بدأت مكاتب الاقتراع في كينيا بالاغلاق، الثلثاء، في ختام يوم انتخابي لاختيار رئيس جديد في أجواء هادئة عموما وعلى خلفية وطأة غلاء المعيشة وخيبة من الطبقة السياسية.
في الخامسة بعد الظهر (14,00 ت غ)، بدأت عملية اغلاق صناديق الاقتراع في عدد من المراكز البالغ عددها 46 الفا. في أماكن أخرى كان لا يزال في امكان الناخبين الذين ينتظرون في طوابير، الادلاء بأصواتهم وكذلك أولئك الذين واجهوا تأخيرا أو اضطرابات.
وتعين على الناخبين البالغ عددهم 22,1 مليون التصويت ستّ مرّات لرسم الملامح السياسية لهذا البلد الذي يقوم مقام معقل للديموقراطية في منطقة غير مستقرّة لكن مزّقته قبل 15 عاما أعمال عنف شديدة.
إضافة إلى لرئيس، تعين عليهم انتخاب النواب والمسؤولين المحليين في إطار عملية تصويت تحمل رهانات كبيرة في البلد الذي يعدّ قطبا اقتصاديا في شرق أفريقيا.
وتحتدم المنافسة بين المرشحين البارزين في السباق الرئاسي وهما رايلا أودينغا (77 عاما) المعارض المخضرم الذي بات يحظى بدعم النظام بعد تحالفه المفاجئ مع الرئيس سنة 2018 ووليام روتو (55 عاما)، نائب الرئيس حاليا.
وقالت جويس كوسغي (52 عاما) وهي ناخبة من بلدة كوساشي وهي منطقة كانت في السابق بؤرة اضطرابات "هذه الانتخابات مختلفة عن سابقاتها. تتم وسط اجواء هادئة وسلمية".
في جميع أنحاء البلاد الذي يكون فيها التصويت باكرا تقليديا، تشكلت طوابير طويلة قبل الفجر أمام مراكز الاقتراع التي فتحت أبوابها في السادسة صباحا.
وبين آلاف المراقبين الذين تم نشرهم أشار إيفان ستيفانيتش رئيس بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي، إلى أن "هناك الكثير من الناخبين الذين كانوا ينتظرون في طوابير طويلة بصبر"، وهذا ما يدل في رأيه على أن "الديموقراطية قائمة".
بعد الظهر، تقلصت فترة الانتظار. وأعلنت اللجنة الانتخابية أن 56,1% من الناخبين قد صوتوا بحلول الرابعة بعد الظهر (13,00 ت غ).
- حقبة جديدة -
وإذا لم يحصل أيّ من الخصمين اللذين كانت تربطهما تحالفات في الماضي على أكثر من 50% من الأصوات، ستنظم دورة ثانية من الانتخابات، في سابقة من نوعها في كينيا.
وأيّا تكن النتيجة، سيسطّر الرئيس الجديد سابقة في تاريخ البلد، إذ إنه لن يكون من قومية كيكويو، كبرى القوميات الكينية التي تتحكّم بزمام السلطة منذ 20 عاما والتي ينتمي إليها الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا الذي لا يحقّ له بموجب الدستور الترشّح لولاية ثالثة.
وسيكون الرئيس الجديد للبلد إما من عرقية لوو، إن فاز أودينغا، إما من عرقية كالينجين، إن كان الفوز من نصيب روتو. وكلتاهما عرقيتان كبيرتان في البلد.
وفي هذا البلد *الذي يضمّ 50 مليون نسمة* والذي تسوده الاعتبارات القبلية، يرى خبراء أن هذه المعادلة قد تسقط هذه السنة في ظلّ الرهانات الاقتصادية الشديدة الوطأة وعلى رأسها غلاء المعيشة.
وأرخت جائحة كوفيد-19 التي أعقبتها الحرب في أوكرانيا *ثمّ موجة جفاف قياسية* بظلال ثقيلة على هذا المحرّك الاقتصادي الإقليمي الذي بالرغم من نموّه الديناميكي (7,5% في 2021) يبقى رازحا تحت وطأة الفساد واللامساواة.
وقالت أليس ويذيرا، وهي مرشدة اجتماعية في السادسة والخمسين من العمر، أدلت بصوتها في أحد مراكز نيروبي "نعاني الأمرّين بسبب التضخّم. ويتعذّر علينا راهنا أن نعدّ الأوغالي، مخبوزاتنا التقليدية، بسبب نقص في دقيق الذرة في المتاجر".
وشدد وليام روتو الذي يقدّم نفسه على أنه المدافع عن مصالح "من يتدبّرون أمورهم يوما بيوم" على نيته "خفض كلفة المعيشة"، في حين تعهّد أودينغا تحويل كينيا إلى "اقتصاد دينامي وعالمي" مؤلّف من "قبيلة كبيرة" واحدة.
-"ديموقراطية ناضجة"-
على مرّ التاريخ، أجّجت الاستقطابات العرقية النزاعات الانتخابية في كينيا، كما الحال في 2007-2008 عندما تسبّب اعتراض أودينغا على النتائج باشتباكات بين الجماعات المختلفة أودت بحياة أكثر من 1100 شخص. وبعد مرور 15 سنة، ما زال هذا السيف مصلتا على رقاب الكينيين.
وفي 2017، قضى عشرات الأشخاص في قمع تظاهرات انطلقت بعد قيام أودينغا بالاعتراض مجدّدا على نتائج انتخابات ألغتها المحكمة العليا في نهاية المطاف، في قرار شكّل سابقة تاريخية.
وعنونت "ذي ايست أفريكن" السبت "كينيا تصوّت ومنطقة شرق أفريقيا تحبس أنفاسها".
وأقرّت هذه الأسبوعية التي تحظى باحترام واسع بأن "كينيا أحرزت تقدّما كبيرا في مسارها الديموقراطي وباتت تعدّ ديموقراطية ناضجة بمقتضى المعايير الدولية".
وباستثناء بعض الحوادث النادرة ووابل المعلومات المغلوطة المتدفّق على وسائل التواصل الاجتماعي، جرت الحملة لانتخابية في أجواء هادئة وسط دعوات المرشّحين البارزين إلى التهدئة. ومن المرتقب نشر 150 ألف عنصر أمن في مراكز الاقتراع الثلثاء.
وأبدت مصادر ديبلوماسية لوكالة فرانس برس تفاؤلها بشأن سلاسة المسار الانتخابي الثلثاء، لكنها شدّدت على ضرورة عدم الاستعجال في الإعلان عن النتائج في هذا البلد المطبوعة ذاكرته بتلاعب مزعوم بالنتائج.
وصباح الثلثاء، سجّلت بعض الحوادث الناجمة عن مشاكل في الرزم البيومترية للتعرّف على الناخبين، خصوصا في نيروبي.
وقد اضطرت اللجنة الانتخابية الخاضعة لضغط كبير إلى إلغاء أربع عمليات اقتراع محلية الاثنين، خصوصا بسبب مشاكل في طباعة بطاقات الاقتراع. وأمامها حتى السادس عشر من آب لإعلان النتائج.
ومن إلدوريت الواقعة في منطقة الوادي المتصدّع، قال حسين قاسم (35 عاما) الذي يعمل في تصدير المحروقات إن "التصويت ينبغي ألا يكون مسألة حياة أو موت. وحان الوقت لتدرك كينيا هذه الحقيقة... وكما الحال في كلّ منافسة، هناك رابح وخاسر".
تويتر
فيسبوك
يوتيوب
انستغرام
مسنجر
واتساب
بريد إلكتروني
الطباعة
