حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مناورات عسكرية واسعة النطاق الثلثاء تشارك فيها الصين ودول عدة أخرى تعتبر صديقة لروسيا، فيما تسعى موسكو لتعزيز شراكاتها في آسيا بمواجهة العقوبات الغربية.
وجدت روسيا نفسها في حالة عزلة متزايدة في ظل تفاقم التوتر بين موسكو والعواصم الغربية منذ أرسلت قوات إلى أوكرانيا الموالية للغرب في 24 شباط.
وفي وقت فرضت واشنطن وبروكسيل عقوبات غير مسبوقة على موسكو، سعى بوتين للتقرّب من دول في إفريقيا وأميركا الجنوبية وآسيا، خصوصا الصين.
وحضر بوتين الثلثاء مناورات "فوستوك-2022" التي تجري في مواقع تدريبية في الشرق الأقصى الروسي وفي البحر قبالة ساحل روسيا الشرقي، بحسب ما أفاد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف وكالات إخبارية محلية.
وقد ظهر بوتين مبتسما وهو يمازح وزير دفاعه، بينما كان يتفقد التدريبات العسكرية واسعة النطاق في أقصى الشرق الروسي، على بعد آلاف الأميال من الحرب في أوكرانيا.
ونُقل عن بيسكوف قوله إن بوتين يعقد اجتماعا مع وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف في ميدان سيرغيفسكي العسكري ويمكن أن يتابع المرحلة الأخيرة من التدريبات العسكرية لاحقا.
وعرضت خدمة "زفيزدا" للأخبار العسكرية مقطعا لبوتين وهو جالس بجوار وزير الدفاع سيرغي شويغو، وهما يرتديان سترات عسكرية ويتبادلان النكات، بينما يستمعان لمحادثة هاتفية بين نائب شويغو ورئيس الأركان العامة.
وبالمضي في إجراء التدريبات التي تقام كل أربع سنوات، يبعث بوتين على ما يبدو رسالة مفادها أن الجيش الروسي قادر على إدارة الأعمال بشكل اعتيادي، رغم متطلبات الحرب في أوكرانيا، حيث تكبد جيشه خسائر فادحة في الأفراد والعتاد، ووصل القتال لحالة من الجمود الفعلي بعد احتلال نحو 20 بالمئة من مساحة الجمهورية السوفيتية السابقة.
وقد انطلقت المناورات "فوستوك-2022" في الأول من أيلول ومن المقرر أن تستمر حتى الأربعاء. وتشمل الدول المشاركة عددا من البلدان المجاورة لروسيا بالإضافة إلى سوريا والهند والصين.
وسيشارك في التدريبات أكثر من 50 ألف جندي و5000 وحدة من المعدات العسكرية بما في ذلك 140 طائرة و60 سفينة، بحسب موسكو.
ونُظّمت مناورات مشابهة عام 2018.
وستستمر زيارة بوتين إلى الشرق الأقصى الروسي الأربعاء في مدينة فلاديفوستوك الساحلية حيث يتوقع بأن يلقي خطابا أمام "منتدى الاقتصاد الشرقي".
وسيشارك أكثر من 5000 شخص في المنتدى الذي يستمر أربعة أيام وانطلق الاثنين بحضور وفد صيني يعد أكبر وفد مشارك في المناسبة، بحسب الكرملين.
وفي جلسة المنتدى التحضيرية، سينضم إلى بوتين رئيس اللجنة الدائمة لمجس الشعب الصيني لي جانشو الذي يعد الشخصية الثالثة في هرم السلطة في الحكومة الصينية. ويتوقع عقد اجتماع ثنائي أيضا.
وسيكون لي أعلى سياسي في الحزب الشيوعي يتوجّه إلى روسيا منذ تدخل موسكو عسكريا في أوكرانيا.
- علاقة "بلا حدود" -
وأفاد الكرملين في بيان قبيل الاجتماع بأن "علاقات الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي الروسية-الصينية تتطور تدريجيا".
وأشار إلى أن "نهج الصين المتوازن حيال الأزمة الأوكرانية" و"فهم" بيجينغ للأسباب الكامنة وراء الهجوم الروسي.
تقاربت بيجينغ وموسكو في السنوات الأخيرة وعززتا تعاونهما في إطار علاقة وصفها البلدان بأنها "بلا حدود"، لتقوما بدور يهدف لمواجهة الهيمنة العالمية للولايات المتحدة.
ورفضت بيجينغ إدانة التدخل الروسي في أوكرانيا ووفرّت غطاء ديبلوماسيا لها عبر التنديد بالعقوبات الغربية وتحرّك الغرب لمد كييف بالأسلحة. وأدى ذلك إلى ارتفاع منسوب التوتر بين الصين والغرب.
وتوتّرت العلاقات بشكل أكبر خلال زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي وديموقراطي وتعتبرها الصين جزءا من أراضيها.
بدورها، تضامنت موسكو بشكل كامل مع بيجينغ خلال الزيارة واتّهم بوتين واشنطن بـ"زعزعة استقرار" العالم.
كما يتوقع بأن يعقد بوتين خلال المنتدى الاقتصادي اجتماعا ثنائيا مع قائد المجلس العسكري البورمي مين أونغ هلاينغ.
واتُّهمت روسيا والصين بتزويد المجلس العسكري البورمي بالأسلحة التي استخدمت في مهاجمة المدنيين منذ انقلاب العام الماضي.
وأما في موسكو، فسيستضيف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي زار بورما وكمبوديا في آب، نظيره التايلاندي دون برامودويناي الثلثاء.
وبإمكان قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" المقررة في 15 أيلول و16 منه في أوزبكستان أن تشكّل فرصة أخرى لتعزيز العلاقات بين موسكو وبيجينغ.
وتفيد تقارير بأنه من المتوقع أن يعقد بوتين اجتماعا حضوريا مع الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي لم يغادر الصين منذ العام 2020 من جرّاء وباء كوفيد.
والتقى الزعيمان آخر مرة في بيجينغ مطلع شباط قبيل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية وقبل أيام من إطلاق بوتين الهجوم على أوكرانيا.