يُعتبر عام 2022 من الأعوام غير المسبوقة لناحية الإجراءات بشأن أزمة المناخ، ولكنّه كان أيضاً عاماً شابته كوارث الطقس والتقارير المليئة بالموت، وفقاً لما نشر موقع "ريكونتور".
تصاعد الدخان من الضواحي وذابت الطرق السريعة، إذ وصل الزئبق إلى مستوى قياسي بلغ 40،3 درجة مئويّة في أجزاء من المملكة المتّحدة في شهر تموز، في حين أنّ درجات الحرارة في الصيف كانت تتسلّل إلى الأعلى لسنوات.
إلّا أنّ موجة الحرّ تضاءلت مقارنة بعشرات الظواهر الجويّة المتطرّفة في جميع أنحاء العالم في عام 2022، بما في ذلك موجات الحرّ الشديدة في الصين، والمجاعات في الصومال وإثيوبيا، والفيضانات في السودان، وحرائق الغابات في كاليفورنيا، والجفاف في جميع أنحاء أوروبا.
ولعلّ الأسوأ من ذلك كلّه، أنّ الفيضانات الكارثيّة في باكستان غمرت ثلث أراضي البلاد، وقُتل ما يقرب من 2000 شخص، واحتاج 20 مليوناً إلى مساعدات إنسانيّة. وهذا كان أحد العوامل الدافعة خلف اتفاقيّة الخسائر والأضرار التاريخيّة التي تمّ توقيعها في مؤتمر تغيّر المناخ التابع للأمم المتحدة. وحتى ذلك الحين، منعت الدول الأغنى أي تحرّك لتعويض بلدان الجنوب عن الدمار المرتبط بتغير المناخ، على الرغم من أنّه كلّفها ما يقدر بنحو 593 مليار دولار.
لكنّ الاتفاق حدّد فقط نيّة البلدان لدفع بعض الخسائر، لا المبلغ الذي سيتمّ دفعه أو متى أو لمن، ولم ينجح مؤتمر هذا العام في إحداث تغييرات بذلك، حتى أنّه فشل في الدعوة إلى التخلّص التدريجي من جميع استخدامات الوقود الأحفوري.
وكان الخبراء يأملون في المزيد من الخطوات الفعّالة، لا سيّما في أعقاب سلسلة من التقارير المرعبة عن حالة المناخ، ففي شهر شباط، أصدرت الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغير المناخ تحذيراً صارخاً من أنّ التأثيرات المناخيّة تتسارع ويمكن أن تصبح بسرعة لا رجعة فيها، مما يعرّض ملايين الأشخاص لخطر ندرة الغذاء والمرض والإجهاد الحراري. وتضيق فرص تجنب مثل هذا المستقبل القاتم، وفقاً لمتتبع العمل المناخي.
ويسير العالم في طريقه إلى تجاوز هدفه المتمثّل في الحدّ من الاحترار العالمي، وذلك بسبب الفشل في وضع أهداف وطنيّة قويّة بما فيه الكفاية، والتي لا يزال الكثير منها غير محقّق.
انتصارات محدودة
لكن تجدر الإشارة إلى أنّ معركة المناخ حقّقت بعض الانتصارات الرئيسيّة هذا العام، فأدّى انتخاب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في البرازيل، إلى زيادة الآمال في أنّه سيحلّ بعض الأضرار البيئيّة التي سبّبها سلفه.
كما وأصدر الرئيس الأميركي جو بايدن قانوناً تاريخيّاً لخفض التضخّم، والذي يعد بملايين الدولارات في شكل دعم لتقنيّات منخفضة الكربون مثل الرياح والمركّبات الكهربائيّة والبطاريّات.
من جهتها، واصلت المملكة المتحدة زيادة ثقلها في قطاع تكنولوجيا المناخ المزدهر، إذ جمعت الشركات البريطانيّة الناشئة الخضراء 6،3 مليار جنيه إسترليني في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022، مقارنة بـ 3،4 مليون جنيه إسترليني في عام 2021.
وفي سياق متصل، قالت "سلف ريدجز" (Selfridges المعنية بتصميم الملابس) إنها تهدف إلى إصلاح ما يقرب من نصف انتاجها أو إعادة بيعه أو إعادة تعبئته أو تأجيره بحلول عام 2030، بينما أعلنت شركة "زارا" العملاقة للأزياء، عن أوّل منصّة لإعادة البيع في المملكة المتحدة.
بريطانيا تعاني الفوضى
كانت سياسة رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ليز تراس البيئيّة عبارة عن حقيبة مختلطة، فافتتحت جولة جديدة من تراخيص النفط والغاز وهدّدت بتقليص المدفوعات الزراعية الصديقة للبيئة، لكنّها ألغت أيضاً حظراً على مشاريع طاقة الرياح البريّة الجديدة، وأدّى تحرّكها لإعادة تشغيل التكسير في النهاية إلى سقوطها.
وفرض خليفتها، ريشي سوناك، ضريبة غير متوقّعة على أرباح شركات الوقود الأحفوري، رحّب بالقرار بعد ارتفاع أسعار الغاز في جميع أنحاء أوروبا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ممّا أكّد على أهميّة أمن الطاقة المتنامي في المملكة المتحدة.
وبالتالي، من الواضح أن العام 2022 لم يكن مختلفاً عن الأعوام السابقة لجهة تعميق أزمة التغيّر المناخي، وهذا ما تظهره التقارير التي تُشير إلى ارتفاع نسب الكوارث الطبيعية، كما أن خطط المجتمع الدولي لا تُطبّق، ما يزيد الأمر سوءاً.