النهار

قصف محطة زابوريجيا النوويّة يحيي المخاوف من تشيرنوبيل2
المصدر: أ ف ب
قصف محطة زابوريجيا النوويّة يحيي المخاوف من تشيرنوبيل2
سيدة مسنة تبيع الزهور في ممر تحت الأرض في كييف (13 آب 2022، أ ف ب).
A+   A-
تمسك أناستاسيا رودينكو بميدالية ذهبية نالها زوجها تكريما لعمله في منطقة كارثة تشيرنوبيل النووية.

وتوفي عام 2014 من جرّاء إصابته بسرطان المثانة، ربما بسبب تعرّضه للإشعاعات، بحسب اعتقادها. واليوم، تستذكره بحزن في قرية فيسشيتاراسيفكا الأوكرانية التي يفصلها نهر عن محطة زابوريجيا للطاقة الذرية.

وتتبادل كييف وموسكو الاتهامات بقصف محيط المنشأة إذ ضربت صواريخ منطقة لتخزين النفايات المشعة، بينما يحذّر مراقبون من أزمة "خطيرة" قد تفضي إلى كارثة.

وعلى الضفة الأخرى لنهر دنيبرو، يمكن رؤية المحطة بوضوح من القرية حيث تمسك رودينكو (63 عاما) بوثائق تثبت دور زوجها في مواجهة أكبر كارثة نووية في التاريخ.

وقالت لفرانس برس "قد يواجهنا المصير نفسه الذي انتهى إليه أهالي تشيرنوبيل".

وأضافت "لن تأتي الأحداث الجارية اليوم بأي أمر جيّد ولا نعرف كيف ستنتهي".

- "المنطقة المحظورة" -
تركت كارثة تشيرنوبيل النووية أثارا عميقة في أذهان الأوكرانيين ما زالت ماثلة حتى اليوم. وقعت الحادثة عام 1986 عندما انفجر مفاعل من الحقبة السوفياتية وتسبب بتسرب إشعاعي في شمال البلاد. 

وسيطرت روسيا على الموقع عندما أطلقت غزوها واسع النطاق لأوكرانيا أواخر شباط، ما أثار مخاوف على سلامة المنشأة. لكنها تخلّت عنها في غضون أسابيع بعدما فشلت في انتزاع كييف.

أما محطة زابوريجيا للطاقة النووية الواقعة في جنوب أوكرانيا، فسقطت في أيدي الروس منذ الأيام الأولى للحرب وبقيت في قبضة قوات موسكو مذاك.

وتفيد أوكرانيا بأن القوات المعادية تشن هجمات من المنشأة التي تعد الأكبر في أوروبا وبأن جيشها لا يمكنه الرد.

ويعيد التصعيد الحالي فصولا من ماض مظلم إلى أذهان أولئك الذين عايشوا تشيرنوبيل وتداعياتها.

وعمل فيكتور، زوج أناستاسيا، كواحد من 600 ألف شخص أوكلوا مهمة "التنظيف" أي القضاء على التلوث في "منطقة تشيرنوبيل المحظورة" حيث تم إجلاء المدنيين بسبب مستويات الإشعاع المرتفعة.

وبينما بقيت الحصيلة الرسمية للقتلى من جراء حادثة تشيرنوبيل عند 31 شخصا، إلا أن جهات عديدة تشكك في هذا الرقم إذ تفيد بعض التقديرات بأن آلاف الأشخاص الذين عملوا على تطهير المنطقة تعرّضوا إلى نسب إشعاع مميتة.

قاد فيكتور شاحنة في المنطقة مدة 18 يوما بالمجمل. وفي الميدالية الذهبية التي قدّمها له "اتحاد تشيرنوبيل الأوكراني" تدور ذرات حول "جرس تشيرنوبيل" الذي بات رمزا يذكّر بالحادثة.

وتشهد وثيقة محفوظة في أرشيف وزارة الدفاع الأوكرانية على عمل فيكتور وجرعة الإشعاعات التي امتصها جسده والبالغ قدرها 24,80 رونتغن.

- "كنت هناك" -
يفيد فاسيل دافيدوف بوجود ثلاثة "عمال تنظيف" ما زالوا يقطنون قرية فيسشيتاراسيفكا، وهي منطقة ريفية تضم منازل تحيط بها حدائق ويمكن منها رؤية مفاعلات محطة زابوريجيا الستة وبرجي التبريد.

ودافيدوف واحد منهم. قضى ثلاثة شهور ونصف شهر يعمل على تعقيم تشيرنوبيل بينما أجرى 102 زيارة إلى المنطقة حيث كان يشغّل جهازا لقياس مستويات الإشعاع ويهدم المنازل الملوثة.

وفي حديقته اليوم، يستعرض الرجل البالغ 65 عاما الميداليات التي نالها فيضعها على ثلاجة لا تعمل يستخدمها كطاولة. وتحمل إحدى الميداليات تمثالا صغيرا لأطلس وهو يحمل العالم بينما حلّت محطة تشيرنوبيل مكان صورة العالم.

وهناك صور أيضا لدافيدوف عندما كان جنديا وسيما بينما يقف مع رفاقه أمام لافتة وطنية كتب عليها "أيها الجندي! سنعيد الحياة إلى أرض تشيرنوبيل".

يقول دافيدوف "كنت هناك. رأيت كل شيء وشاهدت حجم" الكارثة.

وبعد أيام من سيطرة الجنود الروس على المحطة، تم توزيع حبوب اليود التي تعمل على حجب نوع محدد من الإشعاعات في القرية في حال الطوارئ، بحسب دافيدوف.

لكن الفترة التي قضاها في العمل في تشيرنوبيل ساعدته على تجاوز الخوف من السكن قبالة محطة زابوريجيا.

ويقول "إذا صدّقت كل شيء فيمكن أن تصاب بالجنون... عليك غربلة كل شي من خلال تجربتك".

ويتساءل "كيف سيساعدني الخوف؟".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium