وُوري جثمان الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف الذي ترك إرثا مثيرا للجدل في بلاده التي جعل منها حليفة للولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة، الثرى الثلثاء في كراتشي بحضور حشد كبير أغلبهم من الجنود.
ولم يصدر أي اعلان رسمي باسم الحكومة أو الجيش عن الجنازة التي لم يحضرها أي من الرئيس عارف علوي أو رئيس الوزراء شهباز شريف أو رئيس الأركان عاصم منير، كما لم يبث التلفزيون وقائعها.
في باكستان، حيث لا يزال الجيش نافذاً على الرغم من أنه لم يعد في السلطة، يبقى الجنرال مشرف شخصية مثيرة للجدل.
توفي آخر قائد عسكري لباكستان (2001-2008) الأحد عن عمر يناهز 79 عاما في دبي حيث كان يعالج منذ عام 2016 من داء النشواني، وهو مرض نادر يصيب الأعضاء الحيوية.
وأقيمت صلاة الجنازة في معسكر للجيش في كراتشي (جنوب) في مراسم بسيطة شارك فيها حوالي 10 آلاف شخص، معظمهم من الجنود الحاليين والمتقاعدين، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
تم بعد ذلك نقل النعش الذي لُف بالعلم الوطني وسط حراسة مشددة إلى مقبرة عسكرية في كراتشي، المدينة التي لجأت إليها عائلة هذا الجندي السابق في القوات الخاصة للجيش الباكستاني، المولود في دلهي في الحادي عشر من آب عام 1943، أي قبل أربع سنوات من تقسيم شبه القارة الهندية.
أعربت روبينا مظهر، أخصائية العلاج بالأعشاب، عن أسفها قائلة "لم يحصل على التكريم الذي يستحقه... الحكومة لم تفعل شيئًا، كان ينبغي تنظيم الجنازة في الملعب الوطني".
ووصفته صحيفة داون الصادرة باللغة الإنكليزية في افتتاحيتها الإثنين، بأنه "مثير للحيرة نوعاً ما، نظامه الاستبدادي تخللته إصلاحات ليبرالية".
وأضافت الصحيفة "ومع ذلك، كانت أخطاء الجنرال الراحل جمة، وأهمها والتي لا تغتفر هي إخراج العملية الدستورية عن مسارها".
- حليف واشنطن -
أطاح مشرف حكومة نواز شريف المدنية في تشرين الأول 1999، دون إراقة دماء. ثم نصب نفسه رئيسًا في حزيران 2001، قبل فوزه في استفتاء مثير للجدل في نيسان 2002.
وجعل الجنرال الذي كان يُنظر إليه بداية على أنه معتدل، بلاده حليفاً إقليمياً رئيسياً لواشنطن في الحرب ضد تنظيم القاعدة عقب هجمات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة.
خلال حكمه الذي استمر تسع سنوات، شهدت باكستان ازدهاراً اقتصادياً ونمو الطبقة الوسطى ورفع القيود عن وسائل الإعلام، ولجأ الجيش إلى التهدئة أمام الهند.
لكنه علق العمل بالدستور مرتين واتهم بانتهاك حقوق الإنسان بحق خصومه.
وندد معارضوه على الدوام باحكام قبضته على السلطة ومحاولته إقالة رئيس المحكمة العليا وفرض حالة الطوارئ والهجوم الدامي على الإسلاميين المدججين بالسلاح الذين لجأوا إلى المسجد الأحمر في إسلام أباد في صيف عام 2007.
واصبح مشرف معزولا بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرض لها حلفاؤه في انتخابات شباط 2008. وفي آب 2008 استقال تفادياً لاقالته من قبل الائتلاف الجديد الحاكم.
عاد الجنرال مشرف في عام 2013 من منفاه الطوعي في محاولة للعودة إلى السلطة، لكن ترشيحه أُبطل وفاز في الانتخابات نواز شريف، الرجل الذي أطاح به في عام 1999.
في آب 2017، اعتبرته محكمة باكستانية "فاراً" في قضية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو، أول امرأة تقود دولة إسلامية. لكنه نفى اتهامه بالتورط في مؤامرة واسعة لقتل منافسته قبل الانتخابات.