رغم مشاكل التنقل التي يعانيها، يتوجّه البابا فرنسيس الثلثاء إلى عاصمة كازاخستان في زيارة تستمر ثلاثة أيام تندرج تحت شعار الحوار، في ظلّ ظروف إقليميّة متوتّرة جراء الحرب في أوكرانيا.
وسيشارك البابا (85 عاماً) والذي يتنقل في كرسي متحرك بسبب آلام في الركبة، في قمة مشتركة بين الأديان في نورسلطان (أستانا سابقاً) بين 13 و15 أيلول بحضور نحو مئة وفد من نحو خمسين بلداً.
وستكون الحرب في أوكرانيا من المواضيع الكبرى لهذه الرحلة الثامنة والثلاثين للبابا إلى الخارج واختار لها الجمهورية السوفياتية السابقة المحاذية لروسيا والتي استقلت عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفياتي.
ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف (69 عاماً) الذي خلف نور سلطان نزارباييف عام 2019، هو حليف لموسكو ولو أن توتّراً ظهر بين البلدين بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط. وامتنع توكاييف عن دعم الهجوم الروسي في حين تعيش في شمال بلاده جالية روسية كبيرة ما يثير مخاوف من عودة طموحات موسكو الإمبراطورية في هذه المناطق.
في الإطار، قال رئيس أساقفة نور سلطان المونسنيور توماش بيتا لموقع "فاتيكان نيوز"، وسيلة الإعلام الرسمية للفاتيكان، إنّه "على ضوء الوضع الدولي الخطير، تحمل الزيارة أملاً في السلام والمصالحة على صعيد العالم".
"تعزيز السلطة"
بعث الإعلان لفترة عن حضور رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل المؤيد بشدّة للرئيس فلاديمير بوتين، أملاً في عقد لقاء مع البابا فرنسيس، غير أنّه عدل في نهاية المطاف عن المجيء.
ودعا البابا إلى السلام وندّد بـ"حرب وحشيّة لا معنى لها"، بينما دافع كيريل عن "العملية العسكرية" التي ينفذها بوتين وعن تصدي روسيا لــ"الأعداء في الداخل والخارج".
ومن المواضيع التي ستهيمن على زيارة البابا أيضاً مسألة الصين التي يسعى الفاتيكان إلى تجديد اتفاق تاريخي وقّعه معها عام 2018. وسيكون الرئيس الصيني شي جينبينغ في نور سلطان خلال زيارة البابا، غير أنّه لم يُعلن عن أيّ لقاء بينهما.
يذكر أنّ كازاخستان أكبر دول آسيا الوسطى ويبلغ عدد سكانها 18,7 مليون نسمة بينهم غالبية كبرى من المسلمين السنة (70 بالمئة) و26 بالمئة من المسحيّين، غير أنّ الكاثوليك يمثلون أقلّ من 1 بالمئة من السكان.
وبعد وصوله إلى السلطة، باشر توكاييف سلسلة من الإصلاحات، غير أنّ البلد شهد مطلع 2022 أعمال شغب دامية على ارتباط بزيادة أسعار المحروقات، أوقعت 238 قتيلاً وأساءت إلى صورة الاستقرار التي كان يعكسها هذا البلد.
قال مدير المعهد الفرنسي للدراسات حول آسيا الوسطى الباحث أدريان فوف، لوكالة "فرانس برس": "نشهد مرحلة تقوم على تعزيز سلطة الرئيس الحالي توكاييف (...) في سياق توتّر شديد: توتّر داخلي أولاً مع أحداث كانون الثاني، وتوتّر دولي داخل الاتحاد السوفياتي السابق، إنما كذلك على مستوى العالم مع ضلوع قوى أخرى في النزاع الروسي الأوكراني".
خطب وقداس
يصل البابا الثلثاء قبيل الساعة 18,00 (12,00 بتوقيت غرينتش) إلى نور سلطان حيث يلتقي توكاييف في القصر الرئاسي ويلقي خطابه الأول أمام السلطات والسلك الديبلوماسيّ. كما يلقي كلمة الأربعاء عند افتتاح دورة المؤتمر السابع لقادة الأديان العالمية والتقليدية، قبل إقامة قداس بعد الظهر.
وسيكرّس البابا فرنسيس اليوم الثالث والأخير من الزيارة للقاء مسؤولين كاثوليك وإلقاء خطاب اختتام المؤتمر. وهو ثاني بابا يزور كازاخستان بعد يوحنا بولس الثاني في أيلول 2001. وسبق أن زار جورجيا وأذربيجان في 2016.
إزاء صعوبة تنقّله منذ عدة أشهر، أقرّ البابا فرنسيس في تموز بأنّه لم يعد بوسعه "الإبقاء على وتيرة السفر نفسها"، مضيفاً: "يجب أن أدّخر قواي قليلاً" أو حتى أن "أفكر في إمكان التنحي".
وخلال زيارتين إلى مالطا في نيسان وكندا في تموز، وُضع برنامج البابا بحيث يتمكّن من الاستراحة. واضطرّ إلى إلغاء رحلة إلى أفريقيا في مطلع تموز.