وصل وفد إيراني الأربعاء إلى المملكة العربية السعودية لتمهيد الطريق أمام إعادة فتح البعثات الديبلوماسية الإيرانية، فيما تستعد أهم قوّتَين إقليميّتَين في الخليج لاستئناف علاقتهما المقطوعة منذ أكثر من سبع سنين.
وتأتي الزيارة الإيرانية بعد زيارة وفد سعودي مماثل لطهران السبت لمناقشة آليات إعادة فتح بعثات المملكة في الجمهورية الإسلامية، وبعد لقاء وزيري خارجية البلدين الخميس الماضي في بكين حيث تعهدا تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني "تماشياً مع تنفيذ الاتفاق المبرم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية لاستئناف العلاقات الرسمية والأنشطة الديبلوماسية، فقد وصل الوفد الفني الإيراني ظهر اليوم إلى الرياض وكان في استقباله مسؤولون سعوديون".
وأضاف في بيان "سيتخذ الوفد الإيراني الإجراءات اللازمة لإعادة افتتاح السفارة في الرياض والقنصلية العامة في جدة، كما سيعمل الوفد على تفعيل ممثلية إيران الدائمة في منظمة التعاون الإسلامي (مقرّها جدة)".
ومن المتوقع أن تكون الخطوة المقبلة في مسار استعادة العلاقات بين البلدين زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للرياض بعد تلقيه دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، على ما أكد مسؤولون إيرانيون، وهي دعوة لم تؤكدها السعودية حتى الآن.
وهي زيارة ستكون الأولى لرئيس إيراني للرياض منذ زيارة محمود أحمدي نجاد في العام 2012 إلى مكّة حيث شارك في اجتماع إقليمي.
وتندرج هذه التحركات الديبلوماسية المتسارعة في إطار تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران بموجب الإعلان المفاجئ عن اتفاق استئناف العلاقات بين البلدين برعاية صينية الشهر الماضي.
وكانت طهران والرياض أعلنتا في 10 آذار التوصل الى الاتفاق بعد قطيعة استمرت سبع سنوات إثر مهاجمة البعثات الديبلوماسية السعودية في إيران على خلفية إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر.
- تهدئة في المنطقة -
خاضت إيران والسعودية وهما خصمان إقليميان نزاعات إقليمية بالوكالة أبرزها الحرب في اليمن وكذلك في العراق ولبنان.
وعقدت الدولتان عدداً من جولات الحوار في بغداد وسلطنة عُمان قبل أن تتوصلا إلى اتفاق في بكين، تم التفاوض حوله مدى خمسة أيام بين أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ونظيره السعودي مسعد بن محمد العيبان.
وأشادت دول في المنطقة وخارجها باتفاق إيران والسعودية باعتباره خطوة إيجابية نحو الاستقرار قد يمهّد لمزيد من التقارب الديبلوماسي الإقليمي.
ويأمل مراقبون أن يسهم الاتفاق في التهدئة في اليمن، حيث تخوض الدولتان حربا بالوكالة منذ العام 2015. وقد يسري ذلك أيضاً على دول أخرى مثل سوريا ولبنان والعراق، حيث باتت إيران حاضرة أكثر من أي وقت سابق.
وفيما تتبادل طهران والرياض الزيارات الديبلوماسية في مسار استئناف العلاقات الديبلوماسية، تحاول السعودية أيضا وضع حد للحرب في اليمن.
وتتفاوض السعودية مع المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، بعد ثماني سنوات على تدخلها عسكريا لمنعهم من السيطرة على أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
والاثنين، أعلن السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر أنّ الزيارة التي قام بها إلى العاصمة اليمنية صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، هدفها "تثبيت الهدنة" والبحث في سبل الدفع باتّجاه "حلّ سياسي شامل ومستدام" في اليمن.
منذ آذار 2015، تقود السعودية تحالفا عسكريا لمحاربة الحوثيين بعدما سيطروا على صنعاء ومساحات واسعة من البلاد.
وقال محلّلون إنّ السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، ترغب في الخروج من الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات لتركيز جهودها على المشروعات المحلية العملاقة الرامية لتنويع مصادر اقتصادها المرتهن للنفط.