تُكثِّف وكالات الإغاثة الدولية جهودها لمساعدة ملايين المشردين، الذين ينام الكثير منهم في الخيام أو المساجد أو المدارس أو السيارات، بعد 11 يوماً من الزلزال المدمِّر الذي هزّ تركيا وسوريا وأودى بحياة أكثر من 43 ألف شخص.
وأفادت أنباء بانتشال ناجيتَين من تحت الأنقاض في تركيا أمس الخميس، لكن عمليات الإنقاذ هذه أصبحت نادرة بشكل متزايد، مِمّا يترك المجال لتصاعد الغضب مع تلاشي الأمل.
وذكرت محطة "تي.آر.تي" خبر أن فتاة تبلغ من العمر 17 عاما انتشلت من بين أنقاض مجمّع سكني منهار في إقليم كهرمان مراش بجنوب شرق تركيا بعد 248 ساعة من وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجة في ظلام الليل يوم السادس من شباط.
وأظهرت لقطات المنقذين وهم يحملونها على محفة إلى سيارة إسعاف مع تغطيتها بينما أمسك أحد عمال الطوارئ بمستلزمات إمدادها بمحلول وريدي.
وبعد ذلك بعشر ساعات، تم إنقاذ امرأة تُدعى نسليهان كيليتش.
وقال شقيق زوجها لقناة "سي أن أن تُرك": "أعددنا قبراً لها وطلبنا من عمال الإنقاذ التوقف عن الحفر لأننا كنا نخشى أن يمزقوا الجثث المتبقية تحت الأنقاض. وبعد لحظات، سمعنا صوتها من تحت أنقاض المبنى".
ولا يزال زوج كيليتش وطفلاهما في عداد المفقودين.
وأودى الزلزال بحياة ما لا يقل عن 38044 شخصاً في جنوب تركيا، بينما أبلغت السلطات في سوريا المجاورة عن مقتل 5800، وهو رقم لم يتغيّر كثيراً على مدى أيام.
من جهتها، ناشدت الأمم المتحدة، أمس الخميس، العالم جمع أكثر من مليار دولار لدعم عملية الإغاثة في تركيا، وذلك بعد يومين من إطلاق نداء لجمع 400 مليون دولار للسوريين.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد، في أول كلمة له ينقلها التلفزيون منذ وقوع الزلزال، إنّ مواجهة الكارثة تتطلب موارد تتجاوز إمكانيات الحكومة.
ولم تذكر تركيا ولا سوريا عدد الذين لا يزالون في عداد المفقودين.
ولفت مارتن غريفيث، منسق الأمم المتحدة للإغاثة الذي زار تركيا الأسبوع الماضي، إلى أنّ المواطنين "يعانون حزناً لا يوصف"، مضيفاً أنّه "يجب أن نقف معهم في أحلك أوقاتهم ونضمن حصولهم على الدعم الذي يحتاجون إليه".
ويتزايد الغضب وسط العائلات التي ما زالت تنتظر خروج ذويها المفقودين بسبب ما يرون أنه ممارسات بناء فاسدة وتطويراً حضرياً معيباً بشدة نتج منه انهيار آلاف المنازل والشركات.
وبينما كانت آلات الحفر تهدم ما تبقى من كتلة سكنية فاخرة في مدينة أنطاكية الجنوبية، قالت سيفيل كارابدل أوغلو: "كان لدي طفلتان. ليس لدي غيرهما. هما تحت الأنقاض".
ويعتقد أن نحو 650 شخصاً لقوا حتفهم حين انهار مبنى رينيسانس ريسيدنس في الزلزال.
وأضافت: "استأجرنا هذا المكان باعتباره سكنا للنخبة ومكانا آمنا. كيف أعرف أن المقاول بناه بهذه الطريقة؟... الجميع يتطلع إلى تحقيق ربح. جميعهم مذنبون".
وعلى بعد نحو 200 كيلومتر، تجمّع نحو 100 شخص في مقبرة صغيرة في بلدة بازارجيك لدفن أسرة مكونة من الوالدين إسماعيل وسيلين وابنتيهما الصغيرتين الذين لقوا حتفهم في مبنى رينيسانس ريسيدنس الذي انهار في الزلزال.
ووعدت تركيا بالتحقيق مع أي شخص يشتبه في مسؤوليته عن انهيار المباني وأمرت باحتجاز أكثر من 100 مشتبه بهم، بينهم مطورون.
معابر حدودية
على الجانب الآخر من الحدود في سوريا، دمّر الزلزال منطقة مزّقتها الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو 12 عاما.
وتقول الحكومة السورية إنّ عدد القتلى في الأراضي الخاضعة لسيطرتها بلغ 1414. وأشارت تقارير إلى أن أكثر من أربعة آلاف شخص لقوا حتفهم في الشمال الغربي الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة، لكن رجال الإنقاذ يقولون إنّه لم يتم العثور على أي شخص على قيد الحياة هناك منذ التاسع من شباط.
وأعاق الصراع في سوريا جهود الإغاثة في شمال غرب البلاد ويشعر الكثيرون هناك بأنّه تم التخلي عنهم بينما تتجه المساعدات إلى أجزاء أخرى من المنطقة المنكوبة مترامية الأطراف.
وتوقفت شحنات المساعدات من تركيا بالكامل في أعقاب الزلزال مباشرة، بعدما تم إغلاق طريق تستخدمه الأمم المتحدة موقّتاً.
وفي وقت سابق من الأسبوع، وافق الأسد على فتح معبرين إضافيين.
وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لـ"رويترز"، إنّه حتى أمس الخميس مرّت 119 شاحنة تابعة للأمم المتحدة عبر معبري باب الهوى وباب السلام منذ الزلزال.
وفرّ كثير من الناجين من المناطق المنكوبة، لكن بعضهم قرّر البقاء على الرغم من الظروف المروعة.
وفي أديامان، قال مصطفى أكان: "نعيش هذه الأيام على الخبز والحساء ووجبات تأتي من مساعدات يرسلها الناس. لم تعد لدينا حياة. نحن خائفون".