لا يبدو بلوغ الرئيس الأميركي جو بايدن سنّ الثمانين غداً أمراً غير مألوف في صفوف طبقة سياسية أميركية تندر فيها الوجوه الشابة إلى حدّ تسميتها بسلطة المسنّين.
تبلغ رئيسة مجلس النواب المنتهية ولايتها نانسي بيلوسي 82 عاماً. وفي مجلس الشيوخ، لا تقلّ الأعمار عن ذلك إلى حدّ كبير، إذ يحتفل زعيم الأكثرية الديموقراطية تشاك شومر قريباً بعيد ميلاده الثاني والسبعين. ويبلغ زعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل 80 عاماً.
ولكن قد تصل بعض الوجوه الشابة نسبياً. فقد عَدَلَت نانسي بيلوسي الخميس عن الترشّح لولاية جديدة كرئيسة لمجلس النواب، قائلة إنّها تُريد إفساح المجال "لجيل جديد". وكذلك فعل الزعيمان الديموقراطيان في مجلس النواب جيمس كليبرن (82 عاماً) وستيني هوير (83 عاماً).
وفيما لم يختر أحد آخر التخلّي عن مقعده، يبدو حكيم جيفريز الذي يُرجّح أن يخلف بيلوسي، شاباً في صفوف الكونغرس ويبلغ 52 عاماً. وهو أصغر من بعض زملائه بنحو 35 عاماً ومنهم الجمهوري تشاك غراسلي البالغ 89 عاماً، والذي فاز للتو بولاية ثامنة في مجلس الشيوخ، وقد بدأ حياته السياسية في العام 1959 في عهد الرئيس الراحل دوايت أيزنهاور.
أما السناتور ريتشارد شيلبي (88 عاماً) فولد قبل عام من اختراع البيرة المعلّبة. وسيتقاعد في نهاية العام. وأثار وضع السناتورة ديان فاينشتاين (89 عاماً) الجدل مؤخراً بشأن العمر الذي يجب أن يتخلى فيه المسؤولون المنتخبون عن مناصبهم.
ويُثير تدهور القدرات المعرفية الواضح لهذه الشخصية المحترمة، الشكّ في قدرتها على أداء مهامها.
كبار السنّ
لا تُعرف هوية الكونغرس الجديد بالكامل بعد، إذ لم ينتهِ فرز كلّ بطاقات الاقتراع. لكن الكونغرس السابق لم يكن شاباً وسجّل متوسط أعمار من الأعلى في التاريخ (58 عاماً في مجلس النواب، و64 عاماً في مجلس الشيوخ).
وستصل بعض الوجوه الجديدة إلى البرلمان إثر انتخابات التجديد النصفي الأخيرة. مثلاً، سيكون الديموقراطي ماكسويل فروست (25 عاماً) أول ممثل لـ "جيل زد" (المولود بين عامي 1996 و2010)، وينوي الدفاع عن مصالح جيله.
وعبّر لوكالة "فرانس برس" في تشرين الأول عن انزعاجه بسبب بعض الصور النمطية المُرتبطة بجيله الذي يُعتبر غير صبور، وقال: "من المهمّ أن يعكس الحكم صورة البلاد". وأضاف: "أقول إنّنا نعرف ماذا نُريد". وسينضمّ إلى شباب وشابات يتمتعون بالتصميم في الكابيتول.
ومن أشهر هذه الشخصيات، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز (30 عاماً)، وهي محبوبة من معظم الديموقراطيّين اليساريّين وتثير غضب المحافظين.
ولكن لا يمثّل الشباب المنتخبون سوى قلّة بين كبار السن الذين يشغلون المناصب العليا في الكونغرس.
سقف للمنتخَبين
يعتقد نحو ثلاثة أرباع الأميركيّين أنه ينبغي فرض سقف لسنّ المسؤولين المنتخَبين، وفق استطلاع أجرته شبكة "سي بي إس نيوز" ونُشر في أيلول.
وتطابقت الآراء بين ديموقراطيّين وجمهوريّين، وأشخاص في سنّ الشباب أو في الستينات من العمر، ما شكّل علامة وحدة نادرة في بلد تنتشر فيه الانقسامات.
في الإطار، قال الباحث في العلوم السياسية في جامعة كولورادو-بولدر، ديمون روبرتس "يبدو أنّ الناس يؤيّدون وجود ممثّلين أصغر سنّاً" لكنهم "ليسوا مستعدّين لترجمة هذه الإرادة أثناء التصويت".
وأشار إلى أنّ الناخبين يأخذون الأصل العرقي أو الجنس في الاعتبار أكثر من العمر عندما يدلون بأصواتهم في صناديق الاقتراع.
وقد تُفسّر عوامل أخرى الميل لانتخاب مرشحين تجاوزوا سنّ التقاعد. فهناك عوائق مؤسسية: يجب بلوغ سنّ الخامسة والعشرين للانضمام إلى مجلس النواب، و30 عاماً على الأقلّ لدخول مجلس الشيوخ، و35 عاماً على الأقلّ لقيادة البيت الأبيض.
ويرى الأميركيون عموماً أنّ المرشحين الأصغر سنّاً "أقلّ كفاءةً" و"أقلّ خبرةً" و"أكثر تطرّفاً أيديولوجياً" من الأكبر سنّاً، وفق ديمون روبرتس.
وفي العام 1984، استعان الرئيس رونالد ريغان بهذه الحجج في مواجهة مرشّح أصغر سنّاً خلال حملة لإعادة انتخابه.
وأثناء مناظرة، قال أحد الصحافيّين لريغان إنّه الرئيس الأكبر سنّاً في الولايات المتحدة، فردّ الرئيس الجمهوري الأسبق على الانتقاد قائلاً: "لن أضع العمر في محور الحملة. لا أريد أن أستخدم صغر سنّ خصمي وقلّة خبرته لتحقيق أغراض سياسية".
ولم يمضِ أسبوعان حتّى حقّق ريغان فوزاً كبيراً في الانتخابات وعاد إلى البيت الأبيض.