النهار

انتخابات فرنسا التشريعيّة: هل يحصل ماكرون على "أغلبية برلمانية مريحة"؟
المصدر: "أ ف ب" - "رويترز"
انتخابات فرنسا التشريعيّة: هل يحصل ماكرون على "أغلبية برلمانية مريحة"؟
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الإدلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية الفرنسية، في مركز اقتراع في لوتوكيه بشمال فرنسا (12 حزيران 2022 - أ ف ب).
A+   A-
يتوجّه الفرنسيون إلى مراكز الاقتراع اليوم، في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعيّة التي ستحدّد نتائجها هامش التحرّك المتاح أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السنوات الخمس المقبلة، في مواجهة يسار موحّد الصفوف ومستعدّ للمواجهة.

دُعي نحو 48 مليون ناخب إلى التصويت في خضم موجة حرّ تضرب فرنسا، لكنّ الامتناع كما في الدورة الأولى، يتوقع أن يكون كثيفاً على ما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي. وكان أكثر من 50 في المئة من الناخبين قاطعوا الانتخابات في الدورة الأولى في 12 حزيران.

بدأت الانتخابات السبت في مقاطعات ما وراء البحار وأميركا الشمالية خصوصاً. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم عند الساعة السادسة بتوقيت غرينتش، على أن تُغلق عند الساعة 16,00 بتوقيت غرينتش، باستثناء المدن الكبرى حيث سيستمر التصويت حتى الساعة 18,00 بتوقيت غرينتش. وعند الاغلاق ستُنشر أولى تقديرات النتائج.
 
(أ ف ب)
 

وفيما يتوقّع أن تشهد الانتخابات منافسة قويّة، لن يُعرف التوزيع المحدّد للمقاعد في الجمعيّة الوطنيّة وما إذا كان الرئيس ماكرون سيحصل على الغالبية المطلقة، قبل حلول الليل.

وأظهرت نتائج آخر استطلاعات الرأي الجمعة أنّ الائتلاف الوسطيّ "معاً!" بقيادة الرئيس الفرنسي سيفوز من دون أن يكون مؤكّداً حصوله على الغالبيّة المطلقة أي 289 نائباً من أصل 577 في الجمعيّة الوطنيّة، وهو عتبة لا بدّ منها لإنجاز سياسته والإصلاحات المُعلنة.

وفي حال حصول ماكرون على غالبيّة نسبيّة، سيضطرّ إلى البحث عن دعم ضمن كتل سياسية أخرى لتمرير مشاريع القوانين التي يقترحها.

في الدورة الأولى حلّت الغالبيّة الحاليّة في المرتبة الأولى مع حصولها على 26 في المئة من الأصوات مسجّلة نتيجة متقاربة جدّاً مع تحالف اليسار (نوبس) بقيادة جان لو ميلانشون. ونجح الأخير في رهانه جمع شمل الاشتراكيين والمدافعين عن البيئة والشيوعيّين وحركته "فرنسا الأبيّة" التي تنتمي إلى اليسار الراديكاليّ.
 
(أ ف ب)
 

وفي المرحلة الأخيرة قبل الاقتراع، سعى ماكرون الذي زار كييف للمرة الأولى الخميس إلى التشديد على أهمية الرهان بقوله إنّ النزاع في أوكرانيا يؤثّر على حياة الفرنسيّين اليوميّة، مشدّداً على "الحاجة إلى فرنسا أوروبيّة فعلاً يمكنها الحديث بصوت واضح".

وتحدّث عن التهديد الذي يشكّله "المتطرّفون" الذين إن فازوا في الانتخابات، سيزرعون "الفوضى" في فرنسا متهما إياهم أيضاً بالعزم على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.


وزن اليمين المتطرّف
يضع هذا الاقتراع حدّاً لسلسلة انتخابات طويلة شهدتها فرنسا، ظهّرت مشهداً سياسيًاً جديداً في البلاد حول ثلاث كتل رئيسيّة على حساب الأحزاب التقلدية، كان قد بدأ يرتسم مع انتخاب ماكرون رئيساً في 2017.

وتوجّه الفرنسيّون إلى صناديق الاقتراع ما لا يقلّ عن أربع مرات في غضون سنتين في أجواء توتّر بسبب أزمات متتالية لا سيما جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا والتضخم والتهديدات التي تحدق بالاقتصاد.

ويتمثل الرهان بالنسبة لليسار الموحد الصفوف للمرة الأولى منذ عقود، بفرض حكومة تعايش على الرئيس الفرنسيّ، إلّا أنّ مخزون الأصوات الذي يحظى بها أقلّ ممّا يملكه الائتلاف الرئاسيّ.
 
(أ ف ب)
 

وفي حين لا يأمل اليسار بتحقيق الغالبيّة، إلّا أنّه ضمن من الآن بشكل شبه مؤكّد أن يكون كتلة المعارضة الرئيسيّة في الجمعيّة، وهو دور كان يتولّاه اليمين.

أمّا الرهان الثاني في انتخابات اليوم، وقد يكون العبرة الرئيسيّة لهذه السلسلة الانتحابية الطويلة، فهو بروز اليمين المتطرّف بعد أكثر بقيادة مارين لوبن التي بلغت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة.

ويأمل حزبها "التجمّع الوطنيّ" الحصول على 15 نائباً لتشكيل كتلة في الجمعيّة الوطنيّة. وفي حال تحقّق ذلك، ستكون المرّة الثانية فقط التي يتمكّن فيها الحزب من تشكيل كتلة في تاريخه نظراً إلى أنّ الاقتراع بالغالبة بدورتَين لا يصبّ بمصلحته.

و"التجمّع الوطنيّ" هو الحزب الوحيد الذي حقّق مكاسب بشكل فرديّ على صعيد الأصوات منذ الانتخابات التشريعيّة الأخيرة في 2017. أمّا اليمين التقليديّ فيعوّل على الحصول على ستّين نائباً تقريباً. وللمفارقة، قد يؤمن له ذلك تولّي دور الحكم في الجمعيّة الوطنيّة المقبلة.

ويضع وزراء عدّة من بينهم كليمان بون (الشؤون الأوروبيّة) وأميلي مونشالان (التحول البيئيّ) مستقبلهم السياسيّ على المحكّ في معارك محتدمة في منطقة باريس. 
 
(أ ف ب)
 
وأظهرت أولى النتائج الواردة من مقاطعات ما وراء البحار خسارة سكرتيرة الدولة لشؤون البحار جوستين بينان في غوادلوب أمام مرشح اليسار كريستيان باتيست، وبات بقاؤها في الحكومة غير مؤكّد، فيما يُنتظر حصول تعديل وزاريّ واسع نسبيّاً بعد الانتخابات.
 
 
"أغلبيّة برلمانيّة مريحة"؟
يريد ماكرون رفع سنّ التقاعد ومواصلة أجندته المؤيّدة للأعمال التجاريّة وتعزيز الاندماج في الاتحاد الأوروبيّ.
 
وجرت العادة أنّه بعد انتخاب الرئيس، يستخدم الناخبون الفرنسيّون الانتخابات التشريعيّة التي تلي ذلك بأسابيع قليلة لمنح الرئيس أغلبيّة برلمانيّة مريحة، وكان الرئيس الراحل فرانسوا ميتران هو الاستثناء النادر لهذا الأمر في عام 1988.
 
وفيما لا يزال بإمكان ماكرون وحلفائه تحقيق ذلك، يمثّل اليسار المتجدّد تحدّياً صعباً، إذ إنّ التضخّم المتفشّي الذي يرفع تكلفة المعيشة يرسل موجات صادمة عبر المشهد السياسيّ الفرنسيّ.
 
وقال مسؤولون في تلك الأحزاب إنّه إذا لم يحقّق ماكرون وحلفاؤه أغلبية مطلقة بفارق قليل من المقاعد، فقد يميلون إلى استمالة نواب من يمين الوسط أو من المحافظين.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium