تعهدت عشرات الدول خلال اجتماع في سويسرا اختتم الثلثاء، تقديم الدعم لأوكرانيا من خلال عملية يتوقع أن تكون طويلة ومكلفة، واتفقت على الحاجة لإصلاحات واسعة لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.
وقع مسؤولون من قرابة 40 بلدا في ختام مؤتمر استمر يومين في مدينة لوغانو بجنوب سويسرا، "إعلان لوغانو" الذي وضع مجموعة من الأسس لإعادة بناء أوكرانيا.
ونبه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من كييف، الى أن العمل سيكون "ضخما" وأنه واجب "العالم الديموقراطي بأسره".
ونبه رئيس حكومته دنيس شميغال، الذي ترأس وفد كبيرا إلى لوغانو، إلى أن كلفة التعافي من جراء الدمار الواسع الناجم عن الغزو الروسي الذي بدأ قبل أربعة أشهر، ستبلغ 750 مليار دولار على الأقل.
وقال إن تبني الإعلان ومجموعة من سبعة مبادئ مؤسِسة لإعادة إعمار أوكرانيا "تبعث على أمل كبير".
وصرح أمام الصحافيين "سننتصر، سنجدد بلدنا... علينا أن نجعل كل ما دُمّر أفضل مما كان عليه".
من جهته رحب الرئيس السويسري إينياتسيو كاسيس، الذي شارك في استضافة المؤتمر، بالإعلان بصفته "خطوة أولى مهمة على طريق التعافي الطويل لأوكرانيا".
وقال في ختام المؤتمر وبعد دقيقة صمت تكريما لضحايا الحرب "عملنا يمهد لفترة ما بعد الحرب، حتى وإن كانت الحرب مستمرة".
- مكافحة الفساد -
من بين المبادئ التي تم الاتفاق عليها الثلثاء، وافقت الدول على أن تكون أوكرانيا نفسها مركز القيادة في ما يتعلق بكيفية إعادة الإعمار، وعلى أن تترافق عملية التعافي مع إصلاحات واسعة.
وجاء في الإعلان "ينبغي تعزيز سيادة القانون باستمرار والقضاء على الفساد".
وفيما تتدفق مليارات الدولارات من المساعدات إلى أوكرانيا، فإن استمرار المخاوف إزاء تفشي الفساد في هذا البلد حتّم دعوة كييف لضمان الشفافية والمساءلة.
وكثيرا ما صنفت منظمة الشفافية الدولية الجمهورية السوفياتية السابقة من بين أكثر الدول فسادا في العالم. وفي أوروبا، تحتل فقط روسيا وأذربيجان مرتبتين أدنى منها.
وشدد شميغال الثلثاء على أن أوكرانيا اتخذت بالفعل خطوات كبيرة لمعالجة المشكلة، من بينها رقمنة الخدمات العامة ومنح عقود في قطاعات مثل البناء، لخفض "التفاعل البشري" والحؤول دون الفساد في المعاملات.
والهدف، على ما قال، "ليس محاربة الفساد إنما جعل الفساد مستحيلا".
وبالنسبة لمصدر تسديد الكلفة الباهظة، اقترح شميغال الاستعانة في جزء كبير منها بأصول روسية مصادرة. وقال إن الأصول التي جمدها شركاء أوكرانيا حتى الآن تبلغ ما بين 300 و500 مليار دولار.
وقال "العدوان من دون سبب يجب أن يُسدد من جانب المعتدي".
ومتحدثا إلى جانبه، شدد الرئيس السويسري الذي طالما اعتبرت بلاده وجهة مفضلة للأثرياء الروس للاستثمار وإيداع الأموال، على أهمية احترام حقوق الملكية وسيادة القانون.
وكان شميغال قد عرض الإثنين خطة حكومية من ثلاث مراحل لإعادة الإعمار تركز على الحاجات الملحة للمتضررين من الحرب، يليها تمويل الآلاف من مشاريع إعادة البناء على المدى الأبعد، وفي نهاية المطاف على تحويل أوكرانيا إلى بلد أوروبي أخضر ورقمي.
وللدفع قدما بالخطة، تحدث عدد من الوزراء إضافة إلى السيدة الأوكرانية الأولى أولينا زيلينسكا الإثنين لتوضيح احتياجات إعادة الإعمار الهائلة، وعن رؤيتهم لأوكرانيا جديدة.
- في المدى البعيد -
اقترح الأوكرانيون أن "تتبنى" الدول الحليفة مناطق معينة من أوكرانيا وتقود جهود التعافي فيها لجعلها أكثر فاعلية.
اقترحت بريطانيا أن تتولى منطقة كييف، فيما تركز فرنسا على منطقة شيرنيهيف التي تعرضت لقصف مدمر. وكانت استراليا والدنمارك من بين الدول التي ابدت اهتمامها في قيادة جهود إعادة إعمار محددة.
وقال الديبلوماسي الفرنسي الرفيع فرنسوا ديلاتر لوكالة فرانس برس "نفهم أن ذلك هو للمدى البعيد، ونحن جاهزون".
اعتبر اجتماع لوغانو خطوة أولى نحو إعادة إعمار أوكرانيا. ومن المقرر أن تليه مؤتمرات متابعة عدة، ينظم إحداها الاتحاد الأوروبي في غضون أشهر قليلة.
وافقت لندن على استضافة "مؤتمر تعافي أوكرانيا" العام القادم، فيما أعلنت ألمانيا استعدادها لاستضافة نسخة 2024 منه.
وقال شميغال "أنا على ثقة بأنه خلال عام لن نتحدث عن مسودة خطة بل عن نتائج ومشاريع ناجحة وفرص تحققت".