النهار

ماكرون وسانشيز يوقّعان "معاهدة صداقة وتعاون" في برشلونة
المصدر: أ ف ب
ماكرون وسانشيز يوقّعان "معاهدة صداقة وتعاون" في برشلونة
ماكرون (الى اليسار) وسانشيز يتصافحان بعد توقيع المعاهدة في برشلونة (19 ك2 2023، أ ف ب).
A+   A-
وقّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الخميس في برشلونة "معاهدة صداقة وتعاون" تدفع العلاقة بين البلدين إلى أعلى مستوياتها، في وقت تشهد العلاقة بين باريس وبرلين توترًا.

وبالأحرف الأولى، وقّع المسؤولان المعاهدة، التي تنصّ على تعزيز العلاقة الثنائية بين البلدين على صعيد الهجرة والدفاع والطاقة والشباب، تحت قبة المتحف الوطني للفنون في كاتالونيا.

ويعتبر قصر الإليزيه أن المعاهدة الفرنسية الإسبانية الجديدة "رمزية للغاية"، مشيرًا إلى أنها "معاهدة تأتي لوضع إطار أو هيكلة علاقة وثيقة بالأساس في جميع المجالات".

وهذه المعاهدة هي ثالث معاهدة من نوعها في أوروبا وتوقّعها فرنسا، بعد معاهدتين مع ألمانيا  هما "معاهدة الإليزيه" في العام 1963 و"معاهدة إيكس-لا-شابيل" (معاهدة آخن) في العام 2019،  ومعاهدة مع إيطاليا معروفة باسم "معاهدة كويرينالي" في العام 2021.

ولم توقّع إسبانيا من جهتها أي معاهدة على هذا المستوى إلّا مع البرتغال.

- إصلاحات نظام التقاعد -
وخلال وجود الرئيس الفرنسي طيلة يوم الخميس في إسبانيا، بدأت في فرنسا تظاهرات وإضرابات واسعة النطاق احتجاجًا على إصلاحاته لنظام التقاعد التي يفرض بموجبها رفع سن التقاعد من 62 عامًا إلى 64 عامًا.

وتسعى باريس إلى تثبيت وتعزيز علاقاتها مع جيران آخرين غير ألمانيا، خصوصًا في جنوب أوروبا، في وقت شاب المحرك الفرنسي الألماني للاتحاد الأوروبي بعض القصور.

وقال ماكرون في مقابلة مع صحيفة "إل باييس" الإسبانية "ما سنفعله في برشلونة مهم جدًا، لأن الحياة اللغوية والثقافية والاقتصادية (بين البلدين) كانت متقدمة جدًا على البنية الاساسية. لدينا علاقة صداقة حقيقية مع بيدرو سانشيز. والآن، سنعمل وضع إطار لها".

وشاب العلاقات بين باريس وبرلين توتر على مستويات مختلفة مؤخرًا، من الطاقة إلى الدفاع، ما أدّى إلى إرجاء اجتماع وزاري كان مقررًا نهاية تشرين الأول. وتراجع التوتر مذاك، على أن يُعقد الاجتماع في 22 كانون الثاني في باريس، بالتزامن مع الذكرى الستين لتوقيع "معاهدة الإليزيه".

- "نهج مشترك" في مواجهة خطة بايدن -
وبحسب الإليزيه، كان الرئيس الفرنسي يسعى إلى تكريس "نهج مشترك مع مدريد" بشأن الاستجابة الأوروبية لقانون خفض التضخم، وهو مشروع استثماري كبير في مجال تحول الطاقة قدّمه الرئيس الأميركي جو بايدن.

ونهاية تشرين الثاني، انتقد ماكرون في واشنطن الإعانات الضخمة المقدّمة للشركات الأميركية، معربا عن خشيته من تعريضها للخطر مشاريع أوروبا في مجال الطاقة النظيفة والانتعاش الصناعي.

لذلك، يسعى ماكرون إلى الدفع نحو تحرّك كبير من الاتحاد الأوروبي وقرارات سريعة لمنع انتقال الشركات الأوروبية التي تجذبها المساعدات الأميركية.

غير أن سانشيز لم يعتمد نبرة على هذا القدر من الحدة تجاه واشنطن.

فاكتفى الاثنين، في مقابلة في دافوس مع محطة "سي إن بي سي" الأميركية، بالقول إن على الاتحاد الأوروبي "القيام بواجباته" وإصلاح سياسته الخاصة بشأن المساعدات الحكومية من أجل توجيه رسالة إلى الشركات مفادها أن "أوروبا وإسبانيا بالطبع هما مكانان جيدّان" للاستثمار.

والخميس، قال ماكرون بعد توقيع الاتفاقية مع سانشيز، "كلانا ندرك أننا بحاجة للرد بطريقة استباقية جدًا" على خطة واشنطن الاستثمارية لتسريع انتقال الولايات المتحدة إلى الطاقة الخضراء.

ويأمل ماكرون في أن يضمّ، إلى حد ما، المستشار الألماني أولاف شولتس إلى صفّه. ويزور شولتس باريس الأحد في الذكرى الستين لـ"معاهدة الإليزيه" وللمشاركة في اجتماع حكومي فرنسي ألماني لمحاولة تسوية الخلافات بين أكبر قوتين أوروبيتين.

ويأتي توقيع المعاهدة الفرنسية الإسبانية بعد ثلاثة أشهر على استبدال مشروع "ميدكات"، الذي أُطلق عام 2003 لربط شبكتَي الغاز الفرنسية والإسبانية عبر جبال بيرينيه، بمشروع "H2Med" (هيدروجين المتوسط) الذي اتفقت عليه فرنسا وإسبانيا والبرتغال.

واختار سانشيز برشلونة كمدينة مضيفة لقمة ماكرون-سانشيز للتشديد على أهمية هذا المشروع الاستراتيجي ولكن أيضًا ليظهر أن الوضع قد هدأ في كاتالونيا التي شهدت محاولة انفصال في العام 2017.

لكن آلاف الانفصاليين الكاتالونيين تظاهروا صباح الخميس قرب مكان انعقاد القمة احتجاجًا، هاتفين "لا لفرنسا لا لإسبانيا".

وتعتزم مدريد التشديد خلال القمة على أهمية التحرك سريعا لإعادة فتح ثمانية معابر حدودية لا تزال مغلقة باسم محاربة السلطات الفرنسية للإرهاب والهجرة غير الشرعية.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium