أعلنت ساحل العاج أنّها تريد "استئناف العلاقات الطبيعيّة" مع مالي، بعدما عاد السبت إلى أبيدجان 46 من جنودها كانوا مُحتجزين في باماكو منذ ستّة أشهر تقريبا.
ووصل 46 جنديًا عاجيًّا كانوا محتجزين في مالي، إلى أبيدجان غداة إصدار رئيس المجلس العسكري في مالي أسيمي غويتا عفوًا عنهم، وكان حُكم على هؤلاء الجنود بالسجن لمدة 20 عامًا.
وأشار صحافيّو وكالة فرانس برس إلى أنّ طائرة القوّات الجوّية العاجيّة التي أعادتهم إلى بلادهم، حطت في مطار أبيدجان قُبيل منتصف الليل (بالتوقيت المحلّي وغرينيتش).
وخرج الجنود الذين كانوا يرتدون الزيّ العسكري، واحدًا تلو الآخر، حاملين علم ساحل العاج، وكان في استقبالهم الرئيس الحسن واتارا عند نزولهم من الطائرة.
وتلت ذلك على الفور مراسمٌ بحضور الجنود وعائلاتهم وكبار المسؤولين في الدولة والجيش، قال خلالها الحسن واتارا إنّه يريد "استئناف العلاقات الطبيعيّة" مع مالي.
وأضاف "بالطبع الآن بعدما تجاوزنا هذه الأزمة، يمكننا استئناف العلاقات الطبيعيّة مع دولة مالي الشقيقة التي تحتاج إلينا ونحتاجها نحن أيضًا".
وشكر متحدّث باسم الجنود رئيس الدولة و"الشعب العاجي على الدعم والتضامن"، قائلًا "نحن سعداء ومرتاحون للعودة إلى الوطن الأم".
كانت ساحل العاج قد طالبت مع الأمم المتحدة بالإفراج عنهم، مؤكّدةً أنّهم كانوا في مهمّة للأمم المتحدة ضمن عمليّات الدعم اللوجستي لبعثتها في مالي (مينوسما) .
وتسبّبت القضية بتوتّر كبير بين "دولتين شقيقتين" وجارتين تربطهما علاقات معقّدة.
وكانت مالي اتّهمت ساحل العاج بتحريض شركائها في غرب أفريقيا على تشديد العقوبات على العسكريّين الذين نفذوا انقلابَين في مالي أحدهما في آب 2020 والثاني في أيار 2021، ورُفعت العقوبات أخيرًا في أوائل تموز.
- محطة في لومي-
وجعلت السلطة في مالي التي يسيطر عليها الانقلابيون، من هذه القضية تجسيداً للسيادة التي فرضتها كمبدأ أساسي في مواجهة فرنسا التي دفعتها إلى الخروج من أراضيها بعد تسع سنوات من تدخّلها ضد الجماعات الجهادية، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وحتى بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في البلاد (مينوسما).
بعد مغادرتهم باماكو عند الساعة 17,00 (بالتوقيت المحلي وغرينتش)، مرَّ الجنود الـ46 عبر لومي حيث سلّمهم الرئيس التوغولي فور غناسينغبي رسميًا إلى وزير دفاع ساحل العاج تيني براهيما واتارا. وأدّى الرئيس غناسينغبي دور وساطة حاسمًا للإفراج عنهم، وأشادت كلّ من السلطات في مالي وساحل العاج بوساطته.
ورحّب الاتحاد الأوروبي الأحد أيضًا بـ"ضبط النفس الذي تمارسه السلطات العاجية والجهود التي تبذلها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وتوغو للوصول إلى هذه النهاية السعيدة".
وحكمت محكمة في باماكو في 30 كانون الأول على الجنود بالسجن لمدة 20 عاماً. وكان أفرِج عن 3 نساء من بينهم في منتصف أيلول، وحكم عليهنّ بالإعدام غيابيًّا.
ودينوا جميعهم بتُهم بينها "جرائم الاعتداء والتآمر ضدّ الحكومة، والاعتداء على الأمن الخارجي للدولة، وحيازة وحمل ونقل أسلحة وذخائر حربيّة".
وأصدر رئيس المجلس العسكري في مالي الكولونيل أسيمي غويتا مساء الجمعة عفوًا عنهم "مع إسقاط كامل التّهم" ضدّهم، حسبما جاء في مرسوم رئاسي.
- رهائن -
جاء هذا الإعلان عقب لقاء عقد في 22 كانون الأول في باماكو جمع بين رئيس توغو ونظيره المالي، واختتم بتوقيع مذكرة تركت الباب مفتوحًا أمام إمكانية إصدار عفو رئاسي.
منذ توقيفهم، تنفي ساحل العاج بشكل قاطع بأن جنودها كانوا "مرتزقة"، مؤكدة أنهم كانوا في مهمة للأمم المتحدة ضمن عمليات الدعم اللوجستي لبعثتها في مالي (مينوسما).
واعتبرت بأنهم "رهائن" مستنكرة "الابتزاز" الذي مارسته باماكو التي طالبت، من بين أمور أخرى، بتسليم الشخصيات المالية المعارضة للمجلس العسكري والمقيمة في أبيدجان في مقابل إطلاق سراحهم.
وامهلت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مالي حتى الأول من كانون الثاني لإطلاق سراح الجنود تحت طائلة فرض عقوبات جديدة، وهو تحذير لم تعبأ به باماكو.
ومع ذلك أعلن رئيس دولة غينيا بيساو، وعمر سيسوكو إمبالو، الرئيس الحالي للمنظمة أنه "لن يكون هناك عقوبات على مالي في المستقبل القريب".