أبرمت لندن وباريس اتفاقا جديدا للحد من الهجرة غير الشرعية من فرنسا التي ستحصل على زيادة في التمويل في السنوات الثلاث المقبلة من الجانب البريطاني، في ختام قمة هدفها تجديد التحالف "الأساسي" بين فرنسا والمملكة المتحدة بعد سنوات من الخلافات.
واستقبل الرئيس إيمانويل ماكرون في باريس الجمعة "صديقه" رئيس الوزراء البريطاني ريشى سوناك قبل 15 يوما من زيارة دولة سيقوم بها ملك بريطانيا تشارلز الثالث إلى فرنسا في أول رحلة له إلى الخارج.
وعانق الرئيس الفرنسي رئيس الوزراء البريطاني على درج قصر الإليزيه، قبل بدء محادثات لتعزيز مكافحة الهجرة غير القانونية والتعاون في مجال الدفاع والمساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وقال بيان نشر في ختام القمة الفرنسية البريطانية "في السنوات الثلاث المقبلة ستبلغ مساهمة المملكة المتحدة 141 مليون يورو في 2023-2024، و191 مليون يورو في 2024-2025 و209 ملايين يورو في 2025-2026".
وكان البلدان وقعا العام الماضي اتفاقا جديدا في منتصف تشرين الثاني للعمل معا لمنع عبور المهاجرين بحر المانش. لكن التمويل كان مخططًا حتى 2023 فقط. وقال ماكرون "قررنا اليوم الاستمرار في هذا الاتجاه بطريقة عملية جدا وملموسة وواعية للطبيعة المشتركة لمسؤوليتنا".
وفي مؤتمر صحافي، تحدث سوناك بالتفصيل عن الاتفاق. وقال "نعلن عن مركز احتجاز جديد في شمال فرنسا ومركز قيادة جديد يجمع لأول مرة فرقنا... و500 عنصر إضافيين جددًا يقومون بدوريات على الشواطئ الفرنسية".
وأضاف أن الإجراءات ستستكمل بمزيد من الطائرات المسيرة وتقنيات مراقبة أخرى "لزيادة معدل اعتراض" مراكب المهاجرين.
من جهته، أكد الرئيس الفرنسي أن البلدين يريدان "التحرك معا" في محاربة الهجرة غير النظامية و"يدركان القضايا الإنسانية" و"الحساسية المفرطة لهذه الموضوعات".
وذكر بأنه في 2022 تم "منع" أكثر من 1300 عملية عبور في قوارب هشة، وتفكيك 55 شبكة للجريمة المنظمة "بفضل عمل خلية استخباراتية مشتركة فرنسية بريطانية". في المقابل تمكن من 46 ألف شخص من عبور المانش العام الماضي.
وتم التطرق إلى هذا الموضوع بعد أيام قليلة من طرح الحكومة البريطانية الثلثاء مشروع قانون مثير للجدل لتقييد الحق في اللجوء بشكل كبير أدانته الأمم المتحدة بشدة. لكن قبل القمة، قللت باريس من أهميته بينما تراجعت لندن عن انتقاداتها السابقة لبعض التقاعس الفرنسي عن العمل على الحدود البحرية.
- "شراكة أساسية" -
كان سوناك أكد في بيان إن "تاريخنا الطويل وتجاورنا ورؤيتنا المشتركة للتحديات العالمية تعني أن الشراكة الوثيقة بين المملكة المتحدة وفرنسا ليست مهمة فحسب بل أساسية".
وأضاف "بينما نواجه تهديدات جديدة وغير مسبوقة، من الضروري تعزيز أسس تحالفنا لنكون جاهزين لمواجهة تحديات المستقبل"، في تصريحات قد تبدد الغيوم المحيطة ب"الاتفاقية الودية" التي تحدد العلاقات الفرنسية البريطانية.
ونادرا ما كانت هذه العلاقات جيدة بين ماكرون ورئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وشهدت مزيدا من التراجع في عهد ليز تراس القصير خلفًا لجونسون، لا سيما مع رفضها لبعض الوقت أن تحدد ما إذا كان الرئيس الفرنسي "صديقًا أو عدوا" للمملكة المتحدة.
وحسم ريشي سوناك الأمر الجمعة في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو بالقول إن ماكرون "صديق عظيم بالتأكيد"، وتحدث عن تبادل "رسائل نصية حول كرة القدم".
وكانت أزمات كثيرة عطلت لخمسة أعوام تقليد مؤتمرات القمة السنوية، من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى الجائحة والخلافات الحادة بشأن التحالفات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وقد تم تجاوز معظمها لاسيما أن ريشي سوناك أبرم للتو اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي بعد أشهر من المواجهة.
لذلك ستعطى "الأولوية" إلى "إعادة الاتصال" من أجل "استئناف عادات العمل المشتركة" بين الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني اللذين يرافق كل منهما سبعة وزراء، على حد قول الإليزيه.
- دفع جديد" -
ويشكل الغزو الروسي لأوكرانيا أيضا تحديا مشتركا لأول جيشين أوروبيين... الجيشان الوحيدان المجهزان بأسلحة نووية في أوروبا والمدفوعان إلى التقارب.
وقال أحد مستشاري الرئيس الفرنسي إن الأجواء تسمح "بإعطاء دفع جديد" للتعاون في مجال الدفاع، في إشارة إلى معاهدة لانكستر هاوس الموقعة في 2010 وتعطلت منذ بريكست.
وقالت لندن إن ماكرون وسوناك سيعلنان عن "تنسيق متزايد في توريد الأسلحة لأوكرانيا وتدريب" الجنود الأوكرانيين حتى يكون "آلاف آخرون" مسعدين للقتال.
من جهة أخرى، سيتم إبرام "شراكة إستراتيجية" حول الطاقة النووية واستثمارات متقاطعة أعلنت عنها شركات من البلدين إلى جانب القضية المشتركة المتمثلة في الحد من انبعاثات الكربون من الأنشطة الاقتصادية لمكافحة الاحتباس الحراري.