النهار

إثيوبيا: خطوة نحو مفاوضات تشوبها عقبات لحل النزاع في تيغراي
المصدر: أ ف ب
إثيوبيا: خطوة نحو مفاوضات تشوبها عقبات لحل النزاع في تيغراي
أحمد خلال جلسة في البرلمان في أديس أبابا (14 حزيران 2022، أ ف ب).
A+   A-
للمرة الأولى منذ بدء النزاع في تيغراي قبل 19 شهرًا، مهّد رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد الطريق علنًا أمام إجراء مفاوضات.

واضطر أحمد للقيام بذلك نظرًا إلى الظروف الأمنية والاقتصادية والإنسانية في إثيوبيا، مع المخاطرة بإثارة عداء حلفائه السابقين.

- الوضع الراهن في تيغراي -
توقف إطلاق النار في تيغراي منذ الهدنة المعلنة في آذار. وتدرك الحكومة ومتمردو جبهة تحرير شعب تيغراي أن تحقيق انتصار عسكري مستحيل لكن الوضع الراهن لا يناسب أحدًا.

وقال بن هانتر، محلل شؤون شرق أفريقيا في شركة "فيريسك ميبلكروفت" البريطانية للاستشارات المتعلّقة بتقييم الأخطار، لوكالة فرانس برس إن عملية التفاوض هذه هي "نتيجة أشهر طويلة من المأزق الذي لم يترك لأي من الطرفين خيارا مرضيا".

من جانب جبهة تحرير شعب تيغراي، فإن الوضع الإنساني الكارثي في تيغراي "بحد ذاته يجعل (الوضع الراهن) غير قابل للاستمرار"، وفق ما اوضح لوكالة فرانس برس أويت ويلدمايكل، الخبير في شؤون القرن الأفريقي في جامعة كوينز (كندا).

واستؤنفت القوافل الإنسانية إلى تيغراي منذ نيسان، لكن المساعدات المقدمة، بحسب الأمم المتحدة، غير كافية، والمنطقة التي استعادتها جبهة تحرير شعب تيغراي خلال العام 2021، ما زالت محرومة من الكهرباء والاتصالات والخدمات المصرفية والوقود. 

ويتعرض أبيي لضغوط ديبلوماسية شديدة، لا سيما من الولايات المتحدة - حيث يجري النظر في مشروعين للعقوبات - في ظل أزمة اقتصادية خانقة وأزمة غذائية خطيرة، ناجمة خصوصًا عن إحدى أسوأ موجات الجفاف التي شهدتها البلاد في التاريخ الحديث، تجعل من المساعدة الدولية أمرًا حيويًا.

- تضخم وجبهات جديدة -
سجّل التضخم رقمًا قياسيًا جديدًا في أيار (37,2 %، و43,9 % للسلع الغذائية وحدها)، بينما ينفد الاحتياطي من العملات الأجنبية. 

وأشار أويت ويلدمايكل إلى "أن الحرب هي في قلب الكارثة الاقتصادية الحالية" مع الكلفة الحقيقية وفقدان الإنتاجية و"تردد العديد من الشركاء الدوليين (...) في ضخ العملات التي تحتاج إليها البلاد، في ظل اقتصاد دمرته الحرب".

ويواجه أبيي جبهات جديدة ايضًا.

واعتبر بن هانتر أن "هامش المناورة المتاحة أمام أبيي يتقلص بسبب تصاعد النزاع في أورومو" التي ينحدر منها، وهي الأكثر اكتظاظًا بالسكان والأكبر في البلاد. 

ويحاول الجيش وقف تجدد نشاط جيش تحرير أورومو الذي تصنفه الحكومة وحلفاؤها "منظمة إرهابية" منذ العام الماضي مع جبهة تحرير شعب تيغراي.

وبمهاجمة عاصمة منطقة غامبيلا، المتاخمة لأورومو، الثلثاء، أظهر جيش تحرير أورومو "قدرته على مهاجمة مركز إداري إقليمي" في سابقة تدل على "تصعيد واضح"، بحسب بن هانتر.

- استياء الحلفاء في أمهرة -
يواجه رئيس الوزراء أيضًا استياءً متزايدًا في أمهرة، ثاني أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان والواقعة على حدود تيغراي.

ولا تنظر ميليشيا فانو المحلية التي ساندت الجيش الفدرالي في تيغراي والقوات الخاصة لأمهرة، بعين الرضا إلى عزوف رئيس الوزراء عن سحق جبهة تحرير شعب تيغراي، وتعتبران أنه يريد الآن تحقيق السلام على حسابهما. 

وقال تيودروز تيرفي، أحد مؤسسي جمعية أمهرة الأميركية ومقرها الولايات المتحدة، لوكالة فرانس برس إن "المفاوضات الجارية في الكواليس (...) بين جبهة تحرير شعب تيغراي وأبيي لا تأخذ في الحسبان (...) مخاوف قوميي أمهرة".

وتنبع المخاوف الرئيسية من منطقتي ولكيت ورايا اللتين تطالب بها أمهرة منذ ضمتهما جبهة تحرير شعب تيغراي عندما استولت على السلطة عام 1991.

ونبّه إلى أن هاتين المنطقتين اللتين أصبحتا تحت سيطرة أمهرة بفضل النزاع تشكلان "خطًا أحمر لقوميي أمهرة" وأن ميليشيا فانو مستعدة ل"محاربة" أبيي إذا تم تجاوزه، بينما تشترط جبهة تحرير شعب تيغراي العودة إلى الوضع السائد قبل النزاع لأي حل للأزمة. 

ويفسر هذا الاستياء في أمهرة، على حد قوله، تنفيذ آلاف عمليات التوقيف منذ منتصف أيار في المنطقة، منشقون ومجرمون، بحسب الحكومة، "أصوات مختلفة"، مثل عناصر من ميليشيا فانو أو معارضين أو صحافيين أو جامعيين، بحسب تيرفي.

- تحديات أبيي -
ويشكّل إرضاء جبهة تحرير شعب تيغراي دون إغضاب حلفائه أو تهديد سلطته فجوة كبيرة بالنسبة إلى أبيي.

واعتبرت جبهة تحرير شعب تيغراي أن منطقة غرب تيغراي التي تحتلها حاليا القوات الإريترية وقوات أمهرة "جزء غير قابل للتفاوض من تيغراي".

إلا أن أبيي "سيواجه صعوبة في إقناع قوميي أمهرة بالتخلي عن السيطرة على غرب تيغراي لأنهم يعتقدون أنها تاريخيًا أرض أمهرة"، كما أكد بن هانتر. 

ويهدد منح جبهة تحرير شعب تيغراي الاستقلال السياسي الواسع الذي تطالب به بإثارة مطالب مماثلة من مناطق أخرى وإضعاف سلطة أبيي.

أما بالنسبة إلى إريتريا، العدو التاريخي لجبهة تحرير شعب تيغراي وحليف أديس أبابا في تيغراي، يرى بن هانتر أن رئيسها "أسياس أفورقي يريد هزيمة تيغراي عسكريًا مع إضعاف إثيوبيا وسيحاول إبقاء النار مشتعلة".

وأشار ويلدمايكل إلى أن "أبيي يواجه الأخطار نفسها التي يواجهها أي شخص يبدأ نزاعًا مع فريق، لكنه يحاول بعد ذلك من جانب واحد تحقيق السلام مع الخصم".

واعتبر "أنه سيكون من الأفضل إذا حاول إقناع جميع حلفائه بالتفاوض مع جبهة تحرير شعب تيغراي، بدلًا من الذهاب بمفرده".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium