يلقي الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، النظرة الأخيرة على نعش الملكة إليزابيث الثانية في لندن، فيما يستمر للساعات الأربع والعشرين الأخيرة تقاطر المعزين لوداعها.
وبعد التحية الوداعية في قاعة وستمنستر في البرلمان البريطاني، من المقرر أن يستقبل الملك تشارلز الثالث بايدن والإمبراطور الياباني ناروهيتو وغيرهما من القادة العالميين.
ووصل الرئيس الأميركي جو بايدن ليل السبت إلى بريطانيا، وقال إن الملكة الراحلة التي اعتلت العرش لفترة قياسية بلغت 70 عاما، "جسّدت حقبة".
وفي تصريح لشبكة "سكاي نيوز أوستراليا" قال رئيس الوزراء الأوسترالي أنتوني ألبانيزي المناهض للملكية والذي ألقى السبت النظرة الأخيرة على نعش الملكة، إن إليزابيث الثانية كان "حضورها الدائم يبعث على الاطمئنان".
من جهته اعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بعد توقيع سجل العزاء أن الملكة إليزابيث الثانية "عملت طوال حياتها وتحمّلت وزر واجباتها بلباقة لا تضاهى".
ويتوافد عشرات قادة الدول إلى بريطانيا التي تنظّم شرطتها أكبر عملياتها الأمنية لمواكبة ترتيبات الجنازة التاريخية للملكة الأطول عهدا في تاريخها.
ألقت أيضا رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن نظرة الوداع على الملكة إليزابيث في قصر باكنغهام.
لكن في مؤشر إلى التحديات التي تواجه الملك الجديد، أضافت أرديرن أنها تتوقع أن تتخلى نيوزيلندا عن التبعية للملكية البريطانية مستقبلا.
وبدأت الحشود تتجمع في محيط كنيسة وستمنستر، حيث ستقام الجنازة الرسمية للملكة، والتي من المتوقع أن تشل لندن وأن يتابعها المليارات حول العالم.
- "جدة للأمة" -
حصلت آي.جاي كيلي وهي مدرسة تبلغ 46 عامًا من إيرلندا الشمالية، على مكان مميّز مع أصدقائها على الطريق الذي سيسلكه الموكب بعد الجنازة.
وقالت لوكالة فرانس برس مشيرة إلى كراسي تخييم وملابس دافئة وجوارب إضافية، "المشاهدة على التلفزيون شيء رائع لكن الوجود هنا مختلف".
وتابعت "على الأغلب ستغمرني مشاعر جياشة عندما يمر الموكب، لكنني أردت أن أكون هنا لأقدم احترامي".
بدورها شغلت فيونا أوغيلفي البالغة 54 عاما والتي خدمت في سلاح الجو الملكي، موقعًا خارج كنيسة وستمنستر.
وقالت "عندما تنضم إلى سلاح الجو الملكي البريطاني، فإنك تقسم بالولاء للملكة، وذلك يترك أثرا باقيا".
وأضافت أوغيلفي "واصلت القيام بواجبها حتى يومين قبل وفاتها، ولا يمكنك أن تطلب منها أكثر من ذلك"، في إشارة إلى تعيين الملكة ليز تراس رئيسة للوزراء.
ويتم الأحد التزام دقيقة صمت في بريطانيا عند الساعة 20,00 (19,00 ت غ) تكريما لـ"حياة وإرث" الملكة.
وتنتهي الفترة المخصصة للمعزين الراغبين بوداع الملكة الملفوف نعشها بالعلم البريطاني والمسجّى في قاعة وستمنستر في البرلمان الساعة 6,30 (5,30 ت غ) من صباح الإثنين.
وينتظم الراغبون بوداع الملكة في طوابير بطول كيلومترات على ضفاف نهر التايمز مع فترات انتظار تتخطى 13 ساعة.
وأعرب شون مايو البالغ 27 عاما والذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلوماتية عن ارتياحه لتمكّنه من الوصول إلى قاعة وستمنستر بعدما انتظر في الطابور 14 ساعة لوداع الملكة.
وقال لوكالة فرانس برس إن رحيل الملكة أثار العواطف، موضحا "لقد كانت أشبه بجدة للأمة. سنفتقدها جميعا".
وأُوقف رجل خرج الجمعة من الطابور وتجاوز معزين ينتظرون دورهم لوداع الملكة، ووجهت إليه تهمة مخالفة النظام العام، وفق ما أعلنت الشرطة ليل السبت.
- وقفة وداعية -
ومع استمرار وداع المعزين للملكة، شارك أحفادها الثمانية على رأسهم الأميران وليام وهاري في وقفة وداعية حول النعش استمرت 12 دقيقة.
وهاري الذي شارك في دورتين مع الجيش البريطاني في أفغانستان، ارتدى الزي الرسمي لوحدة الفرسان التي خدم في صفوفها.
ويبدو أن مشاركة هاري جاءت بعد عرض مصالحة قدّمه تشارلز لنجله الأصغر بعدما اتّهم وزوجته ميغان العائلة المالكة بالعنصرية.
وهاري (38 عاما) لم يعد يضطلع بأي دور ضمن العائلة الملكية وقد جُرّد من ألقابه العسكرية الفخرية. والوقفة الوداعية هي المرة الأخيرة التي يظهر فيها في مناسبة ملكية مرتديا الزي العسكري الرسمي.
وكان الملك تشارلز ونجله الأكبر وليام، الوريث الجديد للعرش، قد تفقدا المعزين المنتظمين في طوابير على ضفاف نهر التايمز، في جولة لمصافحتهم وتوجيه الشكر لهم.
ومراسم الجنازة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية هي الأولى التي تنظّم في بريطانيا منذ وفاة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل في العام 1965، وستقام الإثنين عند الساعة 11,00 (10,00 ت غ).
- تنديد روسي -
وفي حين يحضر قادة الاتحاد الأوروبي وفرنسا واليابان ودول أخرى، لم توجّه أي دعوة لقادة روسيا وأفغانستان وبورما وسوريا وكوريا الشمالية.
والأسبوع الماضي ندّدت وزارة الخارجية الروسية بسلوك "غير أخلاقي" و"تجديفي" للمملكة المتحدة تجاهها، وذلك بعدما قرّرت لندن عدم توجيه دعوة لروسيا لحضور الجنازة.
أما الصين، فستشارك في الجنازة، لكن السلطات البرلمانية البريطانية حظرت مشاركة اي من قادتها في إلقاء النظرة الأخيرة على نعش الملكة في قاعة وستمنستر.
وتم استدعاء أكثر من ألفي شرطي من مختلف أنحاء البلاد لمؤازرة شرطة لندن.
بعد الجنازة، سينقل نعش الملكة إليزابيث الثانية إلى كنيسة سانت جورج في قصر ويندسور في غرب لندن، حيث ستدفن في مراسم عائلية إلى جانب والدها الملك جورج السادس ووالدتها وزوجها فيليب.
وأشاد الابن الثاني للملكة الأمير أندرو الأحد بـ"معرفتها وحكمتها اللانهائية"، علما أنه يواجه فضيحة على خلفية صلاته بالملياردير الأميركي جيفري إبستين الذي دين باعتدائه على أطفال.
وأشادت كاميلا، عقيلة الملك تشارلز الثالث، بإليزابيث الثانية، وقالت "كانت لديها عينان زرقاوان رائعتان، وعندما تبتسم تُضيئان وجهها بالكامل".
وتابعت "كانت جزءا من حياتنا منذ أمد طويل. أبلغ حاليا 75 عاما ولا يسعني ان أتذكر أحدا ذا حضور غير الملكة".
وأضافت "لا بُدّ أنّه كان من الصعب جدا بالنسبة إليها أن تكون امرأة منفردة. لم تكن هناك نساءٌ رئيسات وزراء أو رئيسات. كانت هي الوحيدة، لذلك أعتقد أنها أدت دورها الخاص".