تعهد العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث، في كلمة له أمس، بأن يخدم وطنه طوال حياته ويدافع عن الدستور، وأعلن تعيين نجله الأمير وليم ولياً للعهد ومنحه لقب أمير ويلز، وذلك في أول خطاب له بعد يوم من وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية عن 96 عاماً.
وكرّم العالم ذكرى الملكة إليزابيث الثانية التي رافقت البريطانيين مدة 70 عاما، مع قرع أجراس الكنائس وطلقات مدفعية من أوستراليا إلى المملكة المتحدة حيث تبدأ مرحلة حداد وطني من عشرة أيام.
وفور عودته إلى لندن مع قرينته كاميلا، خاطب الملك الجديد البريطانيين للمرة الأولى عبر شاشة التلفزيون، في رسالة مسجلة سابقاً أذيعت في حدود الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش.
وقال تشارلز الثالث "مجتمعنا صار يتمتع بالتعددية الثقافية والدينية"، مضيفاً: "استطعنا أن نحقق التقدم والازدهار، وحافظنا على قيمنا".
وأردف "والدتي كرّست حياتها لخدمة الشعب، وبقيت قيمنا ثابتة رغم التغيرات والتحديات".
وفي نعي عاطفي، "لأمه الحبيبة" قال: "لعل الملائكة ترنم لها، وترشدها إلى الراحة".
ووعد الملك تشارلز الثالث بخدمة البريطانيين طوال حياته، مستعيدا الالتزام الذي قطعته والدته الملكة الراحلة اليزابيث الثانية على نفسها في عيد ميلادها الحادي والعشرين.
وقال : "أجدد أمامكم هذا الالتزام بالخدمة طوال حياتي"، مشيداً ب"حياة الخدمة"، التي عاشتها والدته وبـ"محبتها للتقاليد" و"تمسكها بالتقدم"، فضلا عن "عاطفتها وظرفها".
وأعلن تشارلز أن نجله الأكبر وليم سيصير أمير ويلز، مضيفاً "أود ايضا أن اعرب عن محبتي لهاري و(زوجته) ميغن في وقت يواصلان بناء حياتهما في الخارج"، علماً بأن العلاقات مع نجله الأصغر تدهورت في شكل ملحوظ.
وتحدث عن زوجته كاميلا البالغة من العمر 75 عاماً، والتي ستصير الملكة القرينة، وقال :"أعرف أنها ستكون على قدر متطلبات دورها الجديد، بكل تفان، وإخلاص للواجب، الذي أصبحت أعول عليه كثيراً".
وشدد على أنه "سيخدم الجميع بولاء وحب".
وإلتقي الملك الجديد رئيسة الوزراء ليز تراس، التي كان تعيينها رسمياً من قبل إليزابيث الثانية الثلثاء الماضي آخر مهمة دستورية قامت بها الملكة في حياتها المكرسة حتى النهاية لدورها.
وصافح الملك البريطاني الجديد أفرادا من العامة خارج قصر باكنغهام أمس، بعدما نزل من سيارته. وأظهرت لقطات تلفزيونية تشارلز وزوجته كاميلا ينزلان من السيارة الملكية وسط هتافات من حشد تجمّع خارج القصر.
ثم شرع الملك في مصافحة العشرات وإلقاء نظرة على الزهور، التي وضعها الناس أمام القصر تكريماً لوالدته لمدة 10 دقائق على الأقل.
وغنى العديد من أفراد الجمهور "حفظ الله الملك"، وقال أحدهم "نحبك يا تشارلز".
وقبلت إحدى النساء يد الملك تشارلز، بينما انحنت أخرى على الحاجز الأمني كي تعانقه وتقبل وجنته.
وقالت جوي هونسوم (86 عاماً) من أكسفوردشير إنها تصرفت بشيء من الاندفاع عندما قبلته.
وأردفت ضاحكة "لم يبتعد... قال شكرا جزيلا لك". وقالت إنها شعرت براحة متبادلة. وأضافت: "أنا واثقة به تماماً".
وأوضحت أنها قالت له "أشعر بالأسف على فقدانك (والدتك)" قبل أن تقبّل يده.
وبات تشارلز أكثر حضوراً في الأشهر الأخيرة، ومثّل والدته -إلى جانب ابنه الأكبر وليم- بسبب ما وصفه القصر بأنها مشاكل في التنقل تعاني منها الملكة.
وتحدث للمرة الأولى مساء الخميس، في بيان عبر فيه عن "حزن العائلة الشديد"؛ بعد وفاة "صاحبة الجلالة العزيزة والأم الحبيبة".
وقال :"أعلم أن خسارتها ستلمس بعمق في جميع أنحاء البلاد والممالك والكومنولث ولدى عدد لا يحصى من الناس في العالم".
مدفعية وأجراس
وخلال النهار، أطلقت 96 طلقة مدفعية في أماكن عدة في البلاد، وقرعت أجراس كنيسة سانت بول ودير ويستمنستر وقصر وندسور.
كما بدأت مراسم التكريم في الطرف الآخر من العالم، في أوستراليا ونيوزيلندا، وهما من دول مجموعة الكومنولث التي صار تشارلز الثالث رئيساً لها.
وأعلن قصر باكنغهام فترة حداد ملكي مدتها 7 أيام تبدأ يوم تشييع الملكة، الذي لم يحدد بعد.
و"الحداد الملكي" يختلف عن الحداد الوطني -الذي بدأ أمس- ويلتزم به أفراد العائلة الملكية وموظفو النظام الملكي، وكذلك الحرس المشاركون في المراسم.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه سيحضر جنازة الملكة اليزابيث الثانية في المملكة المتحدة.
وقال لصحافيين: "لا أعرف التفاصيل بعد لكني سأحضر".
ولم يؤكد موعد الجنازة بعد، لكن يرجح أن تقام في 19 أيلول في كاتدرائية ويستمنستر في لندن.
وأشار بايدن إلى انه لم يتحدث بعد إلى الملك تشارلز الثالث. وأكد الرئيس الأميركي "لم اتصل به".
وجاء كلام بايدن إلى الصحافيين قبل صعوده إلى الطائرة الرئاسية الأميركية في مطار كولومبوس الدولي في أوهايو حيث ألقى خطاباً.
وفي موسكو، أعلن الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يحضر جنازة الملكة إليزابيث الثانية.
وقال إنه على الرغم من أن "الروس احترموها لحكمتها"، إلا أن حضور بوتين جنازة الملكة "غير مطروح".
والخميس، حيّا بوتين ذكرى الملكة اليزابيث الثانية، مقدّماً تعازيه إلى الملك تشارلز الثالث.
وأفاد بيسكوف، أنه لا يعلم في هذه المرحلة ما إذا كانت الحكومة الروسية ستوفد ممثلاً عنها لحضور الجنازة التي لم يتم الإعلان بعد عن تفاصيلها.