احتج عشرات الجورجيين، الجمعة، أمام مطار العاصمة تبليسي مع وصول طائرة ركاب روسية إلى هذا البلد الواقع في منطقة القوقاز للمرة الأولى منذ 2019.
تتزايد المشاعر المناهضة لروسيا في جورجيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق. وقد اجتاحت روسيا هذا البلد في 2008 بعد سنوات من التوتر بسبب تطلعات تبليسي الأوروبية.
يأتي استئناف حركة الطيران فيما دخل الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الثاني حيث الغت معظم الشركات الغربية رحلاتها الى روسيا.
وقال مراسل وكالة فرانس برس في مطار تبليسي إن الطائرة التي تديرها شركة "أزيموت ايرلاينز" Azimuth Airlines، حطّت في تبليسي في الساعة 13,17 بالتوقيت المحلي (9,17 بتوقيت غرينتش). ومن المرتقب أن تقلع طائرة تابعة للخطوط الجوية الجورجية الى موسكو السبت.
وكتبت رئيسة جورجيا الموالية للغرب سالومي زورابيشفيلي على تويتر "رغم معارضة الشعب الجورجي، هبطت روسيا برحلتها غير المرحب بها في تبليسي".
تجمع المتظاهرون الذين حملوا أعلاما جورجية وأوكرانية أمام المطار.
وكتب على لافتة رفعت "لستم موضع ترحيب" وعلى أخرى "روسيا دولة إرهابية".
وقالت إحدى المتظاهرات وتدعى لانا غفينجيليا (49 عاما) وهي ناشطة حقوقية إن استئناف الرحلات المنتظمة مع روسيا "يعني أن حكومتنا تتعاون مع الكرملين".
وأضافت "هذا وضع مذل للجورجيين الذين يقفون الى جانب أوكرانيا ولن يتسامحوا مع هذا الوضع".
- "خيانة" -
وكانت روسيا حظرت الطيران مع جورجيا ردا على تظاهرات مناهضة لموسكو في تبليسي في 2019.
لكن في خطوة مفاجئة الأسبوع الماضي، رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الحظر، في قرار احتج عليه المئات في جورجيا.
وبالإضافة إلى استئناف الرحلات، أعلنت روسيا الغاء نظام التأشيرات مع جورجيا. وبموجب مرسوم رئاسي، سيتمكن المواطنون الجورجيون، اعتباراً من 15 أيار، من دخول روسيا والإقامة فيها بدون تأشيرة لمدة تقل عن 90 يومًا، باستثناء الإقامات لأسباب مهنية.
وأوقفت الشرطة المنتشرة في المكان ستة متظاهرين على الأقل، بحسب إيلين خشتاريا زعيمة حزب "دروا" المعارض الذي دعا إلى التظاهر ضد هذه الخطوة.
وقالت المعارضة ايلين خشتاريا لوكالة فرانس برس "لن نسمح لهم بالعمل في جورجيا" معتبرةً أن حزب "الحلم الجورجي" الحاكم يرتكب "خيانة".
هذا الحزب الذي يشدد على التزامه طلب عضوية البلاد الى الاتحاد الاوروبي، صعد في الآونة الأخيرة خطابه المناهض لبروكسل.
تواجه الحكومة اتهامات متزايدة بالتعاون بشكل ضمني مع الكرملين بعد سنوات من التوتر لكنها تشدد على أنها بحاجة للحفاظ على علاقات اقتصادية مع روسيا.
من جهته، رحب رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي غاريباتشفيلي باستئناف الرحلات الجوية معتبرا انه قرار "إيجابي" من قبل بوتين.
- سلوك انفصام -
وأشار الى أن الشركات والطائرات الروسية المعفاة من العقوبات الغربية فقط يحق لها العمل في جورجيا. وأكد أن "الأمر يتعلق فقط بعلاقات اقتصادية وتجارية". وأضاف ان روسيا جمعت السنة الماضية حوالى 300 مليار دولار من التجارة مع الاتحاد الاوروبي.
قدمت جورجيا طلب انضمامها الى الاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا ومولدافيا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022.
في حزيران، منح قادة الاتحاد الأوروبي وضع مرشح رسمي الى كييف وكيشيناو لكنهم حضوا تبليسي على إصلاح نظامي القضاء والانتخابات وتحسين حرية التعبير وكبح سلطة رجال الأعمال النافذين.
يتهم البعض حكومة غاريباتشفيلي بتقويض طلب انضمام جورجيا والتساهل في التعامل مع الكرملين.
واعتبر المحلل السياسي جيا نوديا أنه "منذ بداية الحرب في أوكرانيا، كان سلوك الحكومة الجورجية يشكل انفصاما".
وأوضح "يقولون إنهم يريدون الانضمام الى أوروبا وفي الوقت نفسه موقفهم تجاه أوروبا خلافي".
ورفض غاريباشفيلي هذه التصريحات واصفا إياها بأنها "إهانة للشعب الجورجي".
وقال إن موقف حكومته من روسيا أعد من خلال "الصبر الاستراتيجي والسياسة البراغماتية".
بين المتظاهرين في المطار المحامية لاشا تكيشيلادزه (29 عاما) التي قالت إن استئناف الرحلات "غير مقبول على الإطلاق".
وأضافت "نريد أن نكون في الاتحاد الأوروبي وليس تحت حكم روسيا، لهذا السبب نحن نتظاهر هنا اليوم".
وجرت حرب خاطفة بين جورجيا، إحدى الجمهوريات السوفياتية السابقة في القوقاز، وروسيا في العام 2008، أدت إلى اعتراف موسكو باستقلال جمهوريتين انفصاليتين مواليتين لروسيا، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا اللتان انفصلتا عن جورجيا في عام 1992.