في الخارج يسمع دوي القصف وهدير الطائرات، رغم ذلك نظم أبناء تشاسيف يار في شرق أوكرانيا قداساً بمناسبة عيد الميلاد الأرثوذكسي في ملجأ مؤكدين أنهم يرون في رمزية ولادة المسيح دعوة إلى التحلّي بالشجاعة.
فرّ كل أبناء المدينة وأعضاء الجوقة تقريباً إلى مناطق أكثر أماناً. وحدهم تسعة أشخاص حضروا القداس في الطابق السفلي لمبنى مهدم جزئياً جراء قصف طاله في تشرين الثاني.
وقال الكاهن أوليغ كروتشينين للحاضرين "ولد المسيح في مغارة. ونحن أيضاً موجودون في كهف"، مشيراً بيده إلى الطابق السفلي الذي تضيئه لمبة واحدة.
وتابع يقول "لهذا على الأرجح معنى خاص مفاده: لا تستلسموا، ابقوا شجعاناً".
وتقع تشاسيف يار على بعد عشرة كيلومترات شرق باخموت أكثر مواقع الجبهة سخونة. وتعيش المدينة تحت تهديد القصف المتواصل منذ أسابيع عدّة.
خلال الأشهر التسعة الأولى من الحرب، كان المسيحيون الأرثوذكس في المدينة يصلّون ويقيمون القداديس في كنيسة ذات قباب مذهبة مع أنها لا تتضمن ملجأ.
إلا أن صاروخاً استقر قبل أسبوعين في مقبرة الكنيسة وحطّم نوافذها.
وقالت أولغا كروتشينينا زوجة الكاهن "إحدى بنات رعيتنا تعيش في هذا المبنى وبما أن شقتها مدمرة جزئياً فهي تقيم الآن في الطابق السفلي وقد دعتنا إليه".
وسعى أبناء الرعية إلى إضفاء أجواء العيد على المكان قدر المستطاع بوضع شجرة عيد صغيرة على خزانة خشبية وتعليق منسوجات بيضاء وحمراء وأغصان شجر حول قسطل.
وأعربت كروتشينينا عن فخرها بهذا المجهود فيما تخرج هاتفها النقال لتعرض صوراً لمدخل الكنيسة الزاخرة بزينة العيد العام الماضي.
- نسيان الحرب -
وأكدت "كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة لنا. خصوصاً عندما أفكر بالعسكريين الذين أعرفهم ويعانون من ظروف أسوأ بكثير".
خلال القداس الذي استمر ساعتين سعى المؤمنون قدر المستطاع إلى نسيان الحرب، ولم يعكر صفو ذلك إلا دوي قصف مدفعي مرة واحدة فقط.
وقد أضاؤوا الشموع واصطفوا للاعتراف والمناولة وسط رائحة بخور قوية عمتّ القاعة.
ولم تعد جوقة الترنيم التي كانت مؤلّفة من 15 فرداً تضمّ سوى شخص واحد زينايدا أرتيوخينا (62 عاماً) التي تقود المجموعة عند تلاوة المزامير.
ورزت "أرنّم عادة موسيقى الألتو، لذا من الصعب عليّ تولّي القيادة".
وأردفت "إنه لأمر غير عادي هنا. وهي المرة الأولى التي آتي فيها اليوم إلى الطابق الأرضي. وأشكر الله على أننا التأمنا".
وعقد الكاهن أوليغ كروتشينين في عظته مقارنة بين مصير من فرّوا من تشاسيف يار ويسوع الذي هربت عائلته إلى مصر لتفلت من الملك هيرودوس.
وهو قال "اليوم، كثيرون من أبناء رعيتنا فرّوا بدورهم. لكنهم كلّهم يصلّون معنا اليوم، أينما كانوا حيث خلّصهم الربّ من القنابل والقذائف".
وتابع "نأمل، كما عادت العائلة المقدّسة إلى أورشليم، أن يعود أبناء رعيتنا إلى تشاسيف يار".
وفي الانتظار، تأمل الكنيسة أن يبقى الطابق السفلي مفتوحا للصلاة.
تقطع نينا بوبوفا (77 عاماً) كلّ يوم ثلاثة كيلومترات مشياً لتقصد الموقع وتقرأ الأناشيد، حتّى عندما تكون الحرارة دون الصفر.
وشدّدت زوجة الكاهن على "أننا سنخدم (الكنيسة) طالما يتسنّى لنا ذلك".