أعلنت كازاخستان، الخميس، أنها اعتقلت سبعة من أنصار أحد المعارضين في المنفى بتهمة التخطيط لـ"انقلاب"، وذلك قبل أيام قليلة من انتخابات رئاسية يفترض أن تسمح بطي صفحة عام أسود في أكبر دولة في آسيا الوسطى.
وجاءت هذه الاعتقالات بعد أقل من عام من حملة قمع وحشية لأعمال شغب غير مسبوقة جرت في كانون الثاني وأودت ب238 شخصًا، مع تصاعد احتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود أفضت إلى اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين.
وترشح الرئيس قاسم جومارت توكاييف الذي أمر حينذاك ب"إطلاق النار للقتل" على المتظاهرين ومثيري الشغب، لولاية جديدة في انتخابات الأحد، مقدمًا نفسه على أنه رجل التجديد والوئام الوطني.
وقالت لجنة الأمن القومي في بيان إن الموقوفين جزء من "مجموعة إجرامية ناقشت منذ أشهر خططا لتنظيم أعمال شغب وانقلاب وإعلان حكومة موقتة".
وأضافت أنهم "يتعاطفون مع المصرفي الهارب مختار أبليازوف" المعارض في المنفى والذي "يشاركونه الآراء نفسها".
وتابعت أن هؤلاء الموقوفين كانوا يخططون خصوصا "للإعداد لأعمال شغب ومهاجمة مبان لقوات حفظ النظام".
وأوضحت اللجنة في تسجيل فيديو أنه "منذ أحداث كانون الثاني واصلت عناصر متطرفة إعداد خطط لزعزعة استقرار البلاد والاستيلاء على المدن في كازاخستان، بما في ذلك ألماتي وأستانا"، وهما على التوالي اكبر مدينة في البلاد وعاصمتها.
- "ضد الجميع" -
تأتي هذه الانتخابات خلال عام شهد انزلاق كازاخستان الجمهورية السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى والغنية بالموارد الطبيعية وكانت تعتبر حتى الآن مستقرة، إلى حالة من الفوضى.
وما زال شبح "كانون الثاني الدامي"، على غرار هذه الاعتقالات والفروق الاجتماعية العميقة التي تسببت بأعمال الشغب، يهيمن، لكن توكاييف وهو ديبلوماسي سابق يبلغ 69 عامًا، وعد ببناء "كازاخستان جديدة" أكثر عدلاً و أقل فسادا.
لذلك شن حملة تطهير ضد المقربين من سلفه صاحب النفوذ الكبير نور سلطان نزارباييف، معززا بذلك سلطته بعد أكثر من ثلاث سنوات على توليه السلطة في 2019.
ولم يسمح توكاييف بظهور أي معارضة.
وسيختار حوالى 12 مليون ناخب بين الساعة 01,00 إلى 15,00 بتوقيت غرينتش الأحد بينه وبين خمسة مرشحين غير معروفين.
وقال أسيت تميرغاليف المتقاعد الذي كان في أحد شوارع ألماتي ، العاصمة الاقتصادية للبلاد ومركز احتجاجات كانون الثاني "ليس هناك مرشح يتمتع بالصدقية. ليس هناك خيار وسأصوت ضدهم جميعًا".
وعبر مراقبو الانتخابات الدوليون في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن أسفهم في تقرير لأن توصياتهم "المتعلقة بالحريات الأساسية وشروط الأهلية وتسجيل المرشحين (...) لم تنفذ".
وقال المهندس المعماري ايدار ارجالي في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن "هذه الانتخابات مهزلة".
وبعد وصوله إلى السلطة على أثر الاستقالة المفاجئة لنزارباييف في آذار 2019 شدد توكاييف أولاً على الاستمرارية مع سلفه ومعلمه، قبل الانفصال عنه بعد كانون الثاني (يناير) الدامي.
- "مخلصون" -
دفعت المذبحة بحسب تعبير عالم السياسة أندريه تشيبوتاريف "البلاد إلى حافة حرب أهلية"، لكنها شكلت "حافزا لتغيير أسس المجتمع والدولة".
وتوكاييف ثمرة خالصة لنظام نزارباييف لكنه أطاح المقربين من الرئيس السابق وسجن آخرين.
وأطلقت وعود بإصلاحات يفترض أن تحرر النظام وتصلح الاقتصاد.
ويقول صندوق النقد الدولي إن التوتر الاجتماعي الذي نشأ في بداية تظاهرات كانون الثاني يمكن أن يظهر مجددا بسبب الانعكاسات الاقتصادية العالمية للحرب في أوكرانيا وبينما تعتمد كازاخستان اقتصاديا إلى حد كبير على روسيا.
وقالت جانيا ناكيزبيكوفا (57 عاما) رائدة الأعمال "نعلق آمالًا كبيرة على توكاييف ونعتقد أنه يهتم بالناس أكثر من نزارباييف".
على الصعيد الدولي حيث أسس سلطته، يعتزم توكاييف مواصلة عمله المتوازن والتحرك بين روسيا والصين والغرب واستقبال عدد من الشخصيات مثل الرئيس الصيني ومسؤولين غربيين ورئيسي الدولة الروسي والتركي أو حتى البابا.
وقد انتقد غزو أوكرانيا بأمر من فلاديمير بوتين لكنه امتنع عن الانضمام إلى العقوبات الأميركية والأوروبية التي تستهدف روسيا، الشريك الاقتصادي الرئيسي لكازاخستان.