تُصدر محكمة الجنايات الخاصة في باريس حكمها بعد ظهر الثلثاء في قضية اعتداء نيس الذي أسفر عن مقتل 86 شخصًا في 14 تموز 2016 عندما دهست شاحنة يقودها تونسي حشدًا يحتفل بعيد فرنسا الوطني على جادة "لا برومناد ديزانغليه".
قُتل المهاجم محمد لحويج بوهلال (31 عامًا) في الموقع بعدما أطلق النار على القوات الأمنية.
وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم الذي وقع بعد 18 شهرا من الاعتداء الدامي على مجلة "شارلي إيبدو" الهزلية الفرنسية وثمانية أشهر من اعتداءات 13 تشرين الثاني.
غير أن التحقيق لم يتمكن من إثبات رابط مباشر بين المنفذ والتنظيم الجهادي وخلص إلى أن التبني "انتهازي محض".
وقالت النيابة العامة في قضايا مكافحة الإرهاب، متوجهة إلى نحو 2500 طرف مدني، أنها تتفهم "شعور الإحباط" بعد صدور الحكم، بغياب منفذ الهجوم.
وأكّدت المحامية العامة أليكسا دوبور أن المحاكمة لن تعوّض الألم "الهائل والعميق" لأقارب الضحايا والناجين.
وقالت "إن محاكمة كل نواحي المسؤولية لا يعني تحميل المتهمين ثقل الغائب ... العدل هو أن يتناسب الحكم مع مسؤولية كل فرد".
بعد أكثر من ثلاثة أشهر من جلسات الاستماع، سيتوجب على القضاة الخمسة، من خلال الإجابة على 81 سؤالاً، التعبير عن "قناعتهم الخاصة" بدور المتهمين الثمانية والذين لا يحاكم أي منهم بتهمة المشاركة في الهجوم.
ويرى محامو الدفاع والأطراف المدنية أن المناقشات لم تسمح بتبديد كل "المناطق الرمادية" بشأن دور كل متهم.
طلبت النيابة العامة في قضايا مكافحة الإرهاب السجن 15 عاما للمتهمين الثلاثة الرئيسيين الذين يلاحقون بتهمة "تشكيل عصابة إرهابية" مع إسقاط توصيف "الإرهاب" عن أحد هؤلاء الثلاثة.
رأى الادعاء أن رمزي عرفة "مزود السلاح (..) الذي استخدمه الإرهابي" الذي صدم الحشود بشاحنة "لم يكن ليعرف أنه متطرف".
والاثنين، قال عرفة "أنا مذنب لأنني بعت سلاحاً، دون تفكير. ومنذ ذلك الحين، منذ ست سنوات لم أتوقف عن التفكير في الأمر".
وهو المتهم الوحيد الذي يواجه عقوبة السجن المؤبد إذ لديه سوابق قضائية بعدما أُدين بالسرقة في العام 2014.
- أكثر من "15 عامًا" -
وفق النيابة العامة في قضايا مكافحة الإرهاب، كان الفرنسي التونسي محمد غريب (47 عامًا) والتونسي شكري شفرود (43 عامًا) "على علم" بأن "لحويج بوهلال كان يسعى إلى تنفيذ اعتداء" حتى لو أنهما "ارتكبا أعمالًا أقل تجريمًا".
وطالب محاموهما بتبرئة الرجلين اللذين يواجهان احتمال السجن مدة عشرين عاما، باعتبار الأدلة المقدمة ضدهما "غير كافية".
ويلاحق الخمسة الآخرون وهم مكسيم سيلاج واندري اليزي وأرتان هناج وبراهيم تريترو وانكليديا زاتشي بتهمة تشكيل عصابة إجرامية ومخالفة التشريعات المتعلقة بالأسلحة. وهم يواجهون عقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات.
وقالت محامية الادعاء المدني بولين مارسي "حان وقت ظهور الحقيقة القضائية الوحيدة"، آملة ألّا يكون الحكم "تعسفيًا ولا انتقاميًا بل فرديًا وعادلًا".
لكن لن يشيع الحكم بالضرورة الارتياح لدى أقارب الضحايا والناجين من الاعتداء. وسيتمكنون من حضور الحكم في باريس أو في غرفة البث التي استُحدثت خصيصًا في نيس.
ينتقد البعض التحقيق لأنه لم يشمل كلّ السيناريوهات أو يشعرون بخيبة أمل من العقوبات المحتملة.
وتقول ماغات سيك التي كانت في جادة "لا برومناد ديزانغليه" مع ابنتيها بالتزامن مع الاعتداء "سيستغرق الأمر أكثر من خمسة عشر عامًا حتى يشعر الضحايا بالارتياح".
وطالب محامو الدفاع خلال مرافعتهم المحكمة بالتمييز بين "معاناة الضحايا" و"التورط" الحقيقي للمتهمين.