النهار

بايدن أمام خيار صعب بشأن برنامج إيران النووي: "عدان عكسيّان" يشكلان "ضغطاً كبيراً" عليه
المصدر: أ ف ب
بايدن أمام خيار صعب بشأن برنامج إيران النووي:  "عدان عكسيّان" يشكلان "ضغطاً كبيراً" عليه
بايدن يصغي خلال اجتماع ثنائي بنظيره البرازيلي جاير بولسونارو (ليس في الصورة) في قمة الاميركيتين في لوس أنجليس بكاليفورنيا (9 حزيران 2022، أ ف ب).
A+   A-
ماذا الآن؟
 
مع تصاعد التوتر مؤخرا بين إيران والأسرة الدولية، يشتد الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل التوصل سريعا إلى خاتمة للمفاوضات مع طهران.

ويجد بايدن نفسه أمام خيار صعب ما بين تليين موقفه والمجازفة عندها بأن تتهمه المعارضة الجمهورية بالضعف حيال أحد الدّ أعداء أميركا قبل أشهر من الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني، أو إعلان فشل الديبلوماسية والمخاطرة بإثارة أزمة كبرى في الشرق الأوسط بالتزامن مع الحرب الروسية في أوكرانيا.

وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية "في المرحلة الراهنة، قد تسير الأمور في أي من الاتجاهين".

ورأى أن "التوتر الذي حصل في الأيام الماضية يمكن أن يدفع قادة طهران وواشنطن إلى الموافقة على التسوية المطروحة على الطاولة" أو بالعكس أن يثير "دورة جديدة من التصعيد ستتفاقم حتما".

وكان الرئيس الديموقراطي توقع مطلع 2021 مفاوضات سريعة لإحياء اتفاق 2015 حول الملف النووي الإيراني بعدما انسحب منه سلفه الجمهوري دونالد ترامب.

لكن محادثات فيينا متوقفة اليوم.

- انتقادات لإيران -
تفاقم الوضع مع إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قرارا أميركيا أوروبيا ينتقد إيران رسميا لعدم تعاونها، وذلك بعد تقرير للوكالة الشهر الماضي أكدت فيه عدم الحصول على "توضيحات" بشأن آثار يورانيوم مخصب عثر عليها في ثلاثة مواقع غير مصرح عنها في إيران.

وردت إيران معلنة الأربعاء "إغلاق 27 كاميرا" تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة أنشطتها النووية.

في واشنطن، يعتبر مؤيدو اتفاق 2015 أن هذه التطورات تثبت ان "خطة العمل الشاملة المشتركة" هي الوسيلة الوحيدة لمنع إيران من حيازة قنبلة نووية، وأن إنقاذها يستحق تقديم بعض التنازلات الأميركية.

في المقابل، يرى منتقدو الاتفاق، وهم جمهوريون بشكل أساسي، في الأحداث الأخيرة دليلا على أنه غير كاف إذ أن إيران لا تتعاون مع المفتشين الدوليين.

وتساءل بهنام بن طالبلو من معهد الدفاع عن الديموقراطيات للدراسات الذي ينشط ضد الاتفاق النووي، إن كان كل التقدم الذي أحرزته طهران في الأشهر الأخيرة في المجال النووي "لا يكفي لحمل حكومة بايدن على تبديل موقفها، فما الذي تحتاج إليه أكثر من ذلك؟".

وحض الرئيس الأميركي على العودة إلى سياسة "الضغوط القصوى" المطبقة في عهد سلفه ولكن باعتماد "نسخة متعددة الأطراف".

وحتى في المعسكر الديموقراطي تصعّد الأصوات المنتقدة نبرتها، على غرار السناتور النافذ بوب ميننديز الذي تساءل "متى ستقر الحكومة أخيرا بأن تقدم إيران النووي" بات أكبر من أن يبقى من المجدي إحياء الاتفاق النووي.

وحذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي الإثنين من أن "مجرد أسابيع قليلة فقط" تفصل إيران عن الحصول على مواد كافية لصنع سلاح نووي اذا استمرت على وتيرتها الحالية في تخصيب اليورانيوم، وهو ما تنفي إيران باستمرار سعيها إليه.

- "هامش غموض" -
في الواقع بدا الطرف الأميركي في الأشهر الماضية مكتفيا ضمنا بالوضع القائم الذي لخصه علي واعظ بعبارة "لا اتفاق، لا أزمة".

فبعدما حذر الأميركيون في كانون الأول من أنه لم يبق هناك سوى "بضعة أسابيع" للتوصل إلى تفاهم، انقضت هذه المهلة بدون تحقيق أي نتيجة، ومن غير أن يحددوا أي مهلة أخرى.

وعمدت واشنطن الخميس إلى إبقاء الغموض حول نواياها.

وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن "استفزازات" طهران الأخيرة قد تتسبب بـ"أزمة نووية متفاقمة" و"زيادة عزلة إيران الاقتصادية والسياسية".

لكنه في الوقت نفسه ترك الباب مفتوحا للديبلوماسية، مؤكدا أنه ما زال يسعى لإحياء الاتفاق النووي. وأوضحت أوساطه أن تفعيل الاتفاق سيخدم "بقوة مصالح الأمن القومي" الأميركي.

وتخشى رندا سليم الباحثة في معهد الشرق الأوسط للدراسات، أن يستمر  "هامش الغموض هذا حيث يفترض الجميع أن محادثات فيينا فشلت، لكن لا أحد يريد إعلان ذلك".

وتابعت "هذه هي المعضلة أمام إدارة بايدن: إذا أعلنت أن المفاوضات انتهت" في وقت يؤكد الخبراء أنفسهم أن طهران أقرب من أي وقت مضى لامتلاك السلاح النووي، عندها "ستكون مرغمة على التحرك" أو على "القبول بتدخل من إسرائيل" حيث يدفع الصقور باتجاه شن ضربات عسكرية على مواقع نووية إيرانية.

غير أن علي واعظ يرى في المقابل أن التوتر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "أثبت للطرفين" أنه "لا يمكن فعليا الاستمرار" في الوضع القائم.

وشدد، دعما لرأيه، على أن جو بايدن يواجه "عدين عكسيين" يشكلان "ضغطا كبيرا" عليه.

فهو من جهة أمام "العد العكسي الفني" الذي يقرب الجمهورية الإسلامية من امتلاك سلاح نووي والذي سيدفع الكونغرس الأميركي إلى مطالبة الرئيس بتحرك أكثر حزما، ومن جهة أخرى أمام "العد العكسي السياسي" مع اقتراب الانتخابات التشريعية في منتصف الولاية الرئاسية.
الكلمات الدالة
إعلان

اقرأ في النهار Premium