يعتزم الأوروبيون والولايات المتحدة زيادة الضغط على إيران هذا الأسبوع مع احتمال التصويت على قرار في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في ظل تعثر المحادثات الرامية إلى إحياء اتفاق 2015 النووي.
وبدأ اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين في مناخ محموم: إذا اعتمد القرار في الأيام المقبلة، فسيكون أول نص يوجه انتقادات منذ حزيران 2020، في مؤشر الى نفاد صبر هذه الدول في وقت يحذّر ديبلوماسيون من أن فرص إنقاذ الاتفاق النووي تتضاءل.
ويحض النص الذي أعدته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، طهران على "التعاون التام" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
انطلقت المحادثات الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق في نيسان 2021 بهدف إعادة الولايات المتحدة إليه ورفع العقوبات المفروضة على إيران مجددا وحضّها على الحد من نشاطاتها النووية.
وأتاح اتفاق 2015 رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران، في مقابل تقييد برنامجها النووي. الا أن مفاعيله باتت في حكم الملغاة منذ انسحاب واشنطن منه في عهد دونالد ترامب عام 2018 وإعادة فرضها عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة إلى التراجع عن التزامات بموجبه.
وطرأ الجمود على محادثات إعادة إحيائه في الأشهر الأخيرة.
وحذّر مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي يتولى تنسيق المحادثات في تغريدة نهاية الأسبوع من أن فرص العودة إلى الاتفاق "تتقلّص".
وأضاف "لكن ما زال بإمكاننا تحقيق ذلك عبر بذل جهد إضافي".
وعند افتتاح الاجتماع، أعرب المدير العام للوكالة الأممية رافايل غروسي عن أسفه لعدم وجوب إجابات "ذات مصداقية تقنية" من إيران بشأن آثار اليورانيوم المخصب التي عثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة في البلاد.
وتسمّم هذه القضية العلاقات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ فترة طويلة.
وقال غروسي للصحافيين "آمل بأن نلتزم في نهاية مداولات المجلس هذا الأسبوع، حل المشكلة نهائيا" مضيفا "علينا مواصلة العمل حتى نتوصل الى توضيح، لا أرى حلا آخر".
- "رسالة" -
وانتقدت إيران مجددا مبادرة "غير بناءة" يحتمل أن يكون لها "تأثير سلبي على كل من تعاوننا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلى مفاوضاتنا"، وفق الناطق باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده.
وأضاف خطيب زاده في تصريحات للتلفزيون الرسمي الاثنين "لن نصدر أحكاما مسبقة وسننتظر نتائج جلسة المحافظين لنعلن موقفنا بما يتناسب معها".
وهذا التصويت قد "يعرقل" المحادثات في فيينا، وفق الصين وروسيا اللتين ما زالتا طرفين في الاتفاق إلى جانب الدول الأوروبية الثلاث.
وفي تقرير أواخر الشهر الماضي، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود أسئلة لم تحصل على "توضيحات" بشأنها تتعلق بوجود آثار يورانيوم مخصب عثر عليها سابقا في ثلاثة مواقع لم تعلن إيران أنها كانت تجري فيها نشاطات نووية.
وتوعّدت إيران برد "فوري" على أي خطوة "سياسية" تقوم بها الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث.
وحذّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الأحد من أن "الأطراف الذين يعرقلون المسار الديبلوماسي سيتحمّلون مسؤولية تبعات اعتماد أي قرار ضد إيران" في مجلس المحافظين.
وقالت الخبيرة لدى "رابطة ضبط انتشار الأسلحة" كيلسي دافنبورت لوكالة فرانس برس إن "لا مبرر لفشل إيران المتواصل في التعاون على نحو ذي مغزى مع تحقيق الوكالة".
وأضافت "يعد إصدار قرار يوبخ إيران ضروريا لبعث رسالة مفادها بأن رفض التعاون مع الوكالة والإخفاق بالالتزامات المتعلقة بالضمانات سيواجه بعواقب".
بدورها، حذّرت الصين وروسيا، اللتان ما زالتا طرفا في الاتفاق النووي إلى جانب بريطانيا وألمانيا وفرنسا، من أنه من شأن أي قرار من هذا النوع أن يعرقل المفاوضات.
ودعا السفير الروسي ميخائيل أوليانوف عبر تويتر الاتحاد الأوروبي إلى "مضاعفة الجهود الديبلوماسية".
وحذّر في تغريدة الأحد من أن اجتماع مجلس محافظي الوكالة سيسوده "التوتر".
- شبح حرب أوكرانيا -
لكن حتى وإن ساد التوتر، يستبعد بأن تنهار المفاوضات، بحسب الباحث في "المعهد الدولي للدراسات الإيرانية - رصانة" كليمان تيرم.
وقال "نظرا إلى الحرب في أوكرانيا، فإن الأوروبيين غير مستعدين لإشعال أزمة جديدة مع إيران في وقت يتعاملون بالفعل مع أزمة مرتبطة بروسيا" التي غزت جارتها في شباط.
وأشار إلى أن القرار سيصاغ "بطريقة لا تغلق الباب أمام إجراء مزيد من المفاوضات".
علّقت المباحثات رسميا في آذار، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية، وهو طلب امتنعت واشنطن عن تلبيته خصوصا قبيل انتخابات منتصف الولاية الرئاسية المرتقبة في تشرين الثاني.
وقالت دافنبورت إن "الثمن السياسي الذي سيدفعه (الرئيس الأميركي جو) بايدن لقاء رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني باهظ، لكنه يبدو ضئيلا لدى مقارنته بالتهديد الذي تمثّله إيران المسلحة نوويا".
وأشارت إلى أن على إدارة بايدن أن تضاعف جهودها للتوصل إلى "مقترحات مبتكرة لإعادة المفاوضات إلى مسارها".
وبحسب آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تملك الجمهورية الإسلامية حاليا 43,1 كيلوغراما من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة.
وقال غروسي "إنها مسألة وقت فقط" قبل أن يصبح لديهم ما يكفي لصنع قنبلة مشيرا إلى "أسابيع قليلة على الأكثر".
ونفت طهران مرارا وجود أي نية لديها لتطوير سلاح نووي.