ينطلق السبت في العاصمة نجامينا حوار وطني بعد تأجيله مرات عدة "لطي صفحة" الانتقال في تشاد واقرار انتخابات "حرة وديموقراطية" وإعادة الحكم إلى المدنيين بمشاركة أكثر من 1400 ممثلا.
ولكن ما رهانات هذا الحوار وحدوده بعد شهرين من الانتقال؟
- لماذا هذا الحوار؟
قُتل الرئيس التشادي السابق ادريس ديبي اتنو في نيسان 2021 على جبهة محاربة المتمردين. وقد حكم أكثر من ثلاثين عاما وكان يستعد لولاية سادسة بعد اعادة انتخابه.
اثر ذلك، تم تعيين نجله الجنرال محمد ادريس ديبي قائد الحرس الرئاسي، على رأس مجلس عسكري انتقالي يضم جنرالا كانوا من الأوفياء لوالده. ثم تم تنقيح الدستور وحل البرلمان لاحقا.
ووعد الرجل القوي الجديد في تشاد والذي يعين أعضاء الحكومة والبرلمان الانتقالي، بانشاء مؤسسات دائمة وانتخابات "حرة وديموقراطية" بعد مرور فترة انتقالية تقدر ب18 شهرا من المفترض أن تنتهي في تشرين الأول المقبل.
ودعت القوى الدولية وفي مقدمتها فرنسا والاتحاد الأفريقي السلطات إلى احترام البرنامج الزمني الذي تم اقراره.
لكن هذه الانتخابات يفترض أن تجرى بعد استحقاقين أولهما محطة ما "قبل الحوار" مع مجموعات مسلحة شنت هجمات عدة في هذا البلد الفقير في وسط أفريقيا قبل الحوار الوطني في نجامينا.
وفي 8 آب وبعد خمسة أشهر من النقاشات في العاصمة القطرية الدوحة، وقعت نحو أربعين مجموعة مسلحة (ليس بينها اقوى مجموعتين)، اتفاق سلام مع اللجنة العسكرية والذي أقر "وقفا لاطلاق النار".
ومرحلة "ما قبل الحوار" كانت ضرورية لجميع المشاركين في الحوار.
ويقول وزير الاتصال والمتحدث الرسمي باسم الحكومة عبد الرحمن كولامالاه " ننظم هذا الحوار لطي صفحة الانتقال وتركيز نظام ديموقراطي وتناوب"، مبينا أنها "لحظة مفصلية لمستقبل تشاد".
- ما الرهانات؟
وقال محمد ادريس ديبي في 11 آب بمناسبة العيد الوطني "في غضون أيام سيلتقي كل بنات وأبناء البلاد... للبحث في المشاكل التي تعاني منها تشاد"، موضحا أنه سيتم "وضع كل القضايا المتعلقة بالمصلحة الوطنية على الطاولة".
ويقول النائب الأول لرئيس لجنة تنظيم الحوار الوطني الشامل وهو معارض سابق للرئيس ادريس ديبي "هذا الحوار الذي يفترض أن يستمر 21 يوما، سيسمح بإقرار دستور جديد سيطرح في استفتاء".
ويجتمع نحو 1500 ممثلا عن النقابات والأحزاب والبرلمان الانتقالي والجماعات المسلحة في قصر 15 يناير للبحث في مسائل مختلفة منها الاصلاحات داخل الدولة والمسار الانتخابي.
واستقلت تشاد عن فرنسا في 1960 وشهدت الكثير من الانقلابات و"هذا الحوار يجب ان يضع حدا وبصفة نهائية للجوء إلى السلاح"، وفقا لكولامالا.
- ما حدود ذلك؟
لم توقع "جبهة التغيير والوفاق في تشاد" (فاكت) وهي احدى أبرز المجموعات المتمردة وشنت هجمات قتل فيها ادريس ديبي، اتفاق الدوحة ولن تشارك في الحوار وتعتبره "منحاز سلفا".
وتؤكد مديرة برنامج أفريقيا الوسطى في منظمة الأزمات الدولية أنريكا بيكو لفرانس برس أن "عدم مشاركة الجبهة يمثل مشكلة لأنها المجموعة المتمردة التي أطلقت بشكل ما الانتقال".
وتتابع أن "اجندة الحوار التي من المفترض أن يتواصل ل 21 يوما لا تتمتع بمصداقية. ليس بالامكان التوصل الى اتفاق في وقت وجيز وهو ما يعزز امكانية التمديد في فترة الانتقال.
كما يغيب جزء من المعارضة عن النقاشات. وفي نيسان اعلنت أطراف من المعارضة ومن المجتمع المدني انسحابها من الحوار متهمة اللجنة العسكرية باقتراف "انتهاكات حقوق الانسان والتحضير لترشيح الجينرال ديبي للرئاسة وقد تعهد هذا الأخير بألا يترشح.
كما وجهت انتقادات لعمليات تعيين المندوبين. واعتبر رئيس "حزب المحولون" سوكسيه ماسرا ان "ثمانين بالمئة من هؤلاء مقربون من المجلس العسكري".
وفي المقابل يؤكد كولامالا أن "كل الاحزاب ممثلة وتلك التي كان لها مقاعد في الانتخابات النيابية السابقة ليست سوى مجموعات صغيرة انسحبت".