بدأ رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الذي رفض الرئيس سيرجو ماتاريلا استقالته، الجمعة، احتساب عدد النواب المؤيدين لبقاء حكومته لمعرفة ما إذا كانت هذه الأخيرة ستحصل على ثقة البرلمان الأربعاء المقبل.
وأعلنت الرئاسة الإيطالية أن دراغي "دُعي للمثول أمام البرلمان (...) كي يُجرى تقييم للوضع". وأراد دراغي الذي أراد الاستقالة مساء الخميس بعد عدم مشاركة حركة "خمس نجوم" العضو في الائتلاف الحاكم، في تصويت على الثقة طلبته الحكومة، إلا أن الرئيس رفضها.
وبما أن دراغي يزور الجزائر الاثنين والثلثاء، فمن المقرر عقد هذه الجلسة الحساسة للبرلمان الأربعاء.
ويرى فرانشيسكو غالييتي المسؤول عن مركز بوليس سونار Policy Sonar للأبحاث، في حديث مع وكالة فرانس برس أن "دراغي سيلقي خطابه الأربعاء في البرلمان بعد التوصل إلى اتفاق كبير غير مسبوق بشأن الغاز الجزائري، ما سيجعله نوعًا من بطل التحرر من روسيا"، وبالتالي فإن النواب الذي سيصوّتون ضد حكومته سيُنظر إليهم على أنهم "دمى بيد الروس".
في هذا الوقت، بدأ احتساب عدد النواب المؤيدين لماريو دراغي أو على العكس عدد الذين يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة.
من جهة، يحاول الحزب الديموقراطي (وسط يسار) وزعيم حزب "ايطاليا فيفا" الوسطي ماتيو رينزي وهو رئيس وزراء أسبق، بكل الوسائل إقناع دراغي بالبقاء على رأس الحكومة حتى الانتخابات المقررة مطلع العام المقبل.
وقال رينزي "أنا غاضب حيال حركة خمس نجوم، لا أريد حتى التحدث إليهم. سأناضل بكل قواي كي تكون هناك حكومة برئاسة دراغي" حتى نهاية ولاية الهيئة التشريعية.
وكتب زعيم الحزب الديموقراطي إنريكو ليتا عبر تويتر "الآن يبقى لدينا خمسة أيام عمل كي يؤكد البرلمان الثقة بحكومة دراغي وكي تخرج إيطاليا من هذه التطورات المأساوية".
وثمة خشية لدى قادة اليسار والوسط من الاضطرار على خوض انتخابات مكبّرة تُظهر استطلاعات الرأي أن اليمين سيفوز فيها بفارق كبير.
- اليمين متردد -
ولا يزال اليمين متردّدًا بسبب انقساماته.
يميل حزبا الأغلبية الحكومية، "فورتسا ايتاليا" (أي إلى الأمام إيطاليا) بزعامة سيلفيو بيرلوسكوني وحزب الرابطة بزعامة ماتيو سالفيني، إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع، لكن سيواجهان صعوبات لتفسير رفضهما التصويت على الثقة بحكومة دراغي لجمهورهما، في وقت تواجه إيطاليا تضخمًا في الأسعار وموجة وبائية جديدة وحرب أوكرانيا وتداعياتها.
في المقابل، يدفع حزب "فراتيلي ديتاليا" (أي أشقاء إيطاليا) اليميني المتطرف والمعارض بكل قواه لإجراء انتخابات مبكرة.
وفي حال كان اليمين موحّدًا، فإن فوزه في مثل هذه الانتخابات مضمون، إلا أن مصير حكومة دراغي يقسّمه أصلًا.
ويعتبر لورنزو كودونيو كبير اقتصاديي الخزانة الإيطالية السابق والأستاذ في كلية لندن للاقتصاد أن "قادة سياسيين عديدين يعتقدون أن الانتخابات المبكرة ستكون المخرج المناسب لأن الحكومة فقدت عمليًا قدرتها على تبني إصلاحات جديدة واتخاذ خيارات سياسية صعبة".
من جانبه، دعا الكاردينال ماتيو تسوبي رئيس مؤتمر أساقفة الكنيسة الإيطالية المؤثّرة جدًا، إلى تحمّل "المسؤولية" معربًا عن "قلق كبير حيال الوضع السياسي". وأضاف "نأمل أن (يتحمّل الجميع) المسؤولية باسم المصلحة العامة للبلاد".
أين حركة خمس نجوم التي تسببت بهذه الأزمة، من كل ذلك؟
لم يتمّ تسريب أي معلومة من اجتماع مجلسها الوطني الذي عُقد مساء الخميس.
وقال زعيم الحركة جوزيبي كونتي الذي كان رئيسًا للوزراء قبل دراغي، "لقد ناقشنا، وأخذنا علمًا باستقالة دراغي وسنواصل النقاش غدًا".
وكتبت صحيفة "لا ستامبا" من جانبها أنه كانت هناك "لحظات توترات كبيرة" خلال هذا الاجتماع الذي استمرّ ثلاث ساعات تقريبًا.
ونقلت الصحيفة عن أحد المشاركين في الاجتماع قوله إن "من الأفضل ألا نتطرق إليه وإلا فإن الأمر سينتهي بشكل سيئ".