دخل مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) يومه الأخير، اليوم، إلّا أنّه قد يُمدَّد في حال استمرار الخلافات حول تمويل الأضرار، التي تتكبّدها الدول الفقيرة جرّاء التغيّر المناخيّ، رغم نداء وجهه الأمين العام للأمم المتحدة، للتوصّل إلى اتفاق طموح.
وشهد العام 2022 كوارث عدّة، مرتبطة بالتغيّر المناخيّ من فيضاناتٍ وموجات جفاف تؤثّر في المحاصيل، وحرائق واسعة.
ويهدف مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27)، الذي تنظّمه الأمم المتحدة في شرم الشيخ في مصر، إلى زيادة التزامات حوالي 200 دولة مشاركة في الحدّ من هذه الآفّة.
وإزاء هذه الكوارث، تطالب دول الجنوب خلال مؤتمر المناخ المنعقد في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، بالتوصّل إلى اتفاقٍ مبدئيّ لإنشاء صندوق مكرّس فقط لهذه الخسائر والأضرار.
في المقابل، وافقت دول الشمال التي تحفّظت لفترةٍ طويلة على فتح مفاوضاتٍ محدّدة حول هذه المسألة، في نهاية المطاف، على إدراجها رسمياً للمرّة الأولى على جدول أعمال (كوب 27)، إلّا أنّها تطالب بأن تستمر المباحثات فترة أطول.
وفي بادرة انفتاح، أكّد الاتحاد الأوروبيّ خلال جلسة عامة، مساء أمس، أنّه مستعدٌ لإنشاء صندوق استجابة للخسائر والأضرار فوراً، مع التشديد على أنّ المؤتمر يجب أن يأخذ التزاماتٍ قويّة بشأن خفض الانبعاثات. إلّا أنّه يجب أن يموّل من جانب قاعدة واسعة من المانحين، أي من دولٍ تملك قدرةً ماليّة على المساهمة، في إشارةٍ إلى الصين حليفة الدول النامية في هذا الملف.
وسيكون هذا الصندوق عنصراً من فيسفساء تمويلاتٍ مختلفة يجب تطويرها، على أن تستفيد منه الدول "الضعيفة جداً".
ووصف الممثّل الباكستانيّ الذي يتولّى رئاسة مجموعة (77+الصين) التي تضمّ أكثر من 130 دولة، الأمر بأنّه نبأ إيجابيّ، لكنّه شدّد على استمرار وجود اختلافات.
"إنكار للعدالة"
قالت وزيرة البيئة الباكستانيّة شيري رحمن متحدثةً باسم مجموعة (77+الصين) إنّ "تأخير إحقاق العدالة المناخيّة هو إنكارٌ للعدالة".
وأضافت رحمن أنّ "هذه الدول تريد إعلان نوايا سياسية بالحدّ الأدنى بشأن هذا الصندوق" .
وفي وقتٍ لاحق، أمس الخميس، عُرضت مسودّةُ قرار حول الخسائر و الأضرار، تضمّنت خياراتٍ عدّة أحدُها شبيهٌ جداً بالعرض الأوروبيّ.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إنّ "الوقت غير مناسبٍ لإلقاء اللّوم على بعضنا"، داعياً إلى تجاوز الانقسامات.
وتجري المفاوضات الماليّة في جوٍّ من التشكيك الكبير، إذ لم تفِ الدول الغنيّة بالتزامٍ قطعته العام 2009، بزيادة التمويلات للدول النامية، للتكيّف مع التغيّر المناخيّ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، إلى مئة مليار دولارٍ اعتباراً من 2020.
طموح وموثوق
وأكّد غوتيريس أنّ "من الواضح أنّ الثقة مفقودة بين دول الجنوب والشمال (..) والطريقة الأنجح لإعادة بناء الثقة، هي إيجاد اتفاقٍ طموح وموثوق، حول الخسائر والأضرار والدعم الماليّ للدول النامية".
وتتعثّر المفاوضات حول مسائلٍ مهمّة أخرى، لا سيّما زيادة خفض الانبعاثات المسؤولة عن الاحترار.
وستُنشر مشاريع قرارات جديدة، خلال الليل أو صباح اليوم، وقد تتواصل المفاوضات بعد الموعد المحدّد لاختتام المؤتمر عصر اليوم.
وسينظر عن كثب إلى طريقة ذكر مصادر الطاقة المتجدّدة وخفض الانبعاثات، وإعادة تأكيد أهداف اتفاق (باريس للمناخ).
نص اتفاق (باريس حول المناخ) المبرم العام 2015، على هدف حصر الاحترار دون الدرجتين مئويّتين، وإن أمكن بحدود 1,5 درجةٍ مئويّة، مقارنةً بمستويات ما قبل الثورة الصناعيّة.
وفيما كل عُشر من درجة مئويّة يؤدّي إلى كوارثٍ مناخيّة كثيرة، تعهّد الموقّعون على الاتفاق، العام الماضي خلال "كوب 26" في غلاسغو، إبقاء أكثر أهدافه طموحاً حيّة.
إلّا أنّ الالتزامات الحاليّة للدول المختلفة، لا تسمح بتاتاً بتحقيق هذا الهدف.
وتفيد الأمم المتحدة، بأنّها تسمح بأفضل الحالات بحصر الاحترار بـ2,4 درجة مئويّة في نهاية القرن الحاليّ.
ومع بلوغ الاحترار حوالى 1,2 درجة مئوية حتى الآن، شهدت السنة الحاليّة سلسلةَ كوارثٍ مرتبطة بالتغيّر المناخيّ، من فيضاناتٍ وموجات جفافٍ وحرٍّ أثّرت في المحاصيل، فضلاً عن حرائق ضخمة.