النهار

من هم المتّهمون الـ19 مع صلاح عبد السلام في قضية هجمات 13 تشرين الثاني 2015 في فرنسا؟
المصدر: أ ف ب
من هم المتّهمون الـ19 مع صلاح عبد السلام في قضية هجمات 13 تشرين الثاني 2015 في فرنسا؟
صورة ارشيفية- رسم يصور (من اليسار) المتهمين محمد عمري ومحمد عبريني إلى جانب صلاح عبد السلام، خلال مثولهم امام المحكمة في قصر العدل في باريس (14 أيلول 2021، أ ف ب).
A+   A-
يحاكم منذ تسعة أشهر في قضية هجمات 13 تشرين الثاني 2015 في فرنسا 19 شخصا مع صلاح عبد السلام، العضو الوحيد الذي ما زال على قيد الحياة من المشاركين في الاعتداءات التي خلفت 130 قتيلا... فمن هم؟ 

- صاحب القبّعة -
المتهم "الأشهر" لعامة الناس بعد صلاح عبد السلام هو البلجيكي محمد عبريني البالغ 37 عاما، ويعرف باسم "صاحب القبّعة" الذي صورته كاميرات المراقبة في مطار بروكسيل في آذار 2016 معتمرا قبعة ويدفع عربة تحمل متفجرات قبل أن يتخلى عنها ويهرب.

تحدث عبريني أثناء التحقيق وكذلك أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس، وقد أقلقت بعض أقواله الصريحة محاميه الذين وصفوه بأنه شخص "عفوي".

لكن في قفص الاتهام الذي ساده الهدوء في غالب الأحيان، كان من القلائل الذين فقدوا أعصابهم بعد منعه من التحدث مع "صديق" طفولته صلاح عبد السلام ووصفه عناصر الدرك بأنهم "معوقون". كما صرخ عندما تعرض أقارب للمتهمين لانتقادات من محامي الأطراف المدنية رغم أنهم "لم يفعلوا شيئا".

مع ذلك، كشف عبريني أمرا نادرا خلال المحاكمة.

إذ قال الرجل "لقد كان من المقرر أن أشارك حتى في 13 تشرين الثاني"، مضيفا أنه رغم "قبوله كل شيء" من تنظيم الدولة الإسلامية إلا أنه لم يكن أبدًا "قادرا" على تنفيذ هجوم وانتهى به الأمر بالتراجع مرتين، في باريس ثم في بروكسيل.

- الصامتون -
في تشرين الثاني، عرضت المحكمة مقطع فيديو دعائي لتنظيم الدولة الإسلامية يُظهر طيارًا عسكريا أردنيًا يُحرق حتى الموت في قفص في سوريا. في صفوف المقاتلين الملثمين الذين كانوا يشاهدون الإعدام تظهر عينا أسامة كريم الذي تم تعرف عليه من ندبة في حاجبه.

لم يبد السويدي البالغ 29 عاما ورفيق صلاح عبد السلام في بروكسيل، أي تعاطف عند عرض الفيديو ولا طوال المحاكمة.

في المرات القليلة التي شوهد فيها في المحكمة بعد رفضه المثول أمامها لشهور، جلس مطأطأ الرأس وشعره الأسود الطويل يخفي وجهه جزئيا. ولطالما تمسك المتهم بحقّه في التزام الصمت عند طرح أسئلة حول القضية. 

وقال في تصريح مكتوب في كانون الثاني "في البداية، اعتقدت أنني سأتحدث أمام هذه المحكمة، ثم رأيت كيف تسير النقاشات وفقدت الأمل. الجميع يتظاهرون. هذه المحاكمة مجرد خدعة".

ويُشتبه في أنه أراد تنفيذ هجوم في مطار أمستردام في 13 تشرين الثاني 2015 مع المدعى عليه الآخر سفيان عياري، لكن ذلك لا يزال غير ثابت لأن الأخير رفض أيضا الإجابة على الأسئلة.

لكن عياري التونسي البالغ 28 عامًا كسر صمته مرة واحدة في شباط ليتحدث عن انخراطه في تنظيم الدولة الإسلامية كمقاتل.

وقال حينها إن "دموع" أمه فقط هي ما كان يمكن أن يحول دون سفره إلى سوريا، وذلك بعد تأثره بكلمات والدة إحدى الضحايا التي أرادت "فهم" ما "دار في رأسه" قائلة له إن "أقل ما يمكنك القيام به هو شرح ذلك". 

وقد ذُهل الجميع باللغة الدقيقة التي استعملها المتهم صاحب الرأس الحليق واللحية الطويلة.

لكن سرعان ما عاد الإحباط عندما أعلن أنه لن يجيب بعد ذلك على الأسئلة المتعلقة بهجمات باريس وبروكسيل والتي سيحاكم عليها اعتبارا من الخريف.

وقال مبررا موقفه "سأدافع عن نفسي لمدة عامين بلا كلل لأحكَم أخيرًا بثمانين عاما. بالنسبة الى من هم مثلي، الأمل خطير".

أدلى المتهم الصامت الثالث بالحجج نفسها خلال المحاكمة، وهو اللوجستي المشتبه فيه محمد البقالي الذي سبق أن حُكم بالسجن لمدة خمسة وعشرين عامًا (وقد استأنفه) في قضية الهجوم الفاشل على قطار تاليس الذي أنكر تورطه فيه. 

وقال البلجيكي المغربي البالغ 35 عاما للمحكمة "ناضلت. حُكم علي بشدة على أمر لم أفعله، لقد حطمني ذلك"، وأردف "لقد استنفدت جهدي".

- "الأصدقاء الحميمون" -
ساعد محمد عمري وحمزة عطو وعلي أولقاضي صديقهم الذي ترعرعوا معه في حي مولينبيك في بروكسيل صلاح عبد السلام ليل 13 تشرين الثاني أو في بداية هروبه، لكنهم أقسموا أنهم لم يعلموا "في أي وقت" بضلوعه في الهجمات.

ظهر الأول في محكمة في حالة توقيف، فيما جلس الآخران طليقين في مقعدين أمام قفص الاتهام.

قال محمد عمري البالغ 33 عاما بصوت أجشّ بسبب سنوات من تعاطي الحشيش بكثافة، إن ما فعله "خطأ حياتي". أما حمزة عطو "المصدوم والشاحب" والذي كان حينها تاجر مخدرات صغيرا يبلغ 21 عامًا، فأكد أنه لم يفكر في الإبلاغ عنه.

وبعينين دامعتين، قال أولقاضي مخاطبا عبد السلام "لو لم تقرر الاتصال بي في ذلك اليوم، لما كنتُ هنا. لقد أزهقت أرواح سدى".

هناك أيضا "صديقان حميمان" آخران اقتصر دورهما على "المساعدة"، هما علي الحداد عاصوفي وعبد الله شعاع الذي حضر المحاكمة طليقا.

الأول تلقى دروسه الثانوية مع إبراهيم البكراوي كبير مسؤولي اللوجستيات في هجمات 13 تشرين الثاني ثم الانتحاري في هجمات بروكسيل، والذي قام معه برحلات مشبوهة قبل الهجمات.

أما الثاني الذي كان يرتاد حينها بكثافة مواقع المواعدة الإلكترونية، فقد كان قبل كل شيء صديق "حفلات" لمحمد عبريني. ويُحاكم عبد الله شعاع على خلفية اصطحابه من المطار لدى عودته من سوريا.

- "تعيسا الحظ" -
يربط فريد خرخاش البالغ 39 سنة شعره إلى الخلف لإخفاء أثار داء الثعلبة المرتبط بالتوتر، وهو الوحيد الذي لا يعرف أيًا من المتهمين الآخرين.

خلال المحاكمة، شرح بالتفصيل "حظه التعيس" في الحياة على غرار حالات الرهاب التي جعلت تجربة التوقيف جحيماً، والأوراق الثبوتية التي قام بتزويرها قبل أن "ينخلع قلبه" عندما اكتشف أنها استُخدمت في الهجمات.

البلجيكي-المغربي ياسين عطار البالغ 35 عامًا هو أيضا تائه في تفاصيل القضية.

وقال معتذرا أمام المحكمة "أريد أن يعرف الجميع كل شيء عني. أن يفهم الجميع من أكون، وأنني بريء وحسن النيّة". 

أكد عطار أنه يحب ركوب الدراجات المائية أكثر من الجهاد، لكنه يحمل وزرا عائليا ثقيلا فهو الأخ الصغير لراعي الهجمات أسامة عطار وابن عم الأخوين البكراوي اللوجيستيين والانتحاريين في هجمات بروكسيل. وأكد أن ذلك كل ما يربطه بالقضية.

- "المنسيّان" -
لم نسمع صوتهما منذ كانون الثاني وكدنا ننسى أنهما هناك وهما جالسان بهدوء على مقاعد قفص الاتهام.

سلك الباكستاني محمد عثمان والجزائري عادل حدادي مسالك المهاجرين مع انتحاريين اثنين فجرا نفسيهما في "استاد دو فرانس"، وكانا بحسب النيابة ضمن فريق الهجوم، لكن تم القبض عليهما في اليونان.

لذلك تم استجوابهما مرة واحدة فقط حول موضوع الدعوى من خلال مترجمين فوريين.

أنكر محمد عثمان، السمين والحليق الرأس، أنه أمضى عشر سنوات في جماعة جهادية باكستانية وأثار غضب المحكمة بزعمه أن كل ما فعله أثناء إقامته في الأراضي التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية هو "تلاوة القرآن".

- الغائبون الكبار -
قال محمد عبريني إن "الأشخاص الأحد عشر الذين يوجدون هنا في القفص لا يمثلون شيئا! أولئك الذين نفذوا (هجمات) 13 تشرين الثاني لم يعودوا هنا". وأثار المتهم بتصريحه أسئلة يقول إنه لا يعرف إجاباتها.

يُحاكم خمسة من كبار قادة تنظيم الدولة الإسلامية غيابيًا على رأسهم أسامة عطار، لكن لم يتم ذكر أسمائهم وخلفياتهم إلا قليلاً جدًا في المحاكمة.

إضافة إلى مُصدر الأوامر، يحاكم قائد الخلية الجهادية أحمد الخلد (اسم حركي للسوري عمر ظريف) الذي يُزعم أنه صنع الأحزمة الناسفة وغادر بلجيكا قبل الهجمات بفترة وجيزة، وعبيدة عارف ديبو وهو قيادي سوري آخر في "العمليات الخارجية"، والأخوان فابيان وجان ميشيل كلاين "صوت" التسجيلات الصوتية التي أعلنت مسؤولية التنظيم عن هجمات باريس.

ويُفترض أن هؤلاء قتلوا في ضربات غربية في سوريا.

وأخيرًا هناك أحمد الدهماني وهو بلجيكي مغربي يبلغ 33 عامًا وصديق مقرب لصلاح عبد السلام، يُتهم بالمساعدة في التحضير للهجمات. لكنه فر في 14 تشرين الثاني 2015 إلى تركيا حيث حُكم عليه عام 2016 بالسجن عشر سنوات ولا يزال محتجزًا هناك. 

اقرأ في النهار Premium