النهار

ليست نهاية قصة... مركز ساخاروف مصمّم على الاستمرار بعد طرده من مقره في موسكو
المصدر: أ ف ب
ليست نهاية قصة... مركز ساخاروف مصمّم على الاستمرار بعد طرده من مقره في موسكو
داخل قاعة متحف ومركز أندريه ساخاروف في موسكو (14 نيسان 2023، أ ف ب).
A+   A-
إنها نهاية حقبة، لكنها ليست نهاية قصة. فبالرغم من إغلاق مركز ساخاروف، أحد ركائز الحياة الثقافية في موسكو، بعد إخراجه من مقره في سياق حملة القمع ضد أي صوت معارض في روسيا، يبقى فريقه مصمما على الاستمرار.

أمرت السلطات الروسية المركز الموجود منذ 27 عاما في مبنى قديم في العاصمة الروسية، بالمغادرة في نهاية نيسان، مع كل مقتنياته ولا سيما معرضه حول جرائم الحقبة السوفياتية.

وقال فالنتان أحد آخر زوّاره بمرارة مفضلا عدم كشف اسمه "نادرا ما نشهد موت متحف... إذا أُعيد إحياؤه يوما، فسيكون ذلك حكما في حقبة مختلفة".
 
أ ف ب
فتح المركز القائم قرب ساحة فيها قسم من جدار برلين، في العام 1996 لتخليد إنجازات عالم الفيزياء المعارض والمدافع عن حقوق الإنسان أندريه (1921-1989).

غير أن الحرب على أوكرانيا تقترن داخل روسيا بحملة مكثفة لسحق آخر منتقدي الكرملين، كان مركز ساخاروف من آخر ضحاياها.

صنف المركز منذ 2014 "عميلا أجنبيا" بموجب قانون شدد الرقابة وصعد التهديد لحرية التعبير، وتحتم عليه مغادرة المبنى الذي وضعته بلدية موسكو في تصرفه مجانا منذ إنشائه، إذ يحظر القانون على "العملاء الأجانب" الحصول على مساعدات حكومية.

واستضاف المركز منذ حوالى ثلاثة عقود مئات المناقشات والفعاليات الثقافية. وتجمع آلاف الأشخاص فيه عام 2015 أمام نعش المعارض بوريس نيمتسوف بعد اغتياله.

- "عبقريّ وبطل" -
شهدت وكالة فرانس برس آخر مراحل انتقال المنظمة من مقرها. قام الموظفون بتوضيب عشرات المقالات التي كانت تشكل المعرض الدائم حول أعمال القمع السوفياتية في المبنى الرئيسي للمركز.

واستضافت قاعة أخرى متاخمة للمبنى الرئيسي معرضا موقتا عن حياة زوجة أندريه ساخاروف الثانية الناشطة إيلينا بونر.

قالت سفيتلانا غابدولينا، أستاذة اللغة الإنكليزية التي جاءت لزيارة المعرض بتأثر شديد "من المهم للغاية أن نعرف أن هناك أشخاصا يريدون العيش في عالم طبيعي حيث لدينا حقوق وحيث يدافع أحد عنّا".

وأضافت "بإمكان الروس أن يكونوا أذكياء ومتحضرين وأن يقدموا إسهاما مهما في هذا العالم".

اكتشف أليكسي فرولوف (19 عاما) شخصية أندريه ساخاروف بفضل عائلته وكلية الفيزياء التي يدرس فيها، وهو يعتبره "عبقريا وبطلا"، رجلا "مضى حتى النهاية وبقي وفيا لمبادئه".

وأطلق اسم ساخاروف الذي يعتبر أحد آباء القنبلة الذرية السوفياتية، على شوارع ونصب، لكن لا يعرف إن كانت ستحتفظ باسمه في المستقبل.

- متحف افتراضي؟ -
وسيتم جمع مقتنيات المركز في مستودع حيث تبقى متاحة للباحثين، على أمل افتتاح مكتب جديد مستقبلا.

وأوضح المدير سيرغي لوكاشيفسكي المقيم في المنفى في ألمانيا، أن فرقه أنجزت صورا للمتحف قبل تفكيكه، تحسبا لإنشاء متحف افتراضي ربما في المستقبل.

وراى لوكاشيفسكي أنه من "المستحيل" حاليا في روسيا إعادة إنشاء متحف حول الجرائم السوفياتية. وقال لفرانس برس "سيعرضنا هذا فورا لضربات".

ويبقى أي مشروع جديد رهنا بتوفير الإمكانات المادية له، إذ يتحتم على المركز دفع غرامة فادحة لاتهامه بارتكاب "انتهاكات" لوضعه كـ"عميل أجنبي"، كما بسبب عملية "تحقق" باشرتها وزارة العدل في نيسان.

وقد يقود هذا "التحقق" إلى "حل" جمعية مركز ساخاروف بحسب لوكاشفسكي. لكنه يؤكد أنه حتى في هذه الحالة، سوف يعاد تشكيل المنظمة غير الحكومية على شكل "جمعية".

تجمع حوالى مئة شخص مساء الأحد للمشاركة في إغلاق المعرض الموقت، آخر حدث كبير نظمه المركز قبل ترك مقره، وتخللت المراسم كلمات ألقاها بعض وجوه مجتمع مدني عانى من القمع.

وقال إيان راتشينسكي أحد قادة منظمة "ميموريال"، ركيزة الكفاح من أجل حقوق الإنسان الحائزة جائزة نوبل للسلام والتي تم حلها في نهاية 2021 "المكان يزول، لكن الناس يبقون".

وأكدت المعارضة يوليا غاليامينا "لا يمكن قتل التواصل البشري".

وألقت الشاعرة إيلينا سانيكوفا بعض الأبيات، فقالت "الطغاة يقاتلون الحقيقة، لكن قوتهم عاجزه حيالها. داود ينتصر على جالوت، والليل ينتهي دائما بطرف النهار".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium