رئيسة البرلمان الأوروبيّ روبرتا ميتسولا (أ ف ب).
تعلن رئيسة البرلمان الأوروبيّ روبرتا ميتسولا، اليوم الإثنين، رسمياً، سلسلة إجراءات إصلاحيّة تهدف إلى معالجة تبِعات فضيحة فساد مدوية، حذّر نواب وخبراء أنّها ستبقى ما دون المطلوب، لإعادة الثقة بالمؤسّسة البرلمانيّة القاريّة.
وبات البرلمان، الذي يضمّ في عضويّته نوّاباً من مختلف دول الاتحاد الأوروبيّ، تحت المجهر، منذ تكشّف فصول الفضيحة قبل زهاء شهر، مع توقيف إحدى نائبات ميتسولا في أعقاب مداهمات نفّذتها الشرطة البلجيكيّة لمنازل نوّاب حاليين وسابقين ومعاونين برلمانيين ورؤساء منظّمات غير حكوميّة عملت مع النوّاب.
ويحقّق الادّعاء البلجيكيّ، في اتهامات بالكسب غير المشروع في البرلمان، متّصلة بقطر والمغرب، بعد مداهمات تمّت خلالها مصادرة، زهاء 1,5 مليون يورو نقداً.
وفي حين نفت الدوحة أي ضلوع لها في القضيّة، أكّدت الرباط أنّها "ضحيّة هجمات إعلاميّة غير مبرّرة على خلفيّة مزاعم الفساد".
وفي إطار القضيّة، أوقفت الشرطة النائبة اليونانيّة إيفا كايلي، وهي من النوّاب الأربعة عشر لرئيسة البرلمان الأوروبيّ.
وأقيلت كايلي من منصبها في أعقاب الفضيحة، علماً بأنّها "نفت عبر محاميها، علمها بوجود المبالغ الماليّة في منزلها".
ولا تزال كايلي رهن التوقيف مع ثلاثة مشتبه بهم إيطاليين، هم صديقها فرانشسكو جورجي، الذي كان معاوناً برلمانياً، والنائب الأوروبيّ السابق بيير أنطونيو بانزيري، ونيكولو فيغا-تالامانكا، وهو مسؤول في منظمة "نو بيس ويذاوت جاستس" غير الحكوميّة، المتهمة بدفع مبالغ لنوّاب أوروبيين.
ووِفق تقارير صحافيّة بلجيكيّة، أقرّ جورجي بالتُهم المرتبطة بالقضيّة.
ووجّه القضاء البلجيكيّ إلى الأربعة اتهامات بشأن "تشكيل عصابة إجراميّة والفساد وتبييض الأموال"، في حين فتحت كل من إيطاليا واليونان تحقيقاً خاصاً في الملف.
وتعهّدت ميتسولا العمل سريعاً على "تعزيز النزاهة، الاستقلالية، والمحاسبة في البرلمان" ، معتبرة أنّ "الفضيحة تظهر أنّ الديموقراطيّة الأوروبيّة تتعرّض لهجوم".
وستفتح رئيسة البرلمان، جلسته العامة الأولى لعام 2023، في مقرّه بستراسبورغ في شرق فرنسا، بالإعلان رسمياً عن إجراءات تشمل تقييد نفاذ النوّاب السابقين إلى البرلمان، وقيود على تسجيل أفراد من خارج المؤسّسة يلتقون أو يتحدّثون أو يمارسون الضغوط في البرلمان، وضرورة تسجيل النوّاب الأوروبيين رسمياً، الهدايا التي يتلقّونها ورحلات السفر المدفوعة الكلفة التي يقومون بها، وإجراءات عقابيّة للمخالفات.
ردّ فعل بنيويّ
إلّا أنّ خبراء قانونيين وعدداً من النوّاب البارزين، اعتبروا أنّ هذه الإجراءات غير كافية.
ورأى أستاذ القانون الأوروبيّ في كلية إدارة الأعمال الفرنسيّة HEC، ألبرتو أليمانو، إنّ "هذه القواعد القليلة، لن تكفي لإرساء ثقافة سياسيّة جديدة، في البرلمان الأوروبيّ".
وأضاف لوكالة "فرانس برس" أنّ "الفضيحة هي أخطر بكثير من غيرها بالنسبة إلى مصداقيّة الاتحاد الأوروبيّ"، متوقّعاً "ردّ فعل جديّ وبنيويّ، أكثر من السابق".
وعلى صعيد النوّاب، رأى رئيس كتلة "رينيو" الوسطيّة في البرلمان، الفرنسيّ ستيفان سيجورنيه، أنّ الفضيحة أظهرت الحاجة إلى انشاء هيئة ضمن الاتحاد الأوروبيّ، مهمّتها" ضمان الشفافيّة في الحياة العامّة، على المستوى الأوروبيّ".
وسبق للمفوّضيّة الأوروبيّة أن طرحت فكرة كهذه، إلّا أنّها لم تبصر النور.
من جهته، طالبَ النائب عن حزب الخضر الألمانيّ دانيال فرويند بأن يكشف النوّاب عن ممتلكاتهم مع بدء ولايتهم وفي ختامها، وأن يتمّ تعزيز الحماية الممنوحة لكل المبلّغين، عن أنشطة غير قانونيّة.
وشدّدت النائبة اليساريّة مانون أوبري على أنّه "من غير المقبول التغاضي عن إصلاحات أوسع نطاقاً، طالبَ بها النوّاب فوراً بعد كشف الفضيحة".
وفي مطلع كانون الثاني، وبناءً على طلب المدّعين البلجيكيين، بدأ البرلمان الأوروبيّ إجراءات رفع الحصانة عن نائبَيْن آخرَيْن، هما البلجيكيّ مارك تارابيلا، الذي تمّت مداهمة منزله في كانون الأول، والإيطاليّ أندريا كوزولينو.
وأقرّ محامي تاباريلا، أمس الأحد، بأنّ موكّله قام بزيارة مدفوعة التكاليف إلى قطر في شباط 2020، من دون أن يصرّح عنها، مؤكّداً أنّ ذلك كان حصل سهواً.
ويتوقّع أن تطغى الفضيحة على الجلسة العامّة للبرلمان، هذا الأسبوع.
وبعد تقديم ميتسولا للإصلاحات، سيقوم البرلمان، الأربعاء، بالتصويت على من سيشغل مقعد نائب الرئيسة الشاغر، منذ إقالة كايلي.
ويحذّر مراقبون من أنّ "الفضيحة التي أطلق عليها عدد من النوّاب ووسائل الإعلام اسم "قطر غايت"، قد تُلقي بظلالها على الانتخابات المقبلة للبرلمان، المقرّرة في غضون 18 شهراً".
ورأى أليمانو أنّ "ردّ فعل الرأي العام على الفضيحة هو أقوى، أكثر بكثير، ممّا يريد القادة الأوروبيّون بأن يقرّوا به".