يلتقى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، اليوم الجمعة، للمرة الثانية خلال ما يزيد قليلا عن أسبوعين، بعد أن ساعدت تركيا في التوسط في اتفاق لاستئناف صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود بعدما عرقل الغزو الروسي الصادرات.
يقول أنصار الرئيس إردوغان إن الاتفاق، التي يمكن أن يحد من ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، يسلط الضوء على أهمية الاتصالات الديبلوماسية لتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي مع الجانبين.
وعلى الرغم من أن تركيا انتقدت الغزو الروسي وزودت أوكرانيا بالسلاح، إلا أنها خالفت الحلفاء الغربيين بعدم فرض عقوبات على روسيا.
ويعكس هذا التوازن الدقيق مدى تعقيد علاقاتها بروسيا، بداية من التعاون الوثيق في إمدادات الطاقة إلى المنافسة العسكرية في سوريا وليبيا وأذربيجان.
أوكرانيا
بعد أيام من اجتماع الرئيسين بوتين وإردوغان في طهران الشهر الماضي، أشرفت تركيا على اتفاق لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية.
وبموجب الاتفاق، تستضيف تركيا مركزا مشتركا حيث سيعمل ممثلو روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة على ضمان النقل الآمن لصادرات أوكرانيا إلى الأسواق العالمية.
وتعتمد تركيا بشكل كبير على روسيا وأوكرانيا لتأمين احتياجاتها من الحبوب. ومثلت الواردات الروسية 56 بالمئة من واردات الحبوب التركية في عام 2021 بقيمة 2.24 ملياري دولار، في حين بلغت الواردات من أوكرانيا 861 مليون دولار.
مبيعات الأسلحة
لعبت طائرات بيرقدار التركية المسيرة التي بيعت لأوكرانيا دورا بارزا في إبطاء تقدم القوات الروسية عندما توغلت في الأراضي الأوكرانية في فبراير شباط.
لكن تركيا لديها أيضا علاقات دفاعية متنامية مع روسيا.
واشترت بطاريات منظومة الدفاع الصاروخي الروسية من طراز إس-400 في عام 2019، وأشارت إلى أنها قد تشتري المزيد، مما أغضب واشنطن التي ألغت بيع طائرات مقاتلة أمريكية من طراز إف-35 وفرضت عقوبات على الصناعات الدفاعية التركية.
وأشار إردوغان العام الماضي إلى أن تركيا تدرس المزيد من الخطوات المشتركة في مجال الدفاع مع روسيا، ليشمل ذلك الطائرات المقاتلة والغواصات.
خصمان في الحرب
في سوريا، تدعم تركيا مقاتلي المعارضة الذين بدوا ذات يوم أنهم على وشك الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، إلى أن دعم التدخل الروسي الزعيم السوري وساعد في تراجع المعارضة المسلحة إلى جيب صغير في شمال غرب سوريا على الحدود التركية.
في شباط 2020، عندما قتلت ضربة جوية ما لا يقل عن 34 جنديا تركيا، أرسلت تركيا تعزيزات إلى منطقة إدلب شمال غرب سوريا لوقف تقدم القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا والتي تسببت في نزوح مليون شخص.
وقال إردوغان إن تركيا تخطط لتوغل آخر في شمال سوريا مستهدفة مناطق يسيطر عليها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية السورية، مما أثار انتقادات من روسيا وإيران والولايات المتحدة.
في ليبيا، أدى التدخل العسكري التركي إلى صد هجوم على الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس شنته قوات متمركزة في الشرق بدعم، وفقا لخبراء الأمم المتحدة، من مقاتلين ينتمون لمجموعة فاجنر الروسية.
في أذربيجان، دعمت تركيا هجوما عسكريا لطرد القوات العرقية الأرمنية من جزء كبير من منطقة ناغورنو- كراباخ الجبلية في جنوب القوقاز - وهي منطقة تعتبرها روسيا جزءا من مجال نفوذها.
الطاقة
شكل الغاز الطبيعي الروسي 45 بالمئة من مشتريات الغاز التركية المعتمدة على الاستيراد العام الماضي، والتي سجلت مستوى قياسيا نتيجة للجفاف والزيادة المرتبطة بإنتاج الطاقة الكهربائية المعتمد على الغاز.
كما تشيد شركة روساتوم الروسية العملاقة المتخصصة في الطاقة النووية محطة نووية في أكويو بجنوب تركيا التي قال بوتين إنها ستبدأ العمل العام المقبل.
ومن المتوقع أن توفر المحطة ما يصل إلى 10 بالمئة من احتياجات تركيا من الطاقة وستستمر شركة روساتوم في تشغيلها وإدارتها لعقود عدة.
السياحة
زار سبعة ملايين سائح روسي تركيا في عام 2019، وهو أكبر عدد استقبلته تركيا من أي دولة، قبل أن تعطل جائحة فيروس كورونا بشكل كبير السفر إلى الخارج. ولا تزال السياحة مصدرا مهما للعملة الصعبة للاقتصاد التركي.
الكيمياء بين الزعيمين
قاد بوتين وإردوغان بلديهما على مدى عقدين من الزمن.
في عام 2015، أسقط الجيش التركي طائرة روسية عبرت إلى المجال الجوي التركي، مما أدى إلى أزمة في العلاقات. لكن بعد أقل من عام، كان بوتين من أوائل زعماء العالم الذين أظهروا دعمهم لإردوغان عندما نجا من محاولة انقلاب، مما وضع الأساس لعلاقاتهما الدفاعية المتنامية.
ومع ذلك، فقد أبقى كل منهما الآخر منتظرا خلال اجتماعات قمة، مما أثار تكهنات وسائل إعلام حول حيل لإثبات الزعامة. وفي عام 2020، ترك بوتين إردوغان ينتظر لدقيقتين، ليواجه بوتين الموقف نفسه في طهران الشهر الماضي.
وتساءل موقع تي24 التركي في عنوان رئيسي "هل كان ذلك انتقاما؟".