النهار

"كان يسرق!"... الزلزال يؤجّج الكراهية تجاه السوريّين في تركيا
المصدر: أ ف ب
"كان يسرق!"... الزلزال يؤجّج الكراهية تجاه السوريّين في تركيا
رجل يمر قرب أنقاض مبنى منهار في الإصلاحية قرب غازي عنتاب (13 شباط 2023، أ ف ب).
A+   A-
في المدينة القديمة في أنطاكية في جنوب تركيا، ينزل مسعف تركي متطوّع عن كومة ركام صارخًا ويجرّ خلفه رجلًا وجهه ملطّخ بالدماء. ويقول: "إنه سوري، كان يسرق!".
 
بلغت الكراهية حيال السوريين ذروتها في تركيا منذ زلزال السادس من شباط الذي أسفر عن نحو 40 ألف قتيل وشرّد الآلاف في تركيا وسوريا المجاورة.

بعد دقائق، يتكرر المشهد في المكان نفسه. يعامل رجل يرتدي سترة المسعفين بخشونة رجلا آخر يحمل بيده كيساً بلاستيكياً أسود نصف ممتلئ اتُهم هو أيضًا بأنه سارق.

وسط الحشد الذي يتهافت لمشاهدة ما يحصل، تدافع شابة عنهما فتقول "إنهما موظّفان لديّ، لدينا إذن بالذهاب لجمع أغراضي من متجري"، وهو ما يؤكده عناصر أمن وصلوا إلى المكان.

لكن ذلك لا ينفع.
 
منذ حصول الزلزال، أي شيء يساهم في صبّ الزيت على النار. ويقول ابراهيم إغير وهو أحد الذين يحملون على السوريين، "في حين أن الناس يصرخون من تحت الأنقاض، هؤلاء الأوغاد يسرقون ممتلكاتهم (الناس)".

ويضيف "وعندما نذهب إلى القرى لتقديم المساعدة لهم، نجدهم يدخنون النرجيلة!".

تستضيف تركيا 3,7 ملايين لاجئ سوري فرّوا من النزاع الذي ينهش بلدهم منذ 2011، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

في محافظتَي هاتاي وغازي عنتاب الواقعتين عند  الحدود مع سوريا، قرابة 20% من السكان سوريون.

في السنوات الأخيرة، ازدادت العنصرية حيال السوريين في تركيا وأجّجتها الأزمة الاقتصادية التي حوّلت اللاجئين إلى كبش محرقة بالنسبة لقسم من السكان.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي لا يزال موعدها الرسمي مقررًا في أيار، أصبح استقبال اللاجئين موضوعًا شائكًا أكثر ما أرغم الرئيس رجب طيب إردوغان تحت ضغط المعارضة، على التعهّد بإعادة مليون سوري إلى بلادهم بناء على رغبتهم بذلك، وفق قوله.

- "السوريون مذنبون" -
عند سؤالهم عن ازدياد الكراهية تجاههم، يراوغ كثرٌ ولا يعطون جواباً.

يؤكد محمد بكر الذي وصل إلى تركيا قبل 11 عامًا ويعيش منذ الزلزال في خيمة مع 26 شخصًا آخر، لوكالة فرانس برس "لا أعرف أي شيء" عن الاتهامات الموجّهة للسوريين.

في مخيم آخر في أنطاكية حيث نُصبت خيم الأمم المتحدة إلى جانب أخرى للهيئة التركية لإدارة الكوارث (آفاد)، يتحدث الأشخاص بطلاقة أكثر.

يقول عواضة وهو ربّ عائلة يبلغ 35 عامًا إن "أول أشخاص نهبوا المتاجر كانوا أتراكاً. لكن أحداً لا يقول ذلك". ويتابع "السوريون مذنبون دائماً هنا. هذا ليس وطننا، إذاً يمكنهم اتهامنا بكل شيء".

على بعد مئة كيلومتر نحو الشمال في مدينة إصلاحية الواقعة في محافظة غازي عنتاب المنكوبة أيضاً من جراء الزلزال، النقاش أيضاً محموم.

ليلة الزلزال، عندما انهارت آلاف المباني، هرع أحمد سلامي لإنقاذ ناجين من تحت الأنقاض، وفق ما يقول لوكالة فرانس برس من أمام خيمة بيضاء حيث بات يعيش مع زوجته وأطفاله الخمسة مذاك.

وأكد الرجل الثلاثيني وهو لاجئ سوري أصله من حماة في وسط سوريا، "لقد أخرجنا عشرين شخصاً على قيد الحياة في اليوم الأول، تسعة سوريين و11 تركياً".

وأضاف وهو يحمل طفله البالغ 11 شهراً، "بعض الأتراك يقولون إننا نسرق. لكننا لم نذهب إلى الأنقاض كي نسرق! فقط لمساعدة الناس".

وسط مبنى مهدّم، يؤكد باكي إفرين (43 عامًا) مباشرةً أن "الأتراك يسعون لإنقاذ الأرواح لكن السوريين يبحثون عن المال والذهب".

ويتابع "عندما وصل السوريون إلى تركيا، أعطتهم (السلطات) خيماً ومراوح (...) نحن لم نحصل على ما يُدفئنا إلا في الأمس".

من جانبها، تضيف رهسان وهي من سكان إصلاحية وترتدي سترة سوداء وتضع على رأسها وشاحًا أبيض مطرّزاً بأزهار، "دعونا نعتني أولًا بمواطنينا (...) يمكننا فقط أن نساعد أنفسنا!".

يستدرك أحمد سلامي ويعيد صياغة كلامه فيقول "بعض الأتراك لا يحبوننا. ويقولون +ماذا تفعلون هنا؟ عودوا إلى سوريا!+ لكنهم ليسوا كثراً... ربما 5%".

ويضيف "نعيش مع بعض هنا. ندفع إيجارات. نعيش مثل الأتراك".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium