النهار

بوتين وأوكرانيا والتغير المناخي: ما الذي فات أوروبا؟
المصدر: "النهار"
مركز "كارنيغي-أوروبا" يلفت النظر إلى نوايا أخرى لبوتين
بوتين وأوكرانيا والتغير المناخي: ما الذي فات أوروبا؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ف ب).
A+   A-

يبدو أن للسياسات المناخية دوراً في الغزو الروسي لأوكرانيا. هذا على الأقل هو تحليل الأكاديمية الزائرة في "مركز كارنيغي-أوروبا" أوليفيا لازارد التي أشارت إلى أن الحرب الحالية قد تكون جزءاً واحداً من أحجية أوسع بكثير كانت روسيا تحاول جمعها خلال السنوات الأخيرة.

تأرجحت نظرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التغير المناخي بين إنكار حدوثه والتقليل من أهميته وتأكيد أنه مفيد لروسيا وموضعة بلاده كلاعب إيجابي في سياسات المناخ عبر تقديم المساعدة في أسواق التعويض عن الكربون. يخفي هذا التأرجح واقعاً أكثر دقة بشأن فهم الرئيس الروسي للفرص والمخاطر المرتبطة بالتحولات الرقمية والمناخية.

تكشف وثائق روسية متعلقة بالأمن القومي أن بوتين أدرك منذ سنوات أن الاضطرابات الجيوسياسية وأزمة التغير المناخي ستؤدي إلى تغييرات جذرية في أسواق الطاقة والسلع الأساسية بما يفرض على روسيا تنويع اقتصادها.

على مستوى الطاقة، ثمة جانبان أساسيان حددا النظرة الروسية. الأول أن الهيدروكربونات ستبقى أساسية لاقتصاد العالم وسينبع الطلب الأكبر عليها من آسيا. بالتالي، تحتاج روسيا لتحويل جهودها باتجاه أسواق وشراكات جديدة. الجانب الثاني هو أن روسيا فهمت جهود أوروبا للتحرك نحو مزيج الطاقة المتجددة والذي يعتمد على المواد الخام الأساسية مثل العناصر الأرضية النادرة.

روسيا غنية بمثل هذه المواد. ليس هذا وحسب: تهدف روسيا المعاصرة إلى استعادة قدرة التصدير والتصنيع السوفياتية على مستوى العناصر الجوهرية. في عقل بوتين، إن استعادة هذه القدرة أساسية لضمان أن تكون روسيا قادرة على تحويل توازن القوى العالمي لمصلحتها والتنافس مع الصين وتقويض العلاقة العابرة للأطلسي.

بحسب الكاتبة، تتطلب أهداف روسيا ثلاثة أمور: تطوير قاعدتها الصناعية في الداخل، والتطلع إلى الدول الثرية بالموارد التي يمكنها السيطرة عليها أو التعاون معها عن كثب وفقاً لشروطها الخاصة، إضافة إلى تأسيس شراكات حول العالم مع دول تمتلك موارد تكمل تلك التي يمكن لروسيا التحكم فيها بشكل مباشر.

على سبيل المثال، تقع البرازيل في الفئة الأخيرة بينما قازاقستان والقطب الشمالي في الفئة الأولى. ماذا عن أوكرانيا؟

مع ثروة معدنية تقدر بنحو 7 تريليون دولار، أبرمت أوكرانيا شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي حول المواد الخام في تموز 2021 لتطوير وتنويع سلاسل التوريد لمواد هامة. كانت الشراكة مصممة لدعم تخلص الاتحاد من الكربون وتوطيد العلاقات بين الطرفين.

بما أن عدداً من المعادن الأوكرانية موجود في شرق البلاد الذي تحتله روسيا الآن، يبقى مستقبل الشراكة غير واضح. لكن الواضح هو نوايا روسيا بالوصول إلى موارد يحتاجها الاتحاد الأوروبي لتنفيذ قانونه المناخي. إن استخدام القوة وتحويل النزاع إلى أداة هما أمران مركزيان للاستراتيجية الروسية.

لا يمكن مشاهدة هذا النمط في أوكرانيا وحسب. مجموعة "فاغنر" حاضرة الآن في دول أفريقية ذات موارد معدنية كبيرة مثل موزمبيق ومدغشقر وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي. وتعمل روسيا على إبرام المزيد من الشراكات التي تشمل أبحاثاً طوبوغرافية وهيدروليكية مثل الكاميرون وزمبابوي.

بحسب الكاتبة، يريد بوتين إمكانية الوصول إلى الموارد ومجالات النفوذ. من بين أهداف أخرى، تتمثل نيته الاستراتيجية في الاستفادة من تبعيات أوروبية مختلفة من بينها ما هو مستقبلي. "لقد فهم شيئاً فات الاتحاد الأوروبي فهمه تماماً: الانتقال الطاقوي مسألة جيو-استراتيجية".

اقرأ في النهار Premium