الفاعلين الدوليين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium