النهار

ذكريات تشيرنوبيل تؤرق الأوكرانيّين قرب محطة زابوريجيا النوويّة
المصدر: "أ ف ب"
ذكريات تشيرنوبيل تؤرق الأوكرانيّين قرب محطة زابوريجيا النوويّة
جندي روسي خلال دورية في إقليم محطة الطاقة النووية زابوريجيا (1 أيار 2022 - أ ف ب).
A+   A-
تهبّ رياح عاتية في بلدة مارغانيتس الأوكرانيّة قادمة من الضفة المقابلة لنهر دنيبرو حيث تقع محطة زابوريجيا النوويّة الخاضعة لسيطرة القوات الروسيّة، وتتبادل كييف وموسكو الاتّهامات بشنّ ضربات في محيطها.
 
خلال أسبوع، تعرّضت منشآت المحطة للقصف مرّات عدّة. وألحقت الضربات الأخيرة الخميس أضراراً بمحطة ضخّ وأجهزة استشعار للإشعاعات.
 
والأخطر من ذلك، أصابت الضربات خطّ توتّر عالٍ في 5 آب، ممّا تسبّب تلقائيّاً بتوقّف المفاعل رقم 3 في أكبر محطة طاقة نوويّة في أوروبا، وبدء تشغيل مولدات الطوارئ. وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرّية رافايل غروسي أمام مجلس الأمن الدولي الخميس إنّ "الوضع حرج". 
 
تقع بلدة مارغانيتس على بعد ثلاثة عشر كيلومتراً فقط على الجانب الآخر من النهر. لا تزال البلدة الخضراء على قمّة تل، تحت السيطرة الأوكرانية، وبين الغابات، يمكن رؤية المحطة التي تعود إلى الحقبة السوفياتيّة. 
 
وقالت أناستازيا (30 عاماً): "تعلمون، إذا متنا، سيحدث ذلك في ثانية، ولن نعاني". وأضافت: "يطمئنني أن أعرف أنّ طفلي وعائلتي لن يتألموا".
 
 
خوف دائم
تقع محطة زابوريجيا للطاقة النووية في مدينة إنرغودار وهي على خط المواجهة منذ أن احتلّتها القوات الروسيّة في مطلع آذار، بعد أيام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. 
 
في مارغانيتس، لا يَنصح الجنود بالذهاب إلى ضفاف نهر دنيبرو الذي يبلغ عرضه ستة كيلومترات في هذه المنطقة، خوفاً من أن تطلق قوات العدو النار.
 
ويشهد وسط هذه المدينة الصناعيّة التي كانت تضمّ 50 ألف نسمة قبل الحرب حركة ناشطة، ما يتناقض مع الشائعات المقلقة المنتشرة حول حالة المفاعلات الستة في المحطة. 
 
وقالت كسينيا (18 عاماً)، بينما كانت تخدم الزبائن في كشك للقهوة على طريق رئيسيّ: "أنا خائفة على والديّ، على نفسي. أريد أن أعيش وأستمتع بالحياة". وأضافت: "نشعر بالخوف دائماً. والمعلومات تقول إنّ الوضع في المحطة متوتّر جدّاً، إذاً يزداد الأمر فظاعة كلّ ثانية".
 
وتابعت الشابة: "نخشى النوم لأنّ أموراً مروّعة تحدث في الليل هنا". 
 
في مارغانيتس ونيكوبول على بعد بضعة كيلومترات عند مصبّ النهر، قُتل 17 مدنيّاً في غارات ليليّة هذا الأسبوع، وفق السلطات المحلّية. 
 
ومساء الجمعة، دوت صافرات الإنذار من غارات جوية فوق المدينة مع بدء غروب الشمس. 
 
وتتّهم أوكرانيا روسيا بالقصف وبتخزين أسلحة وذخيرة في أراضي المحطة ما يمنع القوات الأوكرانيّة من الردّ. 
 
وأكّد مسؤول أوكراني كبير الجمعة لوكالة "فرانس برس" أنّ القوات الروسية "تطلق النار على أجزاء من المحطة ليبدو أن أوكرانيا تفعل ذلك". وندّد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بـ"الابتزاز النووي" الروسي. 
 
 
ذكريات الإشعاعات
قال أنطون (37 عاماً): "أعتقدّ أن الروس يستخدمون محطة الطاقة كمصدر قوة". وأضاف: "سقط صاروخ بالقرب من منزلنا قبل نحو أسبوعين. أنا هادئ عادة، لكن يمكنك أن ترتجف بسرعة".
 
خلال الحقبة السوفياتيّة، شهدت أوكرانيا أسوأ كارثة نوويّة في التاريخ في تشيرنوبيل، على بعد 530 كيلومتراً إلى الشمال الغربي. 
 
تم إرسال نحو 600 ألف من "المصفين" الى مكان الحادث مع حماية قليلة أو ربما معدومة لإخماد الحريق وتنظيف الأضرار. 
 
واليوم، لا تزال الخسائر البشرية الناجمة عن الكارثة محل نقاش، إذ اعترفت الأمم المتحدة رسمياً بنحو ثلاثين حالة وفاة بينما أدانت المنظمات غير الحكومية وفاة عشرات الآلاف من الأشخاص. 
 
ويوجد في مارغانيتس نصب تذكاري لـ"عمّال التصفية"، نقشت عليه بعض الرسائل. وكُتب هناك: "مرّت سنوات عديدة ولكن الألم لا يزال موجوداً". 
 
يقف سيرغي فولوكيتين (54 عاماً) بالقرب من حفرة ناتجة من صاروخ أصاب مارغانيتس خلال الليل، ويتأمل في الماضي بينما يزيل رجل حطام النوافذ القريبة. 
 
ويتذكر قائلاً: "بعد الحصول على شهادتي، عملت في المنجم وكان في فريقي شخصان يعملان في التصفية. كنّا نعرف كلّ شيء عمّا يجري هناك". وأضاف: "نحن نعرف ما يفعله الإشعاع، وماذا ستكون العواقب إذا حدث شيء ما".

اقرأ في النهار Premium