خلّفت القوات الروسية دمارا كبيرا، الخميس، مع توغلها في عمق دونباس بهدف السيطرة على مدينة سلوفيانسك الصناعية في شرق أوكرانيا.
يأتي ذلك في خضم توتر ديبلوماسي بين أنقرة وكييف التي اتّهمت السلطات التركية بتجاهل مطلبها مصادرة حمولة من الحبوب تنقلها سفينة شحن روسية.
وقُتل سبعة مدنيين على الأقل وجُرح كثر في الساعات الأربع والعشرين الماضية في معارك في منطقة دونيتسك، وفق حاكم منطقة دونيتسك بافلو كيريلنكو.
والخميس، أفاد مراسلو وكالة فرانس برس بتعرّض كراماتورسك، المركز الاداري لمنطقة دونيتسك في شرق اوكرانيا، لضربات روسية ما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل وجرح كثر.
وخلّف الانفجار حفرة كبيرة في الفناء الواقع بين فندق ومبانٍ سكنية وأدى إلى احتراق سيارتين.
وكان مسؤولون أوكرانيون قد ناشدوا مجدّدا سكان المنطقة إخلاءها مع زحف القوات الروسية باتّجاه سلوفيانسك.
وقال سبّاك أوكراني يدعى فيتالي في تصريح لفرانس برس إن زوجته الحامل بشهرها السادس وابنتها من زواج سابق، تم إجلاؤهما من المدينة الأربعاء.
وقال "أرسلت زوجتي (بعيدا) ولا خيار آخر لدي، غدا سألتحق بالجيش".
وسبق أن استهدفت القوات الروسية المدينة مرارا، والأربعاء سجّلت أضرار فادحة من جراء سقوط وابل من الصواريخ في سوق وشوارع مجاورة لها.
- "محصّنة بشكل جيد" -
وعلى الرغم من تكثيف القصف الروسي مع تركيز موسكو عملياتها العسكرية على المدينة، يصر بعض من السكان على البقاء فيها.
وقالت بائعة الخضار غاليانا فاسيليفنا البالغة 72 عاما "لدينا أقبية، سنختبئ فيها".
وتساءلت "ماذا يمكننا أن نفعل؟ لا مكان نذهب إليه، لا أحد بحاجة إلينا".
وقال رئيس البلدية فاديم لياخ إن نحو 23 ألف شخص لا يزالون في المدينة من أصل 110 آلاف نسمة كانوا يقطنونها قبل الحرب، مشيرا إلى أن روسيا عاجزة عن تطويق المدينة.
وقال إن "عمليات الإجلاء جارية. نخرج اشخاصا كل يوم"، موضحا أن المدنيين الذين يتم إجلاؤهم يُنقلون بواسطة حافلات إلى مدينة دنيبرو، الواقعة إلى الغرب.
وتابع "المدينة محصّنة بشكل جيد".
ويسعى الروس الذين يؤكدون أنّهم سيطروا على منطقة لوغانسك المجاورة بأكملها، إلى احتلال منطقة دونيتسك للسيطرة على كامل حوض التعدين في دونباس الخاضع جزئيا لسيطرة الانفصاليين المدعومين من موسكو منذ العام 2014.
وتعدّ مدينة سلوفيانسك في منطقة دونيتسك، الهدف التالي للقوات الروسية في خطتها للسيطرة بالكامل على حوض دونباس بعد أربعة أشهر ونصف من القتال.
وأتاح سقوط ليسيتشانسك الأسبوع الماضي بعدما انسحب الجيش الأوكراني من سيفيرودونيتسك، الاستفادة من وحدات في القوات الروسية التي ركّزت اهتمامها على منطقة دونباس بعدما اضطّرت للتراجع من محيط العاصمة كييف وخاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية، في أوائل الغزو.
على صعيد آخر، ساد توتر ديبلوماسي بين كييف وأنقرة على خلفية نقل روسيا شحنة حبوب من أوكرانيا التي تتّهم موسكو بسرقتها.
- "خيبة كبيرة" -
تقول كييف إن سفينة الشحن الروسية "جيبيك جولي" أبحرت من ميناء بيرديانسك الأوكراني الخاضع لسيطرة موسكو محمّلة بكمية من القمح المصادر الأسبوع الماضي، مطالبة أنقرة باحتجازها.
وأظهر الموقع الإلكتروني "مارين ترافيك" المتخصص في تتبّع حركة الملاحة البحرية أن "جيبيك جولي" التي كانت ترسو في ميناء كاراسو على البحر الأسود، أرسلت آخر إشارة لها على بعد حوالى عشرين كيلومترا عن الساحل التركي، ثم أغلقت على ما يبدو جهاز الإرسال واختفت عن شاشة التتبع.
وأعربت أوكرانيا عن "خيبة أمل كبيرة" لعدم تلبيه تركيا مطلبها باحتجاز السفينة.
وتسلّط الواقعة الضوء على الدور المتشعّب الذي تؤديه تركيا في هذه الحرب. فعلى الرغم من التباين في موقفيهما يقيم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان علاقات وثيقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ومع ذلك تزوّد تركيا أوكرانيا بطائرات قتالية مسيّرة ثبتت فاعليتها في إبطاء التقدم الروسي في منطقة دونباس.
في الأثناء شكرت كييف الخميس لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون دعمه أوكرانيا في "أصعب الأوقات" عقب الغزو الروسي، وذلك بعد إعلان جونسون استقالته من زعامة حزب المحافظين، الامر الذي يمهد لمغادرته منصب رئيس الوزراء.
وكتب المساعد الرئاسي ميخايلو بودولياك على تويتر "شكرا بوريس جونسون... لكونكم دائما في طليعة الداعمين لأوكرانيا".
وعلى الرغم من الخسائر الميدانية الأخيرة، رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الأربعاء بتزويد الغرب بلاده بمزيد من الأسلحة الثقيلة.
وقال إن "الأسلحة التي تلقّيناها من شركائنا بدأت تفعل فعلها بشكل كبير" مشيدا بـ"دقّتها".
وتابع "دفاعاتنا تلحق أضرارا ملحوظة بمخازن ونقاط أخرى ذات أهمية لوجستية للمحتلين".
في الأثناء ركّز الاتحاد الأوروبي جهوده بشكل أكبر على قطاع الطاقة مع تشديد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على ضرورة "الاستعداد لمزيد من الاضرابات على صعيد إمدادات الغاز وحتى قطعها بشكل كامل من جانب روسيا".
وأطلق الاتحاد الأوروبي خطّة بـ300 مليار يورو (310 مليارات دولار) لوقف اعتماده على إمدادات الوقود الأحفوري الروسي.