تحدّى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ضغوطاً لدفعه للاستقالة من وزراء كبار وتمرّد متصاعد داخل حزبه، قائلاً إنه سيقاوم أيّ محاولات للإطاحة به بسبب سلسلة من الفضائح.
وقال مصدر إنه بعد أكثر من 40 استقالة من داخل الحكومة وفي ظل تمرّد مفتوح للعديد من نواب حزب المحافظين الحاكم، ذهب بعض الوزراء إلى داوننج ستريت ليخبروا جونسون بأن عليه الرحيل.
وشجعه أحدهم على خروج يحفظ له كرامته بأن يحدّد بنفسه جدولاً زمنياً بدلاً من مواجهة تصويت على حجب الثقة. وقال العديد من المشرعين إن السؤال الآن هو متى، وليس ما إذا كان عليه التنحي.
ودعت المدعية العامة لإنكلترا وويلز، سويلا برافرمان، جونسون إلى الاستقالة وأصبحت الأولى بين وزراء الحكومة التي تقول إنها سترشح نفسها لتحل محله في أيّ سباق لقيادة حزب المحافظين.
وقالت برافرمان في تصريحات على قناة "آي.تي.في": "أعتقد أن الوقت حان لتنحي رئيس الوزراء". وأضافت أنها لا تريد الاستقالة من منصبها ولكن "إذا كان هناك تنافس على القيادة فسأضع اسمي في الحلبة".
وانتقد العشرات نزاهة جونسون علناً بعد أن اضطر للاعتذار على تعيين مشرع في دور يتعلق بانضباط الحزب، ولم يتذكر أنه تم اطلاعه على أن هذا السياسي كان محور شكاوى تتعلّق بسوء السلوك الجنسي.
وكانت تلك أحدث أزمة تعصف بحكومته بعد فضائح وعثرات على مدى أشهر إذ نُشر تقرير دامغ عن إقامة حفلات في مكتبه ومقر إقامته في داوننغ ستريت في انتهاك لقوانين الإغلاق الصارمة المتعلقة بكوفيد-19، وفرضت عليه الشرطة غرامة.
ولكن على الرغم من الدعوات المتزايدة لاستقالته، قال جيمس دودريدغ، وهو نائب عن حزب المحافظين ومساعد مقرب لجونسون، لشبكة "سكاي نيوز" إن الزعيم البريطاني "مستعد للقتال" بعد اجتماع مع كبار أعضاء فريقه الوزاري.
وأضاف دودريدغ أن جونسون ووزير المالية الجديد ناظم الزهاوي سيضعان خطة مشتركة جديدة للاقتصاد الأسبوع المقبل تشمل تخفيضات ضريبية.
وأقال جونسون الوزير البارز مايكل جوف، وهو وزير الدولة لشؤون الإسكان والمجتمعات، والذي أفادت وسائل إعلام في وقت سابق بأنه أخبر جونسون بأن عليه التنحي. وانضم سايمون هارت وزير دولة لشؤون ويلز مساء الأربعاء إلى المستقيلين.
وقال جونسون في وقت سابق أمام لجنة برلمانية "لن أستقيل وآخر شيء تحتاجه هذه الدولة بصراحة هو إجراء انتخابات".
تفويض
قال جونسون إن لديه تفويضاً من انتخابات 2019، التي فاز فيها بأغلبية كبيرة، وإنه لن يكون مسؤولاً عن ترك الوظيفة وسط أزمة غلاء المعيشة وحرب في أوروبا. وجونسون داعم كبير لأوكرانيا منذ الغزو الروسي للبلاد في أواخر شباط.
ورفض رئيس الوزراء البريطاني الإفصاح عمّا إذا كان سيحاول البقاء في المنصب حتى لو خسر تصويتاً على الثقة من المشرعين في حزبه. وقد يجري التصويت الأسبوع المقبل إذا اتفقوا على تغيير قواعد الحزب، التي تسمح فقط بتحرّك واحد كهذا في العام. وفاز جونسون بصعوبة في تصويت مماثل الشهر الماضي.
وقال نائب بارز من حزب المحافظين طلب عدم الكشف عن هويته "رئيس الوزراء واهم إذا شعر أن بوسعه الصمود في وجه انهيار الدعم البرلماني". وأضاف "إنه يحرج حزب المحافظين ويبدي ازدراء للناخبين".
لكن وزيرة الثقافة نادين دوريس قالت إنها تدعم جونسون. وعندما سئلت عمّا إذا كان هناك آخرون لا يزالون يدعمونه، أجابت: "نعم بالتأكيد".
وفتحت استقالة وزيري المالية والصحة الباب أمام استقالة مزيد من وزراء الدولة. وشكّك العديد من النواب المحافظين في أهلية جونسون للحكم.
وفي جلسة بالبرلمان للرد على الأسئلة، كافح بعض أعضاء حزبه لكتم ضحكاتهم عندما سخر آخرون منه. وتعرّض لاحقاً لانتقادات شديدة ممّا تسمّى لجنة الاتصال، حيث استجوبه كبار السياسيين بشأن سلوكه السابق ودوافعه وبعض الفضائح التي شكلت جزءاً كبيراً من فترة ولايته.
"كفى يعني كفى"
وصل جونسون إلى السلطة قبل نحو ثلاث سنوات، ووعد بتحقيق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإنقاذها من المشاحنات المريرة التي أعقبت الاستفتاء على خروجها من التكتل عام 2016.
و منذ ذلك الحين، دعم بعض المحافظين بحماس الصحافي السابق ورئيس بلدية لندن بينما أيّده آخرون، رغم وجود تحفظات، لأنه كان قادراً على استمالة قطاعات من الناخبين الذين كانوا يرفضون حزبهم عادة.
وتأكّد ذلك في انتخابات كانون الأول 2019. لكن نهج إدارته القتالي والفوضوي في الحكم في كثير من الأحيان وسلسلة من الفضائح استنفدت رضا العديد من نوابه، بينما تُظهر استطلاعات الرأي أنه لم يعد يحظى بشعبية لدى عامة الشعب.
وبالإضافة إلى الفضائح،كانت هناك أيضاً تحولات في السياسة، ودفاعاً عن مشرع انتهك قواعد جماعات الضغط، وانتقادات بأنه لم يبذل جهداً كافياً لمعالجة التضخم حيث يكافح العديد من البريطانيين للتعامل مع ارتفاع أسعار الوقود والغذاء.
ورغم أن أنصاراً سابقين لجونسون يقولون إن الأزمة الحالية يمكن فقط أن تنتهي باستقالته، قال متحدث باسمه إنه واثق من أنه سيفوز بتصويت آخر على الثقة من حزبه.
وقد يتغيّر كل شيء عندما تجري لجنة 1922، التي تضع القواعد التي تنظم تصويت حجب الثقة عن قيادة الحزب، انتخابات لمجلسها التنفيذي قبل تغيير القواعد للسماح بتصويت ثان بشأن زعامته.
وفي وقت سابق، حاول جونسون إعادة تثبيت أركان سلطته من خلال تعيين الزهاوي، النجم الصاعد في حزب المحافظين الذي يُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في نجاح عملية توزيع لقاحات كوفيد-19، وزيراً للمالية.
وفي البرلمان حاول وزراء في حكومته كتم ضحكاتهم حين سخر منها زعيم حزب العمال المعارض.
وقال وزير الصحة ساجد جاويد في خطاب الاستقالة الذي استمع إليه جونسون بوجه خال من أيّ تعبير: "في مرحلة ما علينا أن نقول كفى يعني كفى. أعتقد أن هذه المرحلة قد حان أوانها الآن".