يُعتبر الحمار والفيل رمزَين لأقوى حزبَين في الولايات المتّحدة، فالحمار رمز الحزب الديموقراطي، بينما يرمز الفيل إلى الحزب الجمهوري.
وفيما تتواصل معركة الانتخابات النصفية الأميركية، يتساءل الكثير عن سرّ استمرار رمزَي الحمار والفيل لدى أكبر حزبين في الولايات المتّحدة؛ فهل هناك دلالة معيّنة لاستخدام مثل هذه الرّموز في الولايات المتحدة؟
تعود قصة اختيار تلك الرموز إلى الثلث الأوّل من القرن التاسع عشر، إذ بدأ رمز الحمار أوّلاً، عندما قام معارضو المرشّح الرئاسي أندرو جاكسون بإطلاق اسم "جاكاس" عليه، وهي كلمة سيّئة تدلّ على الحمار.
كان ذلك في العام 1828. اختار حينها المرشّح الديموقراطي أندرو جاكسون شعار "لنترك الشعب يحكم"، في خطوة أثارت سخرية الحزب الجمهوري الذي وصف هذا الشعار بأنّه رخيص، فما كان من جاكسون إلا أن اختار حماراً رماديّ اللون جميل المظهر، وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية، وقاده وسط القرى والمدن من أجل الدعاية لبرنامجه الانتخابي ضدّ منافسه الذي كان يظهر على أنه نخبويّ.
أما الفيل الجمهوري الضّخم، فقد ظهر كشعار للحزب الجمهوري للمرة الأولى في دعاية سياسية مساندة لأبراهام لينكولن خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 1860، حين كانت الولايات المتّحدة عبارة عن شبه قارّة مقسّمة بين الشمال والجنوب، بسبب اختلاف المواقف من قضيّة تحرير العبيد. وقد قرّر أبراهام لينكولن خوض غمار الانتخابات أملاً في توحيد البلاد، لكنّ الفيل لم يتحوّل إلى شعار سياسيّ للجمهوريّين إلّا في العام 1870، عندما قام الرسّام توماس ناست بالتعبير عن تذمّره ممّا وصفه بخروج الحزب الجمهوري عن قيمه اللّيبرالية، واختصر الحزب في رسم كاريكاتوري لفيل ضخم مذعور يحطّم كلّ ما تطأه قدماه، وكتب على جسده عبارة الصوت الجمهوري.
يعود ظهور الرّمزين السّياسيين وارتباطهما الكبير بالحزبين إلى قوّة الرسام توماس ناست وشعبيّته الكبيرة، فاستعماله لبعض الرموز منحها وهجاً، وحوّلها إلى أيقونة في مجال السياسة، حتى وإن كانت موجودة في الأصل ولم يقم باختراعها، وذلك بفعل الشعبيّة التي تمتّعت بها رسوماته السياسية الساخرة في منتصف القرن الـ19.