بعد مفاوضات مضنية مع موسكو على مدى شهور، بات جليّاً لإدارة الرّئيس الأميركي جو بايدن أنّها أمام اختيار صعب، وهو إمّا إطلاق سراح تاجر السّلاح الروسي الشهير فيكتور بوت مقابل إطلاق سراح نجمة كرة السلّة الأميركية بريتني غرينر أو عدم إعادة أيّ أميركي إلى الوطن.
ويقول مسؤولون أميركيّون إنّ "عملية تبادل السّجناء، التي وافق عليها بايدن، نفذت على مدى الساعات الثماني والأربعين الماضية حيث تمّ نقل غرينر من مستعمرة عقابيّة في روسيا إلى موسكو ثم إلى مطار في الإمارات".
ولم تشمل الصّفقة عودة سجين أميركي آخر، هو بول ويلان الجندي السّابق بمشاة البحرية الأميركية، الذي قال لشبكة (سي.إن.إن) في اتّصال هاتفي إنّه شعر "بخيبة أمل كبيرة" لأنّه لم يتمّ عمل المزيد للإفراج عنه.
ووصلت غرينر إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي على متن طائرة خاصّة قادمة من موسكو، بينما سافربوت على متن طائرة خاصّة قادمة من واشنطن.
وشوهد الاثنان في فيديو نشرته وكالة "تاس" الروسية للأنباء أثناء مرافقتهما وهما يمرّان جنباً إلى جنب على المدرج في الطريق إلى الطائرتين تمهيداً لنقلهما إلى بلديهما.
وانتهى احتجاز غرينر، الذي دام عشرة أشهر، بعد شهور من المفاوضات غير المثمرة بين الولايات المتحدة وروسيا، والتي تعقّدت بسبب الغزو الرّوسي لأوكرانيا وتدهور العلاقات الأميركية الروسية لأسوأ مستوى منذ الحرب الباردة.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إنّ "الرّئيس بايدن تابع المفاوضات شخصيّاً عن كثب لعدّة أشهر، لكنّه في الأسابيع الأخيرة فقط اتّخذ قراراً مؤلماً للغاية بمنح العفو عن بوت لإتمام التبادل".
وقال بيان إماراتي سعودي مشترك إنّ "الرّئيس الإماراتي ووليّ العهد السعودي قادا جهود الوساطة التي ضمنت الإفراج عن غرينر. لكن المتحدّثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير دحضت فكرة حدوث أيّ وساطة، وعبّر مسؤولون أميركيّون عن امتنانهم للإمارات فقط لتوفيرها موقع عبور مهمّاً لتسهيل التبادل".
وقال مسؤول في إدارة بايدن إنّ المسؤولين الأميركيين ظلّوا يضغطون من أجل إطلاق سراح كل من غرينر وويلان، المعتقل بتهم تجسّس وصفتها واشنطن بأنّها "زائفة" واقترحوا عدة خيارات كان من الممكن أن تشمل ضمّ الجندي إلى تبادل السجناء.
لكن المسؤول ذكر أنّ موسكو أصرّت على التّعامل مع قضية ويلان بشكل مختلف.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي مع وزيري خارجية السويد وفنلندا "لم يكن هذا اختياراً بين أيّ الأميركيّين يمكن إعادته للوطن، كان الخيار إمّا واحداً أو لا أحد".
وأٌلقي القبض على غرينر (32 عاماً) نجمة فريق فينكس ميركوري بالرّابطة الوطنيّة لكرة السلة للسيدات في 17 شباط في مطار بموسكو عندما عثرت السّلطات على خراطيش سجائر إلكترونية تحتوي على زيت الحشيش، المحظور في روسيا، في حقيبتها.
وأدينت بعد ذلك بتهريب المخدّرات ونُقلت إلى واحدة من أكثر المستعمرات العقابية إثارة للرّعب في روسيا، حيث تحدّث سجناء سابقون عن أعمال تعذيب وضرب مبرح وظروف عمل قسري.
وخلال عمليّة التبادل اليوم الخميس، استقبل روجر كارستينز، كبير المفاوضين الأميركيين بخصوص الرهائن، غرينر على مدرج المطار في الإمارات. وقال مسؤول أميركي إنها كانت "مبتسمة جدّاً وممتنّة للغاية لكلّ الجهود التي بذلتها الحكومة الأميركيّة وأطراف خارج الحكومة لإعادتها إلى الوطن".
ولا يزال ويلان محتجزاً في روسيا، وهو وضع وصفته أسرته بأنه "كارثة". لكن المسؤولين الأميركيين أكّدوا أنّهم لن ينسوه وأنّهم يواصلون جهودهم لإطلاق سراحه.
وقال مسؤول أميركي" "ركّزت المفاوضات على إعادة الأميركيّين الاثنين المحتجزين دون وجه حقّ في روسيا إلى الوطن، وأصبح من الواضح أنّ الخيار، كما أكّدتُ، كان إمّا إعادة بريتني غرينر إلى الوطن الآن أو عدم إعادة أيّ أميركي في الوقت الحالي".