قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن أي إصلاحات كبيرة تتطلب "توافقا"، وذلك فيما تشهد إسرائيل احتجاجات منددة بمشروع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتعديل النظام القضائي للحد من صلاحيات المحكمة العليا.
وفي حديث مع وكالة فرانس برس في ساعة متأخرة الخميس قال بلينكن إنه فيما لن تنحاز الولايات المتحدة إلى أي طرف بشأن تفاصيل المقترحات "في ديموقراطية إسرائيل النابضة جدا" فإن التوصل إلى "توافق هو أفضل سبيل للمضي قدما".
أضاف في المقابلة التي أجريت في النيجر "نعرف من خبرتنا كديموقراطية إنه عند النظر في إجراء تغييرات كبيرة - إصلاحات كبرى - في القوانين والمؤسسات، فإن التوافق ربما هو المسألة الأهم".
واعتبر أن التوافق أساسي في "ضمان الحصول على شيء لا يكون مقبولا فحسب، إنما ايضا يدوم".
قدمت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة مشروع إصلاحات تتيح للمشرعين إلغاء أحكام المحكمة العليا بأغلبية بسيطة من الاصوات.
ونزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الإصلاح وحذر الرئيس إسحق هرتسوغ من مخاطر "حرب أهلية".
وربط بعض منتقدي المقترح بينه وبين محاكمة رئيس الوزراء الجارية بتهم تتعلق بالفساد وقالوا إنه يسعى إلى تقويض النظام القضائي الذي وجه له تهما ينفيها ويعتبرها غير عادلة ومسيسة.
- منطقة الساحل -
كذلك، اعتبر بلينكن أن بلاده تمثل شريكا أفضل من روسيا لمساعدة منطقة الساحل على مكافحة الفقر وعنف الجهاديين.
وأقر بان المقاربة العسكرية التي اعتمدتها الولايات المتحدة وكذلك فرنسا، القوة المستعمرة سابقا لهذه المنطقة، لم تكن كافية.
وأوضح أنه "يجب اعتماد مقاربة شاملة يكون فيها الأمن ضرورة مطلقة، لكن هذا ليس كافيا".
وقال إن "واقع كون النيجر التي هي من الواضح إحدى أفقر دول العالم، بمثل هذه الفاعلية يؤكد بحسب رأيي أهمية اختيار هذه المقاربة الشاملة".
في ختام لقاء الخميس مع رئيس النيجر محمد بازوم، أعلن بلينكن عن تقديم مساعدة انسانية جديدة لدول الساحل بينها النيجر بقيمة 150 مليون دولار ما يرفع إجمالي هذه المساعدة الى 233 مليون دولار لعام 2023.
كما أشار الى دعم واشنطن لنيامي عبر برنامج إعادة دمج الجهاديين التائبين وهو مشروع لتحسين الري والزراعة القادرة على مواجهة التغير المناخي في هذا البلد الجاف.
لكنه اعتبر انه الى جانب المساعدة الانسانية ومساعدات التنمية، يجب الحفاظ على علاقات أمنية مع النيجر حيث تقيم الولايات المتحدة في الشمال القاعدة الجوية 201 التي تنطلق منها المسيرات الهجومية وتلك التي تراقب الجهاديين.
لا تزال فرنسا من جهتها تنشر ألف جندي في النيجر بعدما اضطرت الى سحب قواتها من مالي وبوركينا فاسو، الدولتان اللتان يقودهما عسكريون انقلابيون وتشهدان ايضا موجة عنف يقوم بها جهاديون.
عبر الاتحاد الافريقي عن معارضته الوجود العسكري الأجنبي في القارة بما يشمل وجود الصين التي أقامت قاعدتها الأولى في جيبوتي.
وقال بلينكن ردا على الاسئلة في القاعدة الأميركية في النيجر "هذه الشراكات التي نقيمها، لا نفرضها على أحد. الدول تختار أن تكون شريكا أم لا".
وأضاف "العمل الذي يمكننا القيام به لمحاربة الجماعات الإرهابية والجماعات المتطرفة سيفيد الآخرين على المدى الطويل".
- فاغنر "وباء" -
ترغب إدارة بايدن بالانخراط أكثر في افريقيا لمواجهة النفوذ المتزايد هناك لدول وخصوصا روسيا.
تقاربت مالي، الدولة الواقعة على حدود النيجر، من هذه الدولة وقطعت تحالفها العسكري مع فرنسا وشركائها في حملة مكافحة الجهاديين.
في شباط، كانت إحدى ست دول تدعم روسيا عبر التصويت على مشروع قرار في الجمعية العامة للامم المتحدة يحض موسكو على الانسحاب من أوكرانيا.
يقول الغربيون إن مرتزقة من مجموعة "فاغنر" الروسية شبه العسكرية يتواجدون في باماكو وهو ما تنفيه مالي متحدثة عن بنى تحتية روسية.
في كانون الأول أعلن رئيس غانا نانا أكوفو أدو أن فاغنر كانت متواجدة أيضا في بوركينا فاسو وهو ما نفته موسكو وواغادوغو.
وقال بلينكن الذي لم يرد بشكل مباشر على سؤال حول وجود المجموعة في بوركينا فاسو، "أينما ذهبت مجموعة فاغنر، أمور سيئة تحصل".
وأضاف "حيث رأيناها تتحرك، لم تقم بتعزيز الأمن بل بالعكس رأينا أخيرا الأمور تتفاقم واستغلالا للموارد وممارسات فساد. العنف الذي تولده هذه المجموعة هو وباء ينتشر في صفوف السكان والدول التي اختارت العمل معها".
مجموعة فاغنر التي يديرها رجل الأعمال الروسي المقرب من الكرملين يفغيني بريغوجين متهمة بتجاوزات في جمهورية افريقيا الوسطى وليبيا ومؤخراً خلال الحرب في أوكرانيا.
وأعلنت مسؤولة أميركية كبيرة تسافر مع بلينكن أن ضلوع مجموعة فاغنر في دول ناطقة بالفرنسية ليس صدفة، لان روسيا أججت مشاعر مناهضة للاستعمار.
لكن بلينكن قال إن "التحدي بالنسبة الينا جميعا- نحن وفرنسا وشركاؤنا- هو ان نثبت من خلال العمل الذي نقوم به معا أننا نحصل على نتائج تفيد شعوبا ومواطنين، تلبي رغباتهم وتطلعاتهم".