تلقّت مفاوضات المناخ في شرم الشيخ جرعة زخم الأربعاء مع زيارة الرئيس البرازيلي المنتخب لويس إينياسيو لولا دا سيلفا الذي وعد بحماية الأمازون وإعادة تأكيد قمّة مجموعة العشرين في بالي على أهداف مناخيّة طموحة.
وردّد دا سيلفا الذي سبق أن تولّى رئاسة البرازيل بين عامَي 2003 و2010، مرّات عدّة أن "البرازيل عادت". واستقبلت دا سيلفا حشود متراصة مردّدة اسمه في مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب27"، المنعقد في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر.
واقترح الرئيس المنتخب استضافة مؤتمر المناخ الذي تنظمه الأمم المتحدة في "الأمازون" في 2025.
ويفيد علماء أن أكبر غابة مداريّة في العالم التي تشكّل بئر كربون حيويّة لتوازن المناخ والتنوّع البيولوجي العالمي، باتت ضعيفة.
فقد أعتمد الرئيس المنتهية ولايته اليميني المتطرف جايير بولسونارو، سياسات روّجت لقطاع الصناعات الغذائية والقطاع المنجمي ما تسبب بمستويات قياسيّة في قطع أشجار الغابات.
وتعهد لولا "بذل كل ما يلزم" لقلب هذا الاتجاه.
أمن مناخي
وقال دا سيلفا في قاعة عجّت بحضور متحمّس "لا أمن مناخيّاً من دون حماية الأمازون." وحضر في الصالة وزير الخارجيّة المصري سامح شكري الذي يتولّى رئاسة "كوب27".
وفي أولّ زيارة له خارج البرازيل بعد انتخابه نهاية تشرين الأول، اتّخذ دا سيلفا موقفاً واضحاً من النقاشات التي ينقسم حولها المفاوضون في المؤتمر الحالي مشدَداً على "الضرورة الملحّة" لإنشاء آلية ماليّة خاصّة لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة تداعيات الأضرار التي تكبّدتها جرّاء الكوارث المناخيّة.
وحمل بشدّة على الدول المتطوّرة لأنّها لم تف بوعدها بتوفير مساعدة مناخيّة مقدارها مئة مليار دولار سنويّاً تقدّم إلى أفقر الدول مؤكّداً أنّه أتى "لقبض الأموال الموعودة".
وتتحفّظ الدول الغنيّة على إنشاء آليّة تمويل خاصّة إلا أنّ الاتحاد الأوروبي أعلن الأربعاء تقديم أكثر من مليار يورو لمساعدة أفريقيا على التكيّف مع التغيّر المناخي.
لكنّه رفض اقتراحاً لمجموعة جي 77+ الصين التي تضمّ أكثر من 130 دولة ناشئة وفقيرة يقضي باتخاذ قرار بإنشاء صندوق خاص بـ"الخسائر والأضرار" خلال مؤتمر شرم الشيخ الحالي.
ومن دون استبعاد هذه الإمكانيّة على المدى الطويل، قال نائب رئيس المفوضيّة الأوروبيّة فرانس تيمرمانس إن الاتحاد الأوروبي سيقترح استمرار المباحثات مدّة سنة حتى المؤتمر المقبل. لكنّه شدد على أنّ الصين كونها ثاني أكبر قوة اقتصاديّة في العالم، يجب أن تساهم في آلية تمويل محتملة.
إلى جانب زيارة دا سيلفا، ارتاح المندوبون في كوب27 إلى البيان الختامي لقمّة مجموعة العشرين في بالي. وتضمّن البيان وعوداً أساسيّة "بمواصلة الجهود" لحصر الاحترار المناخي في العالم بـ1,5 درجة مئويّة مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعيّة.
وأكّد البيان كذلك الالتزام بالتّخلي عن الدعم "غير الفعال" للطاقة الأحفوريّة على المدى المتوسط. وتصدر عن دول مجموعة العشرين 80 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة على المستوى العالمي.
وشهدت قمّة العشرين كذلك لقاء أساسيّاً بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ اللذين قرّرا معاودة التعاون بين البلدين في مجال المناخ علماً أنّ الصين والولايات المتّحدة هما على التوالي أكبر مسبيّين للانبعاثات في العالم.
وقال أني داسغوبتا مدير مركز الأبحاث وورلد ريسورسيز إنستيتوت، "الإشارات الإيجابيّة من قمّة مجموعة العشرين تعطي نفحة جديدة للمفاوضات في مصر".
نصّ اتفاق باريس حول المناخ المبرم العام 2015 على هدف حصر الاحترار دون الدرجتين مئويتين وإن أمكن بحدود 1,5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعيّة. وفيما كل عُشر من درجة مئويّة يؤدّي إلى كوارث مناخيّة كثيرة، تعهّد موقّعو الاتفاق العام الماضي خلال كوب26 في غلاسغو، إبقاء أكثر أهدافه طموحا "حية".
ويفيد مراقبون أن الصين والمملكة العربيّة السعوديّة أبلغتا حتى عن تحفّظهما الذي سبق أن عبّرتا عنه، على ذكر هدف 1,5 درجة مئويّة في الإعلان الختامي، في حين يتوجّه العالم إلى احترار كارثي يبلغ 2,8 درجة مئويّة.
ويفترض أن تقدّم رئاسة كوب27 التي تتوّلاها مصر في وقت متأخّر الأربعاء أو الخميس مشاريع نصوص جديدة بشأن النقاط الرئيسيّة على جدول الأعمال.
لكن الممثّل الخاصّ لرئاسة المؤتمر وائل بو المجد شدّد أمام صحافيّين على أنّ المواقف في الغالب متباعدة وتبقى الكثير من النقاط العالقة.
ويفترض أن تختتم أعمال كوب27 الجمعة رسميّاً إلا أنّ المفاوضات غالباً ما تمدّد.
وأكّد المفاوض باسم الدول الجزريّة الصغيرة المهدّدة بالاحترار المناخي كونرود هانت في مقابلة مع وكالة فرانس برس الأربعاء أن "ليس خياراً بالنسبة إلينا الخروج من هنا من دون نتيجة" مطالباً "باتفاق على الأقلّ للعمل على إنشاء صندوق".