النهار

"إن شاء الله"... انتشال أطفال من تحت الأنقاض بعد أيام من الزلزال ونحيب قرب الركام "بلال يا بلال" (صور)
المصدر: رويترز
"إن شاء الله"... انتشال أطفال من تحت الأنقاض بعد أيام من الزلزال ونحيب قرب الركام "بلال يا بلال" (صور)
رجل إنقاذ يعتني بفتاة صغيرة تم إنقاذها بعد 4 أيام من الزلزال، في كهرمان ماراس جنوب تركيا (10 شباط 2023، أ ب).
A+   A-
انتشل عمال الإنقاذ، اليوم الجمعة، رضيعا يبلغ من العمر عشرة أيام ووالدته من تحت أنقاض مبنى منهار في تركيا، وأخرجوا أشخاصا عدة في مواقع أخرى بعد أربعة أيام من الزلزال الهائل الذي أزهق أرواح الآلاف وأحدث دمارا في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا.

وتأكد مقتل 21 ألفا في كلا البلدين من جراء الزلزال الذي خلّف عددا من القتلى لم تشهد المنطقة مثله على مدار العقدين الماضيين.

وبات مئات الآلاف بلا مأوى يعانون من نقص الغذاء في ظروف الشتاء الصعبة، وهم في أمس الحاجة إلى جهود إغاثة متعددة الجنسيات للتخفيف من معاناتهم.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الرئيس السوري بشار الأسد زار مستشفى في مدينة حلب في أول زيارة معلنة إلى المناطق المنكوبة بالزلزال. لكن برنامج الأغذية العالمي قال إن مخزونه من مواد الإغاثة بدأ ينفد في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة.
 
أ ف ب
ومن المتوقع أيضا أن يزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المناطق المتضررة من الزلزال في بلاده اليوم الجمعة وسط انتقادات من الناجين والمعارضين السياسيين بأن استجابة الحكومة للكارثة كانت بطيئة وسيئة التنظيم.

ويرفض إردوغان هذه الاتهامات تماما في الوقت الذي يسعى فيه لإعادة انتخابه في مايو أيار، لكن هذه الانتخابات قد تتأجل بسبب الكارثة.

وذهب المصلون لأداء صلاة الجمعة في مدينة كهرمان مرعش التركية، وهي إحدى المدن المنكوبة الواقعة بالقرب من مركز الزلزال، وسط ضجيج المعدات والمولدات المستخدمة في عمليات الإنقاذ.

وعمل رجال الإنقاذ، بما في ذلك فرق الإغاثة الآتية من عشرات البلدان، طوال الليل لرفع أنقاض آلاف المباني المنهارة.

ووسط أجواء قارسة البرودة، تطالب فرق الإنقاذ بصورة متكررة الأفراد بالتزام الصمت للاستماع إلى أي صوت يدل على حياة من تحت الكتل الخرسانية.

وفي منطقة سامانداغ بإقليم هاتاي، زحف رجال الإنقاذ اليوم الجمعة تحت كتل خرسانية وهمسوا "إن شاء الله" وهم يحاولون بحذر رفع الأنقاض وانتشلوا طفلا رضيعا يبلغ من العمر عشرة أيام.
 
أ ب
وغطى رجال الإنقاذ الطفل ياجيز أولاس ببطانية ونقلوه إلى مستشفى ميداني. وأظهرت لقطات مصورة عمال الطوارئ وهم يحمل والدته على نقالة وهي في حالة ذهول وشحوب لكنها كانت واعية.

وفي مدينة ديار بكر بشرق تركيا، انتشل عمال الإنقاذ سباحات فارلي (32 عاما) وابنها سرحات ونقلوهما إلى المستشفى صباح اليوم الجمعة بعد مئة ساعة من وقوع الزلزال.

وعلى الحدود التركية مع سوريا، استخدم رجال الإنقاذ من منظمة الخوذ البيضاء أيديهم للحفر حتى وصلوا إلى قدم فتاة صغيرة لا تزال على قيد الحياة.

لكن الآمال تتلاشى في العثور على المزيد من الناجين بين الركام.

وفي بلدة جنديرس السورية، بدأ ناصر الوكاع في النحيب أثناء جلوسه على كومة من الركام والمعدن الملتوي حيث كان يقع منزل عائلته، واحتضن ملابس كانت تخص أحد أطفاله.

وقال صارخا "بلال يا بلال" في إشارة إلى أحد أبنائه المتوفين.

تجاوزت حصيلة قتلى الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات والهزات الارتدادية القوية في كلا البلدين العدد المسجل في زلزال مماثل ضرب شمال غرب تركيا في 1999 وأودى بحياة أكثر من 17 ألفا.

ويصنَف الزلزال حاليا في المرتبة السابعة بين أكثر الكوارث الطبيعية فتكا هذا القرن، متجاوزا زلزال وتسونامي اليابان عام 2011 ومقتربا من إجمالي ضحايا زلزال وقع في إيران المجاورة في 2003 وأودى بحياة 31 ألف شخص.

وقالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية إن عدد القتلى ارتفع إلى 18342 صباح اليوم الجمعة بينما بلغ المصابون 74242.
 
أ ب
ولقي أكثر من 3300 شخص حتفهم في سوريا جراء الزلزال، لكن رجال الإنقاذ قالوا إن العديد من الأشخاص ما زالوا تحت الأنقاض.

ووفقا لمسؤولين أتراك والأمم المتحدة فقد تضرر نحو 24.4 مليون شخص في سوريا وتركيا في منطقة تمتد على مسافة 450 كيلومترا من أضنة في الغرب إلى ديار بكر في الشرق. وفي سوريا، قُتل أشخاص حتى في حماة في الجنوب، التي تبعد 250 كيلومترا من مركز الزلزال.

وأقام كثيرون ملاجئ لهم في مواقف سيارات المتاجر الكبرى أو في المساجد أو على جوانب الطرق أو حتى وسط الأنقاض.

وتشتد حاجة الناجين إلى الطعام والماء ووسائل التدفئة، إلى جانب ندرة المراحيض في المناطق الأكثر نكبة.

تداعيات سياسية
ألقت الكارثة بظلال من الشك على إمكانية المضي في إجراء الانتخابات التركية المقررة في 14 مايو أيار في موعدها.

وسيواجه إردوغان في هذه الانتخابات أصعب تحد له منذ عقدين قضاهما في السلطة.

ومع احتدام الغضب بسبب التأخير في توصيل المساعدات وبدء جهود الإنقاذ، من المرجح أن تلعب الكارثة دورا في التصويت إذا أجريت الانتخابات.

وكان إردوغان دعا دول العالم للتضامن مع بلاده واستنكر ما وصفه بأنه "حملات سلبية من أجل تحقيق مصالح سياسية".

وانتقد كمال قليجدار أوغلو، رئيس حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، رد فعل الحكومة على الزلزال.

وقال قليجدار أوغلو في بيان مصور "كان الزلزال مدمرا لكن ما هو أسوأ بكثير من الزلزال هو الافتقار إلى التنسيق والتخطيط وعدم الكفاءة".

قلق بالغ بخصوص الوضع في شمال غرب سوريا
تتعقد جهود الإغاثة في سوريا بسبب الحرب الأهلية الدائرة منذ 11 عاما. وعبر السوريون عن إحباطهم من بطء الاستجابة بما في ذلك في المناطق التي يسيطر عليها الأسد الذي ينبذه الغرب.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة في جنيف إن 14 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية عبرت اليوم الجمعة إلى شمال سوريا من تركيا وكان على متنها سخانات كهربائية وخيام وبطانيات وأشياء أخرى.

لكن برنامج الأغذية العالمي قال إن مخزونه من مواد الإغاثة بدأ ينفد في شمال غرب سوريا، حيث يعتمد 90 بالمئة من السكان على المساعدات الإنسانية. ودعا إلى فتح المزيد من المعابر الحدودية مع تركيا.

وناشدت الحكومة السورية، الخاضعة لعقوبات غربية، الأمم المتحدة لمساعدتها وقالت إن كل الدعم يتعين أن يكون بالتنسيق مع دمشق ومن داخل سوريا وليس عبر الحدود التركية.

وتنظر دمشق إلى إيصال المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوى المعارضة من تركيا على أنه انتهاك لسيادتها.

ونشرت الرئاسة السورية صورا للأسد وزوجته أسماء وهما يزوران أهالي حلب الذين أصيبوا في الزلزال.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium