أبدى قادة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الأربعاء "قلقهم الشديد" حيال أعمال العنف في بورما، ودانوا الهجوم الأخير على قافلة تنقل مساعدات إنسانيّة في البلاد.
وهيمنت الأزمة في بورما هذا الأسبوع على اجتماعات القمة في اندونيسيا.
وتشهد بورما أزمة سياسية وإنسانية منذ انقلاب عسكري أسقط الحكومة الديموقراطية بقيادة أونغ سان سو تشي في شباط 2021، أعقبته حملة قمع دامية شنها المجلس العسكري.
لكن جهود "آسيان" باءت بالفشل في مواجهة المجلس العسكري الذي يتجاهل الإدانات الدولية ويرفض التواصل مع معارضي النظام العسكري، بمن فيهم البرلمانيون السابقون وقوات الدفاع الشعبي - المعارضة الجديدة المؤيدة للديموقراطية - ومجموعات مسلّحة من الأقليات العرقية.
وقال القادة الذين يعقدون قمّة في إندونيسيا تستمرّ حتى الخميس في بيان، "نحن قلقون جدًّا حيال أعمال العنف الحاليّة في بورما، وندعو إلى وضع حدّ فوريّ لكلّ أشكال العنف واستخدام القوّة" بهدف "تهيئة بيئة مواتية لإيصال (...) المساعدات الإنسانيّة و(إجراء) حوار وطني شامل".
وحاولت "آسيان" التي انتُقِدَت بسبب عدم تحرّكها، حلّ الأزمة البورميّة عبر القنوات الديبلوماسيّة.
وشنّت المجموعة العسكرية البورمية الحاكمة غارة جوية على أحد معاقل المتمرّدين الشهر الماضي، أسفرت عن مقتل 170 شخصاً على الأقل وأثارت إدانات دولية وفاقمت عزلة المجموعة العسكرية.
وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلثاء أن ضربة الشهر الماضي تعد "جريمة حرب محتملة" وحضّت آسيان على "التعبير عن دعمها لإجراءات أقوى من أجل وقف تدفق الأموال للجيش والضغط على المجموعة العسكرية لتنفيذ إصلاحات".
وتفاقم الضغط على التكتل الإقليمي الأحد، بعدما تعرّضت قافلة مركبات تقل ديبلوماسيين ومسؤولين ينسقون مساعدات آسيان الإنسانية في بورما إلى إطلاق نار.
ولم ترد الكثير من التفاصيل عن الهجوم في ولاية شان في شرق بورما، لكنّ ديبلوماسياً أجنبياً في رانغون قال إن ديبلوماسيين من سفارتَي إندونيسيا وسنغافورة كانوا ضمن المجموعة.
وأكدت سنغافورة أن موظفين في سفارتها في رانغون كانا ضمن القافلة لكنهما لم يتضررا.
وقال قادة الرابطة في البيان "قمنا بإدانة الهجوم وشددنا على وجوب محاسبة مرتكبيه".
وقال الرئيس الاندونيسي جوكو ويدودو في كلمته أمام القمة الأربعاء إنه "واثق" بقدرة الكتلة المؤلفة من عشر دول من التعامل مع التحديات العالمية المتزايدة إذا كان أعضائها متحدين.
وأكد ويدودو أنّه "بالوحدة، ستكون آسيان قادرة على لعب دور رئيسي في إحلال السلام والنمو".
- صعوبات ديبلوماسية -
تختتم القمة أعمالها الخميس في جزيرة فلوريس الإندونيسية حيث يواصل وزراء الخارجية والقادة جهودهم الرامية إلى إحياء خطة من خمس نقاط تم الاتفاق عليها مع بورما قبل عامين بعد فشل محاولات الوساطة لإنهاء العنف.
وما زالت بورما عضواً في آسيان لكنها منعت من المشاركة في القمم العالية المستوى نظرا إلى فشل المجموعة العسكرية في تطبيق خطة السلام.
وقالت مصادر ديبلوماسية لوكالة فرانس برس إنّ وزراء خارجية بعض الدول التي لم يسمّوها، اقترحوا أخيراً دعوة المجلس العسكري، مشيرين إلى أن "بورما مرهقة".
وفي السياق، أشارت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي الجمعة إلى أنّ جاكرتا تستخدم "ديبلوماسية هادئة" للتحدّث الى جميع أطراف النزاع في بورما.
لكن المحلّلة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جاكرتا لينا ألكسندرا، أكدت أنّ الوقت ينفد أمام إندونيسيا من أجل تحقيق اختراق.
وأضافت أنّه بعد القمة المقبلة لقادة "آسيان" في أيلول، ستسلّم إندونيسيا رئاسة الرابطة إلى لاوس التي يحكمها الشيوعيون، الأمر الذي قد يعيد اجتذاب بورما ويسمح للمجلس العسكري بحضور قمم "آسيان".
وأكدت أنّه "حان الوقت كي تُظهر إندونيسيا أنّها تستطيع أن تفعل ما ينبغي أن تفعله".
وهناك انقسامات بين أعضاء التكتل حول بورما وقضايا أخرى، من بينها التوترات المتصاعدة في بحر الصين الجنوبي.
وكان ديبلوماسيون الأربعاء يضعون اللمسات الأخيرة على خطة لتنفيذ عملية السلام التي يمكن أن يعلن عنها قادتهم الخميس.
غير أنّ المسودة الأخيرة للبيان الختامي التي اطلعت عليها فرانس برس، تركت الفقرة الخاصة ببورما مفتوحة، ممّا يعكس الصعوبات الديبلوماسية بشأن هذه القضية.