أعرب كبار مسؤولي الحزب الجمهوري الثلثاء عن دعمهم للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعد أن أثار دهم مكتب التحقيقات الفدرالي لمقر إقامته في فلوريدا عاصفة سياسية في بلد منقسم ويعاني من الاستقطاب الحاد.
وفاقمت عملية الدهم المباغتة الاثنين الضغوط القضائية التي يتعرض لها رئيس الولايات المتحدة الخامس والأربعون، وسط ترحيب من خصومه السياسيين وإدانة من أنصاره، فيما حضّ العديد من مستشاري ترامب السابقين الرئيس السابق على التأكيد بشكل فوري أنه سيكون مرشحا رئاسيا عام 2024.
قال ترامب (76 عاماً) عن عملية التفتيش التي قام بها عناصر الإف بي آي لمقر إقامته في مارالاغو واستمرت طيلة اليوم: "لم يحصل شيء كهذا لرئيس للولايات المتحدة من قبل". وندّد بما وصفه "سوء سلوك من جانب الادعاء العام" و"استخدام لنظام العدالة كسلاح" من جانب "الديموقراطيين من اليسار المتطرف الذي يحاولون بشكل يائس منعي من الترشح للرئاسة في 2024".
من جهتها، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن الرئيس جو بايدن لم يكن لديه أي إشعار مسبق بشأن الدهم ويحترم استقلالية وزارة العدل.
وردّاً على سؤال حول احتمال اندلاع اضطرابات ردّاً على مشاكل ترامب القانونية، أجابت جان- بيار: "لا مكان للعنف السياسي في هذا البلد".
رفض مكتب التحقيقات الفدرالي الذي يقوده كريستوفر راي الذي عيّنه ترامب الكشف عن أسباب الخطوة غير المسبوقة بحق رئيس سابق. غير أن العديد من وسائل الإعلام الأميركية ذكرت أن عناصر فدراليين يجرون عملية تفتيش بإذن قضائي وهي متعلقة بسوء تعامل محتمل مع مستندات سرية نُقلت إلى مارالاغو بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض في كانون الثاني 2021.
وبعد يوم من الدهم، أعلن النائب الأميركي سكوت بيري حليف ترامب أن عملاء من مكتب التحقيقات الفدرالي صادروا هاتفه الخلوي، من دون أن يبيّن السبب الذي دفعهم الى ذلك.
وأضاف بيري لشبكة "فوكس نيوز": "هذا الصباح أثناء رحلة مع عائلتي، زارني ثلاثة من عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي وصادروا هاتفي الخلوي"، وندّد بما وصفه بـ"نوع من تكتيكات جمهوريات الموز".
يواجه ترامب أيضاً تحقيقات قضائية مكثفة تتعلق بمساعيه لقلب نتائج انتخابات 2020، وفيما يتعلق بالهجوم الذي شنه أنصاره في السادس من كانون الثاني على الكابيتول. فمنذ مغادرته البيت الأبيض، لم تتوقّف الشخصية الأكثر إثارة للانقسام في البلاد، عن بث أخبار مضللة عن فوزه في انتخابات العام 2020.
قلق عميق
سارع كبار الجمهوريين لإظهار الدعم للرئيس السابق الذي لم يكن حاضراً في مارالاغو عند حصول الدهم.
وعبّر مايك بنس، النائب السابق لترامب، والمنافس المحتمل في 2024، عن "قلق عميق" إزاء تفتيش منزل ترامب وقال إنها تنم عن "انحياز حزبي" من جانب وزارة العدل.
بدورها، وصفت النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك ما حصل بأنه بأنه "يوم مظلم في التاريخ الأمريكي".
وغرّدت قائلة: "إذا كان بإمكان مكتب التحقيقات الفدرالي دهم رئيس أميركي، تخيل ما الذي يمكن أن يفعلوه بك"، ليردّ عليها النائب الديموقراطي تيد ليو بالقول: "لماذا لا يستطيع مكتب التحقيقات الفدرالي التحقيق مع رئيس أميركي؟ لسنا روسيا حيث لا ينطبق القانون على رئيس الدولة ورفاقه".
من جانبه اتّهم كيفن ماكارثي، النائب عن كاليفورنيا والطامح لرئاسة مجلس النواب في حال استعاد الجمهوريون الغالبية في المجلس في انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني، وزارة العدل بممارسة "التسييس المسلح".
واعتبرت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا ماكدانيال عمية الدهم "مشينة".
أما السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المقرب من ترامب فقال إن "إطلاق تحقيق بحق رئيس سابق في توقيت قريب جداً من الانتخابات أمر يتجاوز الإشكالية".
وبعد التنديد بالدهم في بيان مطول مساء الاثنين، أعلن فريق ترامب الثلثاء إطلاق حملة لجمع الأموال طالباً "من كل أميركي يتمتع بصفات الرجولة ومحب للوطن أن يتقدم" ويتبرع لمحاربة ما وصفه ترامب بأنه "اضطهاد سياسي لا ينتهي".
وحضّ المدير السابق لمنصات ترامب الاجتماعية دان سكافينو الرئيس السابق على التعجيل بالإعلان عن ترشحه للانتخابات مجدداً. وكتب في تغريدة: "ترشح يا 45، ترامب 2024".
لا أحد فوق القانون
ردّ الديموقراطيون على عملية الدهم بحذر أو امتنعوا عن التعليق.
وقالت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي لشبكة "إن بي سي": "لا أحد فوق القانون (...) ولا حتى رئيس سابق للولايات المتحدة".
من جانبه، قال السناتور الديموقراطي عن كونيتيكت كريس مورفي: "متى قررنا أن الأثرياء والأقوياء هم فوق القانون، فإن أميركا لا تبقى أميركا".
وفي بيانه، لم يلمح ترامب إلى سبب قيام إف.بي.آي بتفتيش منزله لكنه قال "بل حتى اقتحموا خزنتي".
وقال أندرو ماكابي، النائب السابق لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي إنه يعتقد أن المكتب قد يكون يبحث عن "شيء محدد" يتعلق بالتحقيق الذي يجريه بشأن سوء التعامل المفترض مع معلومات سرية.
في شباط، كانت هيئة المحفوظات الوطنية الأميركية قد كشفت أنها استردّت 15 صندوقاً من الوثائق من مقر ترامب في فلوريدا وطلبت من وزارة العدل التحقيق في كيفية تعامل ترامب مع معلومات سرية.
وأثار استرداد الصناديق تساؤلات حول التزام ترامب قوانين السجلات الرئاسية التي وُضعت بعد فضيحة "ووترغيت" في السبعينات ويُطلب بموجبها من الرؤساء الاحتفاظ بالسجلات المتعلقة بعملهم.
وفي مقابلة مع شبكة "سي.إن.إن" قال ماكابي: "لا بد أن هناك شكًا وقلقًا وفي الواقع معلومات محددة دفعت (مكتب إف بي آي) إلى الاعتقاد بوجود مواد إضافية لم يتم تسليمها".
وقالت مديرة الاتصالات السابقة في فريق ترامب أليسا فاراه غريفن لشبكة "سي.إن.إن" أن عملية الدهم يمكن أن تثير حماسة مؤيديه، الذين تجمع عدد منهم أمام مارالاغو الثلثاء. وأضافت: "إذا اعتبرت (عملية الدهم) بمثابة تجاوز كبير وليس كمسألة خطيرة جداً، فهذا يوم جيد جداً لدونالد ترامب".
شهدت واشنطن لأسابيع جلسات استماع في الكونغرس حول اقتحام أنصار ترامب مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني، ومحاولاته إلغاء نتائج الانتخابات التي فاز بها الديموقراطي جو بايدن.
وبينما رفض المدعي العام ميريك غارلاند التعليق على تكهنات بإمكان توجيه اتهامات جنائية لترامب، إلّا أنّه أكّد قائلا ً"لا يوجد شخص فوق القانون"، مبدياً عزمه على "محاسبة كل شخص مسؤول جنائياً عن محاولة قلب نتيجة انتخابات شرعية".
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن البيت الأبيض "لم يأخذ علما بالإجراءات المذكورة" وأحال الاسئلة الأخرى إلى وزارة العدل.
يخضع ترامب أيضاً للتحقيق في محاولات لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا، في حين يتم التحقيق بممارساته التجارية في نيويورك في قضيتين منفصلتين، واحدة مدنية والأخرى جنائية.