قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلثاء إن حجم الدمار الذي ألحقته روسيا بأوكرانيا سينعكس على حقوق الأجيال المقبلة.
وصرّح تورك في خطاب خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، بأن "الحرب في أوكرانيا أسفرت عن ضحايا مدنيين ودمار على نطاق صادم".
وأضاف "ستكون حقوق الأوكرانيين منتهكة لأجيال مقبلة، وتأثير الحرب على أسعار المحروقات والطعام، كما التوترات الجيوسياسية، يؤثر على شعوب كل مناطق العالم".
وتابع "واقع أن أضراراً من هذا النوع تمكنت من التسبب مرة أخرى في العالم، بحرب في أوروبا هو خيانة للوعود بالتغيير" التي قُطعت غداة الحرب العالمية الثانية.
وأعرب تورك عن قلقه من الأمور التي تحصل في روسيا. وأشار إلى إغلاق صحيفة "نوفايا غازيتا" المستقلة و"مجموعة هلسنكي بموسكو"، أقدم منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان، ورأى في ذلك "مؤشراً جديداً الى انتهاء المساحة العامة الروسية".
وقال "الرسائل المؤيدة للحرب المستمرة على وسائل الإعلام الرسمية، تغذي الصور النمطية وتؤجّج الكراهية والعنف".
ولفت إلى أن أكثر من 180 تحقيقًا جنائياً فُتح في روسيا بتهم التشهير بالقوات المسلحة. ومن بين الأشخاص المُدانين صحافي ومسؤول في بلدية.
وذكّر بأن "منذ كانون الأول، أي شخص أو كيان يُعتبر +تحت تأثير خارجي+، وهو تصنيف مبهم، يمكن أن يُعدّ +عميلاً للخارج+ ويخضع لقيود كثيرة".
- تهديد خبيث -
كذلك، ندّد المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة بما وصفه بأنه "التهديد الخبيث المتمثل بالتمييز والعنصرية" في العالم، متطرقاً بإسهاب إلى العنف ضد النساء والأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي وأفراد مجتمع الميم-عين والأقليات الأخرى.
قال فولكر تورك، في أول كلمة يلقيها أمام مجلس حقوق الإنسان منذ توليه منصبه، إن "التمييز والعنصرية يشكلان تهديدات خبيثة، سواء بالنسبة لكرامة الإنسان أو لعلاقاتنا كبشر".
واشار تورك، في معرض الملخص التقليدي لأفظع انتهاكات حقوق الإنسان في العالم، إلى "أنهما (التمييز والعنصرية) يسلحان الازدراء. إنهما يهينان وينتهكان حقوق الإنسان، ويغذيان المظالم واليأس ويعرقلان التنمية".
إلى جانب المتهمين المعتادين - الدول الشمولية والاستبدادية ومناطق النزاع وضحايا تغير المناخ - ندد كذلك بتجاوزات وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت والذكاء الاصطناعي.
وعشية يوم المرأة العالمي، اعرب تورك عن "صدمته الشديدة من الازدراء بالمرأة وبمساواة حقوقها الذي انتشر على الإنترنت من قبل بعض الذين يعرفون بالمؤثرين".
واتهم بإذكاء العنف القائم على النوع الاجتماعي و"معاملة النساء كسلعة على نطاق واسع".
واعتبر تورك أن التمييز ضد النساء والفتيات هو "أحد أخطر انتهاكات حقوق الإنسان في العالم، وتفكيكه سيكون أحد محاور عملنا الرئيسية".
وندد بأفغانستان حيث حرمت حركة طالبان النساء من معظم حقوق الإنسان، وبإيران حيث يطالب المتظاهرون بمنح المرأة المزيد من الحقوق. وأشاد بسيراليون وإسبانيا للتقدم المحرز في مجال حقوق المرأة.
- عنصرية الشرطة -
دان تورك الاستفزازات المتعمدة ضد الأقليات -مثل احراق المصحف من قبل ناشط يميني متطرف في السويد- والتي "تهدف إلى خلق انقسامات بين المجتمعات. وهذا أمر خطير للغاية".
كما تحدث عن "العنف غير المتناسب الذي تمارسه الشرطة ضد السكان من أصل أفريقي" معتبراً ذلك "مثالاً على التحيز الهيكلي المتجذر في التمييز العنصري".
واستعرض انتقادات فرقه الأخيرة لفرنسا والمملكة المتحدة وإيرلندا وأستراليا، وخاصة البرازيل حيث انخفض عدد البيض الذين قتلوا على يد الشرطة بنسبة 31 بالمئة عام 2021 فيما عدد الأشخاص من أصل أفريقي، وعلى العكس، ارتفع بنسبة 6 بالمئة.
في الولايات المتحدة "كان الأشخاص من أصل أفريقي أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بثلاث مرات تقريبًا مقارنة بالأشخاص البيض"، بحسب تورك.
وأقر "لكن حتى أقوى التدابير داخل قوات الأمن لن تنجح بالكامل ما لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة جديدة لمكافحة العنصرية والهياكل التي تكرسها في مجتمعاتنا".
- مناهضة مجتمع الميم-عين -
كما أعرب عن قلقه من "التحريض المتزايد ضد حقوق مجتمع الميم-عين في دول عدة، وخاصة في شرق أفريقيا مؤخرًا" مشيراً إلى "خطاب السياسيين الذي يحرض على الكراهية" وإلى قمع منظمات مدافعة عن مجتمع الميم-عين كذلك.
وقال تورك "في الأسبوع الماضي، تم تقديم مشروع قانون مثير للقلق ضد المثلية الجنسية إلى البرلمان الأوغندي، بينما اعتُقل 24 شخصاً في بوروندي خلال حملة قمع، العديد منهم منخرطون في التوعية حول الإيدز".
في روسيا، ندد أيضاً بتوسيع التشريع الذي يحظر "الترويج للعلاقات غير التقليدية" ليشمل المعلومات حول الحياة الجنسية لمجتمع الميم-عين والتحول الجنسي.
وأكد أنه "من غير المعقول أن نواجه مثل هذا التعصب والأفكار المسبقة وتمييز كهذا في القرن الحادي والعشرين، مما يعيق تطور جميع أفراد المجتمع".