النهار

"زاد" رسام كاريكاتوري منتقد شرس للرئيس قيس سعيّد
المصدر: "أ ف ب"
"زاد" رسام كاريكاتوري منتقد شرس للرئيس قيس سعيّد
الرئيس التونسي قيس سعيّد (أ ف ب).
A+   A-
يجلس رسّام الكاريكاتور "زاد" (اسم مستعار) من وراء مكتبه ويخطّ بقلمه رسماً للرّئيس التونسي قيس سعيّد مغيّراً ملامحه لتصبح شبيهة بوجه هتلر في محاولة منه ليكون أحد الأصوات المنتقدة بشراسة "للديكتاتورية" في تونس.

طلب هذا الرسّام (44 عاماً) خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في العاصمة التونسية عدم الكشف عن وجهه والاكتفاء بتصوير ظلّه ليبقي هويّته سرّاً وهو يحرص على ذلك منذ العام 2007 حين كان ينشط في ظلّ نظام الرّئيس الراحل الديكتاتور زين العابدين بن علي.

كان حينها طالباً وأنشأ موقعاً على الإنترنت Debatunisie.com خاصّاً به "لمناقشة مواضيع تخص البيئة والتخطيط العمراني" في إطار مشروع عقاري ضخم حول منطقة البحيرة بالعاصمة من ملجأ لطيور النحام الوردي المهاجرة إلى منطقة سياحية.

اتّخذ من هذا الطير لاحقاً رمزاً لتوقيع أعماله في التدوينات والنّصوص القصيرة والرسوم الكاريكاتورية النقدية.

يقول لـ"وكالة فرانس برس" إنّه في ظلّ حكم بن علي "كان عدم الكشف عن الهوية ضرورة، ثم جاءت الثّورة التي منحتني إمكانية ولو نظريّاً للكشف عن نفسي للجمهور، لكن كان هناك توجه إسلامي يهدّد في حين أنّه وبالنسبة لرسام الكاريكاتور، يمثل الدين مجالاً مثاليّاً للعمل".

اليوم، بعدما قام الرئيس قيس سعيّد باحتكار السلطات في البلاد منذ تموز 2021، وسجن نحو عشرين معارضاً لنظامه منذ بداية شباط الفائت، "أصبح إخفاء الهوية أمراً لا مفرّ منه، لأنّ البعض يعتقلون بسبب آراء يعبرون عنها أحياناً حتى في موقع "فايسبوك". فما بالك برسام كاريكاتور ينتقد الرئيس ليلاً نهاراً".

- "صدفة" -
يتنقل هذا الرسام بين فرنسا وتونس بحكم عمله كمهندس معماري ويتمنّى أن يتمكّن من التنقل والتعبير عن نفسه بحرية. وقلّما تنشر أعماله في تونس إلّا أنّ حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تلقى متابعة واسعة.

وجد "زاد" نفسه "صدفة" داخل عالم الكاريكاتور عندما تعرّضت مدونته للرّقابة من قبل نظام بن علي في العام 2008 و"عبر الرسوم، تمكّنت من التحايل على الرّقابة والوصول إلى جمهور لم يكن في الأساس مهتمّاً بالسياسة".

طوّر من أسلوبه على مرّ السنين ونمت موهبته من خلال إقباله على القصص المصوّرة على غرار "أستيريكس" أو "لوكي لوك" وأصبح نقده "أكثر حدة وشراسة".

ينجز رسوماً يظهر فيها سعيّد وعلى رأسه شفاطة حمام "لتطهير تونس" أو يظهره وهو يلبس نعالاً يطلق عليها التونسيون إسم "شلاكة".

يرى هذا الفنان أنّ السّلطة الحالية في تونس "ديكتاتوريّة اتّخذت منعطفاً فاشياً" بفضل شبكات التواصل الاجتماعي التي يتداول فيها النشطاء "خطاب سعيّد الداعي للكراهية والتمييز".

- "لعنة" -
انتقد عبر أعماله كلّ الرّؤساء الذين مرّوا بقصر قرطاج منذ استقلال البلاد وخصّهم برسوم تعكس نظرته لهم، حتى "الزعيم الأكبر" الحبيب بورقيبة الذي يعتبر أنّ "كل شيء بدأ معه، المحسوبية وغطرسة الطبقة السياسية".

ويرى "إنّها لعنة، أتساءل ما إذا كان هناك شبح يسكن أقبية القصر (الرئاسي) في قرطاج، ممّا يجعل كل من يدخله يفقد عقله".

يؤكّد الفنان أنّه "لا يدعي" أنّ رسومه الكاريكاتورية يمكن أن تغيّر من عقلية وطريقة تفكير الناس، لكنه يسعد لردود الفعل التي أثارتها أحدث إعماله المعنونة بالعربية وليس الفرنسية، رغم ورود العديد من التهديدات والإهانات أيضاً".

ويوضح أنّه باستخدام العربيّة "عندي انطباع بأنّني أضاعف بروز رسوماتي، وأصل إلى ناس لا تستهويهم أساساً فكرة الرّسوم الكاريكاتورية، كما أصل إلى جمهور جديد على غرار المراهقين الذين لا يميلون إلى (اللّغة) الفرنسية".

تزيد رغبته في تجسيد أفكاره عبر الرّسوم مع تواتر الأحداث في البلاد، ويقول "عندما تكثر الأحداث كما في الوقت الراهن، أستيقظ أحياناً في اللّيل بفكرة وأسرع في إنجازها".

ويؤكد أنّه رغم المخاطر، "أن تجد نفسك في ديكتاتورية يعطيك شحنة أدرينالين الخوف تذكرني بعصر بن علي عندما كنا نلعب بالنار، وفي ذلك شيء من المتعة".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium