عبّرت منظمات غير حكومية وأفراد عن قلق الثلثاء حيال سلامة المتسلقة الإيرانية إلناز ركابي بعدما شاركت في بطولة رياضية في كوريا الجنوبية من دون حجاب، في خطوة رأى فيها البعض رسالة تضامن مع الاحتجاجات التي تقودها النساء في الجمهورية الإسلامية.
وفي أول تعليق لركابي البالغة من العمر 33 عاما منذ مشاركتها في بطولة آسيا للتسلّق في سيول الأحد، اعتذرت عبر حسابها على "انستغرام" عن "القلق" الذي تسببت به، وشدّدت على أن ظهورها سافرة كان "غير مقصود".
وأظهر بث تدفقي نشره الاتحاد الدولي لرياضة التسلق أن ركابي ظهرت في المباراة الأولى ورأسها مغطى بمنديل مشدود الى الوراء، ولكن في المنافسة التالية لتسلق جدار مرتفع بواسطة حبل، اكتفت بلفّ رأسها بعصبة تظهر كل شعرها المربوط الى الوراء، في مخالفة لقواعد الحجاب الإلزامية للنساء في إيران، والتي تُطبّق أيضا على الرياضيات المشاركات في مسابقات خارج البلاد.
ويأتي ذلك بعد شهر على احتجاجات في إيران أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني التي اعتقلت في طهران لمخالفتها قواعد اللباس. وتحولت التظاهرات إلى حركة مناهضة لإلزامية الحجاب وللجمهورية الإسلامية.
واعتبر مؤيدو التظاهرات ركابي "بطلة" ونشروا رسوما لها وهي تتسلّق حروف شعار التظاهرات "امرأة حياة حرية".
وكتبت سيدة الأعمال الإيرانية الأميركية أنوشه أنصاري التي قامت بسياحة في الفضاء في 2006، في تغريدة، "شابة إيرانية شجاعة! نحتاج لأن يقف العالم مع نساء إيران ويدين ما يجري هناك".
ولم يُسمع شيء من ركابي منذ المسابقة إلى أن نشرت صباح الثلثاء المنشور على حسابها الذي يتابعه أكثر من 200 ألف حساب.
ومما كتبته "أولا أعتذر لكل القلق الذي تسببت به"، مشيرة الى أنها لم تكن تتوقع أن يتم استدعاؤها لتتسلّق الجدار "في هذا التوقيت"، "فأصبح حجابي بشكل غير مقصود يطرح مشكلة".
وأضافت "أنا حاليا في طريقي إلى إيران مع الفريق بموجب الجدول الزمني المقرر مسبقا".
- ضغط في سيول؟ -
وتحدثت تقارير غير مؤكدة عن احتمال تعرضها لضغوط من جانب مسؤولين إيرانيين في كوريا الجنوبية.
ونقلت شبكة "بي بي سي" بالفارسية عن مصدر لم تسمّه قوله إن أصدقاء لم يتمكنوا من الاتصال بها، وإن الفريق غادر الفندق الإثنين قبل يومين على الموعد المقرر للمغادرة.
من ناحية أخرى، ذكر الموقع الإخباري "إيران واير" أن رئيس الاتحاد الإيراني للتسلق "خدعها" لدخول السفارة الإيرانية في سيول وأنه سيتم نقلها مباشرة بعد ذلك إلى المطار.
وقال الموقع إن رئيس الاتحاد وعدها بعبور آمن إلى إيران إذا سلمت هاتفها وجواز سفرها.
غير أن السفارة الإيرانية في سيول نفت في بيان "جميع الأخبار الزائفة والمزوّرة والمعلومات المضللة المتعلقة" بركابي، مضيفة أنها غادرت كوريا الجنوبية مع أفراد فريقها الثلثاء.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة رافينا شمسداني، إن الأمم المتحدة "تتابع عن كثب" القضية.
وصرحت في جنيف "لا ينبغي أبدا مقاضاة النساء على ما يرتدينه".
واعتبر موقع "إيران واير" أن بيان ركابي على إنستغرام "مشابه للاعترافات القسرية الشائعة في الجمهورية الإسلامية" التي يتهمها نشطاء بإكراه الناس على الإدلاء بها على التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي.
ونُقل البيان على نطاق واسع في وسائل الإعلام داخل إيران، بما فيها وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية (إسنا).
- كسر المحرمات -
ويعتقد أن ركابي هي ثاني لاعبة رياضية إيرانية شاركت في منافسة من دون حجاب بعد الملاكِمة صدف خادم التي ظهرت سافرة في مسابقة في فرنسا في 2019. ولم تعد خادم إلى إيران وتقيم حاليا في المنفى في فرنسا.
وخلال التظاهرات الأخيرة، عبّر العديد من الرياضيين والرياضيات عن تأييدهم لمطالب النساء. ولحق القمع ببعضهم.
فقد اعتقل الدولي السابق حسين ماهيني، فيما صودر جواز سفر اللاعب السابق علي دائي، أحد أبرز الأسماء في تاريخ المنتخب الوطني. وأعيد لدائي جواز سفره فيما أفرج عن ماهيني بكفالة، وفق تقارير.
ونشرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية التي تعكس آراء المحافظين، افتتاحية الثلثاء انتقد ركابي دون الإشارة إليها بالاسم.
وتساءلت لماذا لم تعر وسائل إعلام "غربية وصهيونية وسعودية" اهتماما للانتصارات التي حققتها النساء الإيرانيات المحجبات في الأيام الأخيرة في مسابقات ألعاب القوى ورفع الأثقال، وبدلا عن ذلك "سلطت الضوء على أداء فتاة سلوكها مخالف للتقاليد".