تعيش قبيلة شينيكوك للهنود الحمر في جزيرة لونغ آيلند في نيويورك منذ 13 ألف سنة.
وهم راحوا يُطردون من أراضيهم اعتباراً من القرن السابع عشر مع وصول الأوروبيين، قبل أن تحرمهم السلطات الأميركية من أراض لهم في القرن التاسع عشر. ولم يبق منهم اليوم سوى 1600 فرد تقريبا، يقيم نصفهم في محمية منفصلة تمتدّ على 320 هكتاراً في ساوثهامبتون شرقا.
وباتت اليوم بلداتهم ومساكنهم المتواضعة المطلّة على الأطلسي مهددة مباشرة بارتفاع مستوى مياه المحيط وانجراف التربة والعواصف التي تضرب المنطقة في أواخر الصيف.
تقول تيلا تروغي، وهي محامية من قبيلة شينيكوك، "يعيش شعب هنا منذ الأزل وهو بات اليوم يواجه واقعاً مريرا يدفعه إلى نقل موقع إقامته".
وتحظى قبيلة شينيكوك، كغيرها من الجماعات الأصلية وقبائل الهنود الحمر في الولايات المتحدة، باعتراف رسمي من الحكومة الفدرالية الأميركية.
ولا تبعد محميتهم في ساوثهامبتون كثيراً عن العمارات الفاخرة المقدّرة بعشرات ملايين الدولارات التي يملكها أصحاب الملايين الأميركيين والأجانب في هامبتونز المعروفة في كل أنحاء العالم بالثراء الفاحش لأبنائها.
وباتت الأراضي القليلة التي لم تسلب من قبيلة شينيكوك عرضة للاحترار وارتفاع منسوب المياه وتآكل الساحل.
لا يزال إد تيري الذي شارف عقده التاسع يصنع الحلى التقليدية من الأصداف التي يجمها على الشاطئ. وهو يتذكّر جيّدا كيف كان الشاطئ أوسع والمحيط أبعد عندما كان طفلا.
ويقول الرجل وهو ينحت صدفة لتحويلها إلى قرط أذن، "نرى انجراف التربة بأمّ العين. وما كان أرضا بالأمس بات اليوم مياها، كما لو غمرتنا المياه".
تستند المسؤولة الحكومية من قبيلة شينيكوك، شافن سميث، إلى دراسات بيئية لتثبت أن ساحل ساوثهامبتون تراجع بواقع 45 متراً خلال عقود قليلة.
وهي تلفت إلى أنه من الضروري نقل مواقع 57 بيتاً، كما أن بعض مقابر القبيلة القديمة جدّا باتت بدورها عرضة لخطر الزوال.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، أعربت سميث عن قلقها من التداعيات "الوخيمة والمجهدة" للنقل القسري داخل الأراضي لقبيلة "تعوّل على المياه بدرجة كبيرة".
وبحسب تقديرات أبناء القبيلة، سيرتفع مستوى المحيط 1,3 متر بحلول نهاية القرن وسيكون هذا الارتفاع مصحوبا بموجة من العواصف والفيضانات تزداد تواتراً وشدّة.
وسيكون الوضع شبيها بذاك الذي كان سائداً عقب إعصار "ساندي" في تشرين الأول 2012 (44 قتيلا وأضرار بقيمة 19 مليار دولار في مدينة نيويورك) و"آيدا" في أيلول الماضي (91 قتيلا على الأقلّ في شمال شرق الولايات المتحدة).
ولا يخفي خبراء في التغير المناخي بدورهم تشاؤمهم من المستقبل.
ويقول سكوت مانديا الأستاذ المحاضر في جامعة "Suffolk County Community College" في لونغ آيلند إن "دراسات أظهرت أنه بحلول 2040 يرتفع خطر أن تغمر عاصفة أمّة شينيكوك ارتفاعا شديدا".
ويلفت الخبير في تصريحات لوكالة فرانس برس إلى أن هؤلاء "الذين يتحمّلون أدنى مقدار من المسؤولية" عن التغير المناخي هم من "يدفعون الثمن الأعلى".
لكن أبناء شينيكوك الذين يسترزقون عادة من الصيد والزراعة مصممون على ألا تصبح أمّتهم منسية.
وفي مسعى إلى التصدّي للظواهر المناخية، بني حاجز من صدف المحار على الشاطئ حيث وضعت صخور كبيرة وحواجز وزُرع عشب للحؤول دون انجراف الرمل.
ويقول صانع الحلي، إد تيري "نحن شعب قويّ مصمّم على الصمود".
ويقرّ الأستاذ مانديا بهذه الجهود الحثيثة، لكن أبناء شينيكوك "لا يقومون سوى بكسب الوقت" قبل أن تصبح أراضيهم غير صالحة للعيش.