حضت الولايات المتحدة قائدي طرفي الصراع العنيف المستمر لليوم الرابع في العاصمة السودانية الخرطوم وخارجها على وقف القتال وحماية المدنيين وغيرهم بعد تعرض قافلة ديبلوماسية أمريكية لإطلاق نار.
وأجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصالا هاتفيا بكل من قائد الجيش السوداني وقائد قوات الدعم السريع، اللذين أدى صراعها على السلطة إلى مقتل 185 شخصا على الأقل وعرقل جهودا مدعومة دوليا للانتقال إلى الحكم المدني بعد عقود من الاستبداد والحكم العسكري.
وقال مراسل لرويترز إن دوي إطلاق النار تردد في أنحاء العاصمة السودانية لليوم الرابع اليوم الثلثاء مصحوبا بأصوات طائرات حربية وانفجارات. وأفاد سكان في مدينة أم درمان، التي تقع على الجانب الآخر من نهر النيل قبالة الخرطوم، بوقوع ضربات جوية هزت المباني وإطلاق نيران مضادة للطائرات.
وقال بلينكن اليوم إن قافلة ديبلوماسية أميركية تعرضت لإطلاق نار في السودان أمس الاثنين في هجوم شنته في ما يبدو عناصر مرتبطة بقوات الدعم السريع شبه العسكرية، مضيفا أن جميع أفراد القافلة بخير.
ووصف الحادثة بأنها "طائشة" وقال إن تعرض الدبلوماسيين الأميركيين لأي هجمات أو تهديدات هو أمر غير مقبول.
وقال بلينكن متحدثا في اليابان، إنه اتصل هاتفيا بكل من قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، وقائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ودعاهما إلى وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة "للسماح للسودانيين (المدنيين) بالعودة الآمنة إلى أسرهم" وتوفير فرصة لهم لالتقاط الأنفاس.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس أمس إن القتال الذي اندلع يوم السبت بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 185 وإصابة أكثر من 1800.
وقال حميدتي، الذي لم يُكشف عن مكان وجوده منذ بدء القتال، إنه ناقش مع بلينكن عبر الهاتف "القضايا الملحة" وإن من المقرر إجراء المزيد من المحادثات.
وذكر حميدتي في تغريدات على تويتر أن القوات شبه العسكرية وافقت على "هدنة 24 ساعة لضمان المرور الآمن للمدنيين وإجلاء الجرحى". كما أصدرت قوات الدعم السريع بيانا قالت فيه إنها تخوض معركة مستمرة لاستعادة "حقوق شعبنا".
وعرض الجانبان عقد هدنة في الأيام الماضية لكن القتال لم يتوقف.
انقطاع الكهرباء والمياه
القتال الدائر منذ يوم السبت في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري المجاورتين لها هو الأسوأ منذ عقود وينذر بتمزيق السودان بين فصيلين عسكريين تقاسما السلطة خلال فترة انتقالية سياسية صعبة.
ويرأس البرهان مجلس السيادة الحاكم الذي تم تشكيله بعد انقلاب عام 2021 والإطاحة بعمر البشير في 2019 خلال احتجاجات حاشدة. ويشغل حميدتي منصب نائب رئيس المجلس.
وقال كل من طرفي الصراع في السودان إنه حقق مكاسب، وسط ضربات جوية واشتباكات في الخرطوم وأم درمان وبحري.
وأدى العنف لانقطاع الكهرباء والمياه في بعض المناطق وتسبب في تقطع السبل بالكثير من السكان في الأيام الأخيرة من شهر رمضان.
وقالت مجموعة أطباء تراقب الصراع إن الخدمات الصحية تعطلت على نطاق واسع ومعظم المستشفيات الكبرى خرجت من الخدمة.
وتدهور الوضع الإنساني غير المستقر أصلا في السودان، ويقول مسؤولون من الأمم المتحدة إنه جرى تعليق الكثير من برامج المساعدات.
وأثار الصراع في دارفور شبح تأجج الصراع في منطقة تعاني منذ عام 2003 من سنوات من الحرب الدامية.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان بيرتس إن الجانبين لم يبديا أي استعداد للتفاوض.
وأضاف في تصريحات للصحافيين عبر رابط فيديو من الخرطوم "الطرفان المتقاتلان لا يعطيان انطباعا بأنهما يريدان وساطة من أجل سلام بينهما على الفور".
عرض عفو من الجيش
ويمكن أن يتسبب العنف في زعزعة استقرار منطقة مضطربة بالفعل ويزيد التنافس على النفوذ هناك بين روسيا والولايات المتحدة، وكذلك بين القوى الإقليمية التي تساند طرفي الصراع في السودان.
ومصر هي أهم داعم للجيش السوداني، بينما أقام حميدتي علاقات مع قوى من بينها الإمارات وروسيا.
وفي كلمة بثها التلفزيون المصري في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده تجري "اتصالات لا تنتهي مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتشجيعهم وحثهم على إيقاف إطلاق النار وحقن دماء السودانيين واستعادة الاستقرار". وقال إن القوات المصرية التي تحتجزها قوات الدعم السريع في السودان كانت هناك لإجراء تدريبات.
وقال المكتب الإعلامي للجيش إن البرهان سيعفو عن ضباط وجنود قوات الدعم السريع الذين يستسلمون و"يلقون أسلحتهم". وقال إنه سيتم استيعاب من يفعلون ذلك في الجيش.
واندلع القتال بعد تصاعد التوترات على خلفية خطة لدمج قوات الدعم السريع في الجيش بموجب خطة انتقالية مدعومة دوليا.
وفي حين أن الجيش أكبر عددا ويمتلك قوة جوية، تنتشر قوات الدعم السريع على نطاق واسع في أحياء الخرطوم ومدن أخرى، مما يجعل كلا من الجانبين لديه الفرصة لتحقيق انتصار سريع.
وفي حادث آخر تعرض له ديبلوماسيون في السودان، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن مبعوث التكتل لدى السودان تعرض لاعتداء في مقر إقامته أمس لكنه لم يذكر أي تفاصيل أخرى.
ووصف البرهان منذ بدء القتال قوات الدعم السريع بأنها قوة متمردة وأمر بحلها. ووصف حميدتي البرهان بأنه جلب الدمار لبلاده.