بدأ وزراء ومفاوضون من حوالى 200 دولة اليوم الثلثاء عملا دؤوبا لإيجاد أرضية مشتركة من أجل التوصل إلى اتفاق في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27)، فيما تؤكد مصر مستضيفة المؤتمر إن المحادثات التي تسير ببطء لا تزال على المسار الصحيح.
وبدأ بعض المندوبين يناقشون احتمالية استمرار المؤتمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، مع استمرار خلافات بشأن قضايا مهمة من بينها تقديم التمويل للدول النامية لتتمكن من التكيف مع تداعيات تغير المناخ.
واقترحت مجموعة السبع والسبعين للدول النامية والصين إنشاء صندوق "للخسائر والأضرار" لتوفير الدعم المالي للدول التي تضررت بالفعل من كوارث المناخ، حسبما أظهرت مسودة لاقتراحهما المقدم إلى مؤتمر كوب27.
وأُدرج هذا الموضوع لأول مرة على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر، بعد سنوات من مقاومة الدول الغنية التي تخشى أن يحملها التزامات غير محدودة بسبب مساهمتها في الجزء الأكبر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
واعترفت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد بأن نقاط الخلاف الرئيسية لم تحل بعد، ومن بينها دعوة إلى مضاعفة التمويل للتكيف مع الاضطرابات المناخية المستقبلية ومطالب الدول النامية بتمويلات تعويضية إضافية لمواجهة الخسائر والأضرار.
وقالت الوزيرة إنه مع ذلك "سيأتي معظم التقدم عندما يشارك الوزراء" هذا الأسبوع.
وأصدرت رئاسة مؤتمر كوب27 في وقت متأخر أمس الاثنين وثيقة من صفحتين تسرد النقاط الرئيسية في الاتفاق المحتمل، إذ شملت العديد من القضايا التي طلبت الدول إدراجها -بما في ذلك نقاط خلافية أدت إلى انقسام عميق بين الدول.
وأشارت الوثيقة إلى الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات للإبقاء على إمكانية تحقيق الهدف المتفق عليه عالميا الذي يتمثل في منع ارتفاع درجة حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة، لتجنب أسوأ تداعيات تغير المناخ.
وقال ألوك شارما، رئيس مؤتمر كوب26 الذي عقد في جلاسجو باسكتلندا العام الماضي، في تعليقات خلال فعالية على هامش المؤتمر في منتجع شرم الشيخ بمصر "لا يمكننا أن نخسر (هدف) 1.5 (درجة مئوية) في مؤتمر هذا العام".
ولكن مع عدم احتواء الوثيقة على إشارة تذكر إلى حرق الوقود الأحفوري -وهو السبب الرئيسي لغازات الاحتباس الحراري- فمن المحتمل أن تركز نتائج كوب27 على التزامات جديدة لتقديم الأموال للدول الأكثر فقرا من أجل إبطاء الانبعاثات.
كما تركز أنظار المندوبين من ناحية أخرى على اجتماع زعماء مجموعة العشرين في بالي، ومن بينهم الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأميركي جو بايدن. واتفق رئيسا أكبر دولتين مسببتين للتلوث في العالم أمس الاثنين على استئناف التعاون في مواجهة تغير المناخ.
تحمل الوثيقة عنوان "غير رسمية"، مما يوضح أنه لا يمكن اعتبارها مسودة رسمية لما يمكن أن توافق عليه الدول بالفعل في ختام المؤتمر يوم الجمعة، وهو الاتفاق السياسي الأساسي بعد أسبوعين من اجتماعات كوب27.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون البيئة فيرجينيوس سينكيفيسيوس، لرويترز، على هامش المؤتمر "كل شيء يتلخص في الأيام الأخيرة".
وأضاف "يبدو أننا ما زلنا بعيدين جدا عن النتيجة التي نرغب في تحقيقها، لكنني متأكد من أنه مع بذل المزيد والمزيد من الجهد، فسوف يتلخص الأمر في الأيام الأخيرة وربما الدقائق الأخيرة".
وقال مندوب دولة بليز، كارلوس فولر، إن الدول ستناقش الوثيقة مساء اليوم الثلثاء، ويمكن أن تضيف المزيد إلى "القائمة الطويلة" من القضايا التي تم تحديدها حتى الآن.
الهند تسعى لخفض الوقود الأحفوري تدريجيا
فاجأت الهند بعض الدول الأسبوع الماضي بالضغط من أجل التوصل إلى اتفاق خلال المؤتمر للتخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري -وليس الفحم فقط مثلما اتفقت الدول في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ العام الماضي. ولم تشر الوثيقة في كوب27 إلى المسار الذي يتبعه الاتفاق النهائي بهذا الشأن.
وقال رئيس سياسة المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز اليوم الثلثاء إن الاتحاد يدعم الفكرة ولكن شريطة ألا يؤثر ذلك على الاتفاقات السابقة بشأن الحد من استخدام الفحم.
وتعد الهند من بين أكبر مستخدمي الفحم، ومن شأن اقتراحها أن يعمل على توسيع نطاق التركيز على هذه المسألة.
ولم تحظ هذه الفكرة بحماس منتجي النفط والغاز.
وقال خالد أبو الليف المسؤول بوزارة الطاقة السعودية وكبير المفاوضين السعوديين في مؤتمر كوب27 إن بلاده، أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، تشعر بالقلق من أن تشوه المحادثات النهائية صناعة الوقود الأحفوري.
وألمح بند في الوثيقة حول "الخسائر والأضرار" -والذي يشير إلى تقديم تمويلات تعويضية للبلدان النامية التي تواجه أضرارا لا يمكن تجنبها بسبب تغير المناخ- إلى أن الاتفاق سيتناول "الحاجة إلى ترتيبات للتمويل" لمعالجة هذا الأمر.
ومع ذلك، لم تتضمن الوثيقة إشارة إلى ما إذا كان الاتفاق النهائي سيتضمن صندوقا جديدا للخسائر والأضرار -وهو مطلب للدول النامية في المفاوضات، لكنه يثير حفيظة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وأثار عدم وفاء الدول الغنية الكامل بتعهد سابق بتقديم تمويل مناخي سنوي يبلغ 100 مليار دولار إلى البلدان النامية غضبا خلال مؤتمرات المناخ في السنوات الماضية. ودفعت الدول الغنية العام الماضي نحو 83 مليار دولار، لكنها قالت إنها لن تفي بالتعهد الكامل إلا في عام 2023.
وقالت رئيسة وزراء ساموا، فيامي نعومي ماتافا "لا يمكننا تحمل المزيد من تآكل الثقة بين البلدان المتقدمة والنامية".
وأضافت "دعونا نجعل كوب27 نقطة تحول في جهودنا لجعل البيان تاريخا والسراب حقيقة".
كما أشار توم إيفانز، محلل السياسات في مؤسسة إي3 جي البحثية غير الربحية، إلى أن الوثيقة هي "قائمة أمنيات"، لكنها لم تكشف ما يحتمل أن يحولها إلى اتفاق نهائي.
وقال "العديد من القضايا التي أشارت إليها هذه الوثيقة قيد المناقشة الحية في قمة زعماء مجموعة العشرين"، مضيفا أن ما يقرره زعماء مجموعة العشرين خلال اجتماعهم المنعقد اليوم الثلثاء وغدا الأربعاء في بالي بإندونيسيا بشأن قضايا من بينها التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يمكن أن يوجه النتيجة النهائية لمؤتمر كوب27.